رغم أن الفيلم القصير "حدث ذات فجر" الذي وضع له السيناريو وأخرجه محمد علي النهدي لم يحصل على أكثر من تنويه من لجنة تحكيم مهرجان الفيلم العربي بروتردام في دورته الحادية عشرة والذي انتظم بداية الشهر الجاري في هولندا " في إطار مسابقة سينما الضواحي " للأفلام الطويلة والقصيرة فإن محمد علي النهدي لم يخف ابتهاجه وفرحه بهذا التنويه الخاص. فمهرجان روتردام يعتبر حسب المخرج من بين ابرز التظاهرات السينمائية التي تعنى بالسينما العربية بأوروبا. وكانت هذه الدورة مخصصة لتكريم الثورات العربية من خلال ثورتي تونس ومصر. وتجدر الإشارة إلى أن الفيلم القصير الذي شارك فيه أيضا في التمثيل إلى جانب كل من سعاد محاسن وليلى الشابي ومحمد علي بن جمعة وشقيقه وليد النهدي سبق أن عرض في الدورة الماضية لأيام قرطاج السينمائية وحظي باستحسان الجمهور التونسي حيث شهد إقبالا جماهيريا مكثفا أثناء عرضه في قاعات تونس فضلا عن تنويه عدد هام من النقاد ومن أهل الميدان بقيمته رغم أنه لم يتوج بجائزة. وأرجأ محمد علي النهدي تنويه لجنة تحكيم المهرجان بهذا الفيلم القصير إلى أهمية الموضوع الذي يعالجه والذي يتمحور حول المفارقات المطروحة في الأوساط الشبابية من البورجوازية في المجتمع التونسي ويعرض من خلاله صورا فاضحة ومنتقدة فنيا لظواهر وسلوكات منتشرة في هذه الأوساط وبين أن طريقة الطرح التي لا تخلو من جمالية في التصور والتصوير ارتقت بمستوى الفيلم ليتم اختياره بعد الشريط السينمائي الطويل المصري "المسافر"للمخرج أحمد ماهر بمشاركة عمر الشريف وعمرو واكد الذي تحصل على الصقر الذهبي والفيلم السوري الذي تحصل على الجائزة الثانية. مع العلم وأن محمد علي النهدي يظهر اعتزازا كبيرا بهذا العمل الذي قال إنه أنجزه وغيره من أعماله السابقة بجرأة غير معهودة في ظل ما كان موجودا خلال العهد السابق وخاصة التضييق على الحريات. ومثلت هذه الجائزة وردود الأفعال المستحسنة للعمل بمثابة الحافز الكبير لدفع هذا المخرج للمضي قدما في التعريف والترويج للفيلم القصير الذي تبلغ مدته 23 دقيقة في تظاهرات دولية أخرى لعل أقربها حسب ما أفاد به مشاركته في مهرجان هوليود للسينما العربية الذي سينتظم في نوفمبر القادم بالولايات المتحدةالأمريكية ليشارك به في المسابقة الرسمية للمهرجان إلى جانب الشريط الوثائقي حول الثورة"..أخيرا نعبر" الذي أنجزه منذ أشهر. وأفاد محمد علي النهدي أنه حريص على انتقاء أعماله وبذل الجهود المضاعفة من أجل أن يقدم هذه الأعمال على نحو تلاقى استحسان الجمهور باختلاف مواقعه وانتماءاته وأجناسه. وكان الفيلم القصير الأول الذي أخرجه محمد علي النهدي بعنوان "المشروع" سبق وأن فاز بتسع جوائز في أكبر المهرجانات الدولية من بينها الحصول على جائزة الصقر الذهبي في الدورة التاسعة لمهرجان روتردام للفيلم العربي التي انتظمت سنة 2009.
المنعرج الخلاق
واعتبر النهدي أن السينما في تونس عرفت نقلة نوعية خلال السنتين الأخيرتين وكانت طرفا مساهما في العوامل التي مهدت للثورة على الأنظمة المكممة للأفواه والمكرسة للفاسد وسياسة قمع وطمر المواهب وبوادر الإبداع والخلق في مختلف المجالات من خلال المنعرج الذي أحدثته عديد التجارب الشبابية في السينما سواء في الإخراج أو الكتابة أو الإنتاج تجلت بالأساس في ظهور موجة من الأفلام القصيرة التي شدت الإنتباه في التظاهرات الوطنية والدولية وساهمت في خلق نشاط وحراك في القطاع بدأت تقطع مع الصور النمطية والأسماء المألوفة في الساحة. حيث يقول: "برهن الجيل الصاعد من المخرجين الشباب أنهم قادرون على تطوير القطاع وإثراء الإنتاج سواء من خلال انجاز أفلام قصيرة أو طويلة أو وثائقية. وأعتقد أن هؤلاء قادرون على مواصلة نفس المسار الثوري والإبداعي خاصة في ظل ما تحقق من خطوات وخيارات جديدة أسفرت عنها الثورة المجيدة لندخل مرحلة أخرى شعارها "حرية ومسؤولية إبداعية" لنقدم سينما جريئة تقطع مع الصور والمفاهيم والمواضيع النمطية." من جهة أخرى أفاد محمد علي النهدي أنه بصدد الإعداد لمشروع سينمائي جديد يتمثل في فيلم طويل يحكي فيه حكاية سينمائية بطريقته الخاصة. وحول الأسماء المرشحة للمشاركة فيه قال :" من حسن حظي أنني أنتمي إلى عائلة أعتبرها كنزا فنيا بأتم ما في الكلمة من معنى لذا لا أستطيع أن أستغني عنه بل أن كل مشاريعي تقريبا ستكون موجهة لتوظيفه في أدوار ومهام مختلفة فالأمين النهدي وسعاد محاسن وشقيقي وليد إضافة إلى رياض النهدي من الأسماء المتميزة إن لم أقل المتفردة في الوسط الفني في بلانا."