بعثت بولاية سيدي بوزيد قبل الثورة وبعدها العديد من الجمعيات التنموية والمنظمات الاجتماعية والاقتصادية المتخصصة في تقديم القروض الصغرى لفائدة الفئات المحدودة الدخل وذات الإحتياجات الخصوصية قصد مساعدتها على تمويل مشاريعها الفلاحية أو التجارية وخلق موارد رزق قارة تضمن لها مقومات الحياة الكريمة. سلبيات عديدة
ولئن ساهم هذا النسيج الجمعياتي ولو بصفة نسبية في تنمية قدرات الأسر وخاصة الريفية منها وفي تحسين ظروفها المعيشية ومحيطها من خلال دعمها لتطوير مشاريعها الصغرى فإن ذلك لا يحجب العديد من السلبيات على مستوى الخدمات التي يقدمها والكامنة بالأساس في محدودية مبلغ القرض المسند لفائدة صاحب المشروع الذي لا يتجاوز سقفه في أقصى الحالات ألف دينار يسدّد على عشرة أشهر وبنسبة فائض محددة مسبقا علاوة على ضرورة توفّر ضامن لباعث المشروع وعدم تمكين هذا الأخير من مدّة إمهال لتسديد أقساط الدين. ينضاف إلى الكم الهائل من السلبيات سياسة المماطلة والتسويف التي يمارسها بعض المسؤولين عن نشاط بعض هذه الجمعيات المحسوبين على النظام السابق والذين يسدون هذه الخدمة بطرق مفضوحة تقوم على أسس الولاءات والرشوة مستغلين في ذلك الظروف الصعبة التي يمرّ بها المقترض وغياب المراقبة الإدارية الحازمة والكفيلة باستئصال هذه الظاهرة الخطيرة من منظومة العمل التنموي المجسّد لقيم التطوّع وخدمة الصالح العام لا لتكريس مظاهر التمييز والحيف الاجتماعي وقضاء المصالح الشخصية الضيقة.
إعادة التأهيل
وحتى لا يبقى دورها منحصرا في الشأن الجاري وهو تقديم الخدمات المالية للحرفاء فإن الجمعيات التنموية والمنظمات الاجتماعية والإقتصادية مدعوة رغم الصعوبات والعراقيل الموجودة لتوسيع نطاق تدخلها ليشمل أيضا خدمات أخرى مثل الدورات التدريبية والتكوينية في مجالات التصرف وإدارة المشروع والمحاسبة والتواصل والرحلات الترفيهية والتجارية فضلا عن تنظيم حصص إعلامية حول المسائل الصحية والجبائية والقانونية وكل ما يتعلق بالخدمات العمومية بما يساهم في تأمين عوامل إنجاح المشاريع وضمان بقائها في المشهد الاقتصادي بالجهة وبالتالي تثبيت الباعثين الصغار في مناطقهم الأصلية. كما يجب حثّ القطاع البنكي على الانخراط في الارتقاء بالنشاط الجمعياتي من خلال توفير الدعم المالي المطلوب بأقل ما يمكن من التعقيدات الإدارية وبأيسر السبل ولو أنّ إعادة تأهيل الجمعيات بمختلف أصنافها وتخصصاتها من المسائل الأساسية في مثل هذه الحالات حتّى تتوفر لها القدرة على مسايرة التحولات الجديدة لمنظومة العمل التنموي التي تتطلب ثقافة بديلة ومعرفة وآليات حديثة وأسلوب عمل مغاير هذا إضافة إلى الاقتناع والاستعداد التلقائي لإنجاح المسار الجديد ووضعه فوق السكة الصحيحة.