تقدمت عائلة الرائد السابق بالجيش الوطني محمد المنصوري بشكوى إلى وكيل الجمهورية بالمحكمة الإبتدائية بتونس ضد المخلوع وحبيب عمار وطبيب وكوادر أمنية فقرر إحالتها على القضاء العسكري. وجاء بعريضة الدعوى أن"عائلة المرحوم محمد المنصوري رفعت هذه الشكوى ضد الأشخاص المذكورين بناء على وقائع تفيد أن محمد المنصوري وقع إعتقاله في إطار التحقيق مع مجموعة الإنقاذ الوطني سنة1987 وتحديدا إثر تولي الرئيس المخلوع رئاسة البلاد وبتخطيط من حبيب عمار تم التنكيل بهم.. وقد أودع الشهيد المنصوري زنزانات وزارة الداخلية ومكاتب أمن الدولة تحت إشراف مدير مكتبها منصف بن قبيلة الذي أشرف على عمليات التعذيب التي لحقت بالعسكريين المنضوين تحت مجموعة الإنقاذ الوطني". كما ورد بعريضة الدعوى أن "تعذيب المنصوري تزامن مع تعذيب بن سالم ومحمد نجيب اللواتي وحسن الحناشي الذين أجمعوا على بشاعة ما تعرض له الشهيد وعلى أن الوفاة تمت بين زنزانات الداخلية خاصة الزنزانة المسماة"بيت الصابون" أين يوجد ماء ورغوة صابون ليفقد المعتقل توازنه ويتزامن ذلك مع الصعقات الكهربائية، وحيث تم اللجوء إلى طبيب موقوف هو بدوره والذي أكد على ضرورة إسعاف محمد المنصوري بعد الصعقات الكهربائية التي تعرض لها إلا أن وزارة الداخلية امتنعت إلى أن لفظ أنفاسه الأخيرة بين جدران قبو وزارة الداخلية.. وبالرجوع إلى مقتضيات الفصل101 و101 مكرر من المجلة الجزائية فإن ظروف وملابسات ايقاف المنصوري لا تمت بأية صلة لما هو قانوني بل أقل ما يقال فيها أنها ممارسات وحشية وحاطة بالدرجة الإنسانية على معنى تصنيف الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لمثل هذه الممارسات الصادر بتاريخ 10 ديسمبر 1948". وقدمت العائلة الشاكية شهادات ممضاة من طرف ثلاثة شهود بينها شهادة أستاذ بالتعليم العالي ذكر في شهادته:"كنت موقوفا بزنزانة بوزارة الداخلية بالطابق الرابع على ذمة التحقيق الإبتدائي فيما عرف وقتها ب"المجموعة الوطنية" وكنت أقيم في الزنزانة رقم 16 ويوم غرة ديسمبر 1987 تم إنزالي إلى أسفل العمارة وتحديدا إلى مكتب مدير أمن الدولة في ذلك الوقت المنصف بن قبيلة وكان في المكتب عدد من الأعوان الباحثين والجلادين سألني أحدهم معروف بكنية "بوكاسا" إذا ما كنت أعرف الرائد المنصوري فأجبته بالنفي وعندها التفت"بوكاسا" إلى أعوانه وقال"خوذوه إلى بيت الصابون" وبعد نصف ساعة من إعادتي إلى الغرفة رقم 16 جيء بالضابط المذكور ولم أر له حراكا أي أنه شبه ميت ووضعوه في زنزانة رقم 17 مجاورة رأيته وتأكدت أنه الرائد محمد المنصوري.. بعد قليل أدخلوا معي الدكتور الصحبي العمري الموقوف في نفس القضية وأعلمني أنهم أمروه بفحص الرائد فوجده في موت سريري جراء الصعق الكهربائي وطلب منهم محاولة إنقاذه ولكنهم تركوه هناك حتى توفي بعد سويعات قليلة". وهناك شهادة أخرى لضابط سابق بالجيش الوطني برتبة نقيب ذكر أنه وقع ايقافه يوم 24 نوفمبر1987 من طرف الأمن العسكري ضمن مجموعة من العسكريين بينهم الرائد محمد المنصوري وأضاف أنه وقعت إحالته على إدارة أمن الدولة حيث أوقف صحبة المنصوري بزنزانة واحدة وذكر أنه في اليوم الموالي:"أتى أعوان أمن الدولة وأخذوا الرائد محمد المنصوري وأنزلوه إلى الطابق السفلي حيث مورست عليه شتى أنواع التعذيب من تعليق وضرب وصعق كهربائي وغيرها وكنا نسمع صراخه واستغاثته طوال اليوم... وفي المساء أصعدوه إلى الطابق العلوي تحت الضرب والركل والسب والشتم وهو يمشي على يديه ورجليه ويتوجع ويتألم جراء التعذيب وأحضروا له طبيبا كان موقوفا هناك فأشار عليهم بنقله فورا إلى المستشفى إلا أن ذلك لم يتم حيث علمنا فيما بعد أنه لفظ أنفاسه الأخيرة مساء نفس ذلك اليوم". وذكر شاهد آخر أنه سجن ضمن المجموعة الأمنية خلال سنة 1987 ووضع على ذمة التحقيق العسكري مضيفا أنه وأثناء تواجده بالزنزانة سمع صراخا بالمدارج وشاهد عونين مدنيين تابعين لجهاز أمن الدولة يجرّان المرحوم محمد المنصوري من قدميه وألقيا به داخل الزنزانة ثم أغلقا الباب. وأضاف أنه حاول مساعدته على الجلوس لكنه لم يستطع وطلب منه المنصوري أن يساعده على تحريك قدميه وقال أنه "كان يتقيأ وحالته مزرية" فنادى الأعوان وأشعرهم بحالة المنصوري فجلبوا طبيبا نصحهم بضرورة نقله إلى المستشفى لأن حالته خطيرة وقد يفارق الحياة خلال وقت قصير وأضاف أنه تم أخذ المنصوري شبه ميت.