حياة السايب ربما لم يكن المسار الذي اتبعته النخب في تونس بعد تسلمها مسؤولية قيادة الثورة الشعبية نحو تحقيق أهدافها المسار المثالي في عيون التونسيين الذين كانوا يأملون في مشاهدة نية صادقة وعزم أكيد على اعتبارعامل الوقت في السعي من أجل استثمار انتصارات الشعب على الديكتاتورية استثمارا يعجل بإعادة بناء الدولة التونسية على أساس الحرية والكرامة والعدالة الإجتماعية فإن ذلك قد لا يكون سببا كافيا للتقليل من أهمية الحدث الذي تعيشه بلادنا منذ الفاتح من سبتمبرالجاري. لقد انطلقت يوم غرة سبتمبرعملية تسجيل قائمات الترشحات للمجلس التأسيسي للأحزاب والمستقلين وينتظر أن يغلق باب الترشح في السابع من نفس الشهر وفق ما أعلنته الهيئة العليا المستقلة للإنتخابات لتعيش بذلك بلادنا أسبوعا ساخنا وربما حاسما بالنسبة لمستقبل البلاد السياسي لعقود كاملة. ربما لم يظهر النشطاء السياسيون وممثلو المجتمع المدني نفس الحماس ونفس درجة الصدق ونفس الإحساس بوحدة الهدف مثلما أظهره الشعب التونسي الذي انتفض ضد النظام البائد ومع ذلك فإن قدر التونسيين اليوم أن يمضوا إلى الأمام. قدرنا كتونسيين اليوم أن ننظر إلى الكأس وهي نصف ملآى وقدرنا أن نتجند من أجل استثمار اللحظة الحاسمة استثمارا إيجابيا حتى نحول يوم 23 أكتوبر إلى نقطة ضوء في تاريخنا المعاصر. فمن المفروض أن شكل الحياة السياسية القادمة ومضمونها سينبثق عن هذا المجلس الذي سيكون المؤسسة الشرعية الأولى بعد انتصار الثورة الشعبية لأنه نابع عن صناديق الإقتراع في عملية انتخابية من المفروض أن يتجند التونسيون بكل طوائفهم كي تكون شفافة وصادقة ونزيهة. صحيح لقد عاش الشعب التونسي منذ انتصاره في ثورته الشعبية الهائلة يوم 14 جانفي والتي لم تتوقف آثارها عند الحدود الوطنية بل هبت رياح الثورة على أكثر من قطر عربي ولازالت نسائمها تلفح أكثر من بلد شقيق مصاعب جمة وحاول البعض لاسيما المهزومين منهم تعريض المسار الثوري إلى مزالق وصحيح كذلك هنالك وإلى أيامنا هذه من ينفخ في الرماد على أمل إشعال حرائق بعد كل عملية إخماد لبؤر الاضطرابات التي تندلع في عدد من مناطق الجمهورية بعد انتصار الثورة الشعبية ولكن كل ذلك لا ينبغي أن يدفعنا إلى اعتبار تاريخ الفاتح من سبتمبر في تونس تاريخا عاديا وحدثا عابرا. لقد شاءت الأقدار أو لعلها عملية مدروسة أن تصبح تواريخ وأرقام كانت تمثل كوابيس لدى الشعب التونسي وأشقائنا لحظة هامة وخاصة إيجابية في حياتنا. أمام الشعب التونسي إذن سبعة أيام انطلقت منذ الفاتح من سبتمبر لاثبات مدى استعداده لتحمل المسؤولية في بناء تونسالجديدة وعمق الانخراط في الحياة السياسية وأحد علاماتها الأساسية المشاركة في العملية الانتخابية سواء بالترشح للإنتخابات أو بممارسة الحق في الاقتراع.