آسيا العتروس الفساد وخرق حقوق الانسان والبطالة أخطرثلاث مشكلات اقتصادية واجتماعية في نظر ست وثمانين بالمائة من التونسيين, هذا ما خلص اليه أحدث استطلاع للرأي وأول استطلاع من نوعه يتولى تنظيمه المعهد العربي لرؤساء المؤسسات وهو ما يجعله يكتسي درجة من الاهمية قد تجعله يفوق سابقيه لا سيما وأنه يأتي في مرحلة مصيرية في تاريخ البلاد وفيما يتطلع الشعب الى القطع نهائيا مع مختلف رواسب وممارسات الماضي الغارقة في الفساد المالي والسياسي والاخلاقي... ولعل الاهم من الارقام التي أوردها الاستطلاع ما تضمنه من تصنيف للقطاعات والمجالات الاكثر عرضة للفساد, اذ وباستثناء الجيش الذي اعتبره المستجوبون الاقل عرضة للفساد على الاطلاق فان المحامين والقضاة والحكومة المؤقتة نفسها لم تسلم جميعها من الاتهامات وان اختلفت الدرجات في نظر هؤلاء. ورغم أن استطلاعات الرأي تعد من التقاليد العلمية الحديثة في مجتمعنا فانها قد بدأت تترسخ تدريجيا لدى بعض المؤسسات المختصة في هذا الشأن منذ ثورة الرابع عشر من جانفي التي بفضلها بدأ العقل التونسي يتحرر من القيود الكثيرة التي كبلته في محاولة لتجاوزحالة التصحر التي هيمنت طويلا على البلاد وحرمت النخب من كل عمل فكري مثمر ومستقل عن الولاءات. على أن الاهم ليس في ما تنشره الاستطلاعات من أرقام واحصائيات بل فيما يمكن أن تعكسه من حقائق ترصد نبض الشارع وتنقل مخاوف وتطلعات الرأي العام بكل فئاته الاجتماعية المهمشة. والواقع أن في استطلاع الرأي الذي ينسب للمعهد العربي برؤساء المؤسسات ما يحمل في طياته أكثر من اشارة حول المخاوف الحقيقية للرأي العام ازاء نوعية من القضايا التي تحتمل بالتأكيد تأثيرا مزدوجا على درجة ثقته في أداء الحكومة الانتقالية كما هوازاء المشهد السياسي بكل مكوناته الراهنة المتنافسة على سباق الانتخابات التي لم يعد يفصلنا عنها سوى بضعة أسابيع. الفساد المالي والسياسي والاخلاقي مرادف للظلم وغياب العدالة الاجتماعية وهي أسباب اجتمعت لتدفع بالشعب التونسي للمطالبة بصوت واحد بسقوط الاستبداد والفساد وهي بالتأكيد أسباب كافية بأن تدفعه للاستنفاروالاستعداد لموعد الانتخابات من أن أجل أن تكون له كلمته في تقرير المصير واختيار ممثليه عن وعي وقناعة وليس تقليدا أو تمويها أو ولاء. واذا كان يجب أن يكون للانتخابات القادمة من معنى في حياتنا فهي بالتأكيد أنها يجب أن تفتح الابصاروتنير العقول بشأن المستقبل وأن تكون منطلقا وقاعدة أساسية لواقع جديد يجسد فعليا القطع نهائيا ودون رجعة مع عقلية الانتهازية واستغلال النفوذ وخيانة الامانة ويحمل كل مسؤول مسؤوليتة كاملة في اخلاله بالواجب أو التلاعب واهدار المال العام على أن يكون تحقيق ذلك وفق شعار"من أين لك هذا" الذي أن الاوان أن يعود الى قاموسنا اللغوي والقانوني ومعه قانون اشهار الذمم الذي يفرض على كل مسؤول الكشف عن ممتلكاته وممتلكات عائلته قبل وبعد انتهاء مهامه حتى لا تسول له نفسه الامارة بالسوء العبث بالمال العام أو استغلال نفوذه لتحقيق مكاسب وامتيازات غير مشروعة...