تونس - الصباح: في خضم عروض وفعاليات الدورة (13) المنقضية لأيام قرطاج المسرحية التي انتظمت خلال اواخر شهر نوفمبر وبداية شهر ديسمبر من سنة 2007.. أثرنا على أعمدة هذه الصفحة مسألة غياب الفرقة البلدية (فرقة مدينة تونس للمسرح) بوصفها أعرق الفرق المسرحية التونسية - على الاطلاق - عن المشاركة في عروض هذه التظاهرة المسرحية الدولية التي تحتضنها بلادنا معتبرين ذلك من باب المفارقات العجيبة. وما من شك في أن كل الذين يدركون جيدا أهمية الفرقة البلدية ودورها التاريخي في التأسيس لحركة مسرحية تونسية وطنية تعمل على الترويج لثقافة الفرجة ولفن المسرح خاصة في أوساط عموم التونسيين يوافقوننا فيما ذهبنا اليه... اذ كيف يعقل ان يشاهد المتابع - مثلا -- من بين ما يشاهد ضمن عوض الدورة (13) المنقضية من تظاهرة «ايام قرطاج المسرحية» عروضا مسرحية قادمة من بعض البلدان العربية تبدو جد بدائية وسخيفة في تصورها الفني وفي خطابها الدرامي ولا يشاهد عملا مسرحيا لفرقة مدينة تونس «الفرقة البلدية)؟! افالى هذا الحد تكون هذه الفرقة التونسية العريقة قد أضاعت مجدها... أم ان هناك من يسعى ويعمل على تهميشها؟ تاريخ كبير بعيدا، عن أية تفاسير تامرية للظاهرة ودون العودة كثيرا الى الماضي الغني لهذه الفرقة المسرحية التونسية العريقة نقول ان «الفرقة البلدية» ظلت لسنوات طوال تعتبر القاطرة التي «تجر» بل وتتقدم بالحركة المسرحية في بلادنا نحو محطات فنية وابداعية متقدمة بمقاييس زمانها (فترة علي بن عياد - على سبيل الذكر) وذلك قبل ان يأتي عليها زمان شهدت فيه انكماشا وتقوقعا جعلها تفقد - نسبيا - مكانتها في المشهد المسرحي الوطني مقابل بروز مجموعات مسرحية رفعت شعار «التجديد» على مستوى الخطاب والشكل في العرض المسرحي (فرقة المسرح الجديد - على سبيل الذكر).. ولكن هذا لم يكن يعني - اطلاقا - أن «الفرقة البلدية» اعلنت بالمقابل «استقالتها» وأنها لم تعد حاضرة و«فاعلة» ضمن المشهد المسرحي في بلادنا... فقد تداول تباعا على ادارة هذه الفرقة فنانون مسرحيون تونسيون حاولوا «إثراء» الرصيد الابداعي للفرقة البلدية بانتاجات واعمال مسرحية مختلفة في توجهاتها فنيا ودراميا... من بين هؤلاء نذكر الفنان المسرحي المنصف السويسي والفنان المسرحي محمد كوكة والفنان المسرحي البشير الدريسي وغيرهم.. على ان مجموع هذه المحاولات والاجتهادات بدت وكأنها لم تشفع للفرقة البلدية... فقد ظل بريق هذه الفرقة يخفت تدريجيا ولم تعد انتاجاتها واعمالها الجديدة قادرة على استقطاب الجمهور... لذلك ربما «لجأت» مديرتها الحالية الفنانة منى نور الدين وبسذاجة! الى الاشتغال على مسرحيات قديمة ناجحة سبق للفرقة البلدية ان انتجتها مثل مسرحية «الماريشال» الشهيرة عساها بذلك تستعيد للفرقة مجدا ونجاحات قديمة سبق لها ان حققتها!! أين الخلل؟ طبعا، نحن لسنا بصدد التأريخ للفرقة البلدية ولا ايضا بصدد الحكم على «مردود» و«انجازات» بعض الأسماء المسرحية التي تداولت على ادارتها.. فقط اردنا من خلال هذا الاستعراض السريع والموجز بل وربما المخل بجوانب من مسيرتها الفنية ان ننتهي الى القول بانه اذا ما كانت الفرقة البلدية للتمثيل قد اعترى نشاطها - وفي فترات مختلفة - نوع من التراجع فذلك يعود بالتأكيد - وفي جانب من الجوانب - إلى تقصير أبنائها من المسرحيين سواء من الناشطين في صلبها أو من القائمين على ادارتها وتسييرها وانه لابد لمسرحيينا بمختلف اجيالهم ان تكون لهم غيرة حقيقية على هذه الفرقة العريقة حتى تسترجع مكانتها التي هي جديرة بها في الحركة المسرحية وفي المشهد المسرحي في بلادنا... فالفرقة البلدية هي - في رأينا - اهم حتى من مؤسسة المسرح الوطني ذاتها... اهم ماضيا وربما مستقبلا ايضا!