أثارت الأرقام التي نشرتها طوال الفترة الماضية بعض شركات سبرالآراء حول المشهد السياسي ونظرة المواطن التونسي للوضع الراهن تحفظات الكثير من الحساسيات وخصوصا من بعض الأحزاب التي شككت في مصداقية هذه الأرقام والمعطيات التي تناقلتها وسائل الإعلام. وانتقد الكثير من السياسيين هذه الشركات على خلفية عدم التزامها بالمعايير المهنية وتأثير هذه الأرقام على توجهات الناخب في انتخابات المجلس التاسيسي . ومن البديهي أن تطرح عديد التساؤلات بشأن طريقة عملها ومصداقيتها ومدى التزامها بالدقة والنزاهة . وأثناء حديثه مؤخرا حول استطلاعات الراي خلال الدورة التدريبة لمركز»كوثر» أفاد السيد حسني نمصية الخبيرالدولي في الإحصاء والاقتصاد أن ثقافة الرقم في تونس مازالت ضعيفة وتحتاج إلى الكثير من الجهد من أجل تطويرها . مؤكدا أن الأرقام التي أصدرتها شركات سبر الآراء حول شعبية الآحزاب وبعض المعطيات السياسية خاطئة باعتبارأنه لابد من الدقة في كيفية أخذ العينة وتمثيلها بما يتماشى مع واقع كل جهة مع الحرص على عديد الجوانب التقنية المهمة التي تتطلبها عمليات سبر الآراء . تشكيك وانتقادات ورغم الإقبال المنقطع النظيرعلى استطلاعات الرأي السياسية التي تجد رواجا في مختلف وسائل الإعلام المكتوبة والسمعية البصرية ما فتئ يشكك ممثلو أغلب الأحزاب في مصداقية عمليات سبرالآراء برمتها على خلفية عدم مصداقيتها ونزاهتها وخدمتها لأطراف سياسية دون غيرها. فقد أكد عبد الوهاب الهاني الأمين العام لحزب المجد أن قطاع شركات سبرالآراء يعاني من فراغ فادح يضمن التزامه بمعاييرمهنية تجمع بين الشفافية والاستقلالية اللازمة . فقد سبق لبعض هذه الشركات التورط في نشراستطلاعات رأي في المجال التجاري أقل ما يقال فيها إنها مشبوهة ومدفوعة الأجرمتسائلا:»لا نعرف من يدفع لشركات سبر الآراء اليوم وهناك غموض تام حول الجهات التي تطلب سبرالآراء في حين أن القوانين في الدول الديمقراطية تلزم الشركات كشف الجهة التي طلبت أوأمرت بعملية سبر الآراء «. واشار الهاني إلى أنه» قبل الحديث عن المناهج العلمية علينا أن نتحدث عن متطلبات الديمقراطية من شفافية واستقلالية ونزاهة لعملية سبرالآراء شكلا ومضمونا «. وحول الاستطلاعات التي نشرت في الفترة شدد محدثنا على أن عديد الأطراف طالبت بمنع عمليات سبرالآراء والإشهار السياسي لأن هذه المعلومات تؤثر سلبيا على توجهات الناخبين؛ لذلك حرصت الأنظمة الديمقراطية على منع الإشهار السياسي وسبرالآراء فترة كافية قبل الانتخابات لضمان النزاهة خاصة . وكان من الأولى على الهيئة العليا أن تمنع نشر سبرالآراء المتعلق بنسب الأحزاب أي مباشرة بعد الشروع في تحيين القائمات لأن الأرقام التي نشرت لابد من التشكيك في مصداقيتها على حد تعبيره . غضب السياسيين غيرمبرر وأمام الانتقادات التي وجهت إلى شركات سبرالآراء واجهنا بعض أصحاب القطاع بهذه الاتهامات حيث أوضح السيد عبد الحق السلطاني ممثل شركة «ميديا سكان» أن التشكيك في مصداقية شركات الآراء أصبح ظاهرة خاصة في المجال السياسي . اذ من المنطقي من وجهة نظره أن تعبر بعض الأحزاب عن غضبها خاصة لما تكتشف حقيقة حجمها وهو ما تسعى إلى تجنبه فتعمد الى التشكيك في نزاهة ومصداقية عملية سبرالآراء . وتابع: «تقييم عمل شركات سبرالآراء يجب ان يخضع الى اراء المختصين لا الى انطباعات الدخلاء الذين من المفروض ان يطلعوا على طريقة عملها . وكل سياسي تصدمه الأرقام وعوض أن يتجه الى معالجة نقائصه يوجه كل اتهاماته وسهام انتقاداته إلى شركات سبرالآراء ومكاتب الدراسات. وفي الوقت الذي أكد فيه أغلب السياسيين أن نتائج سبرالآراء من شأنها التأثير على اختيارات الناخب أكد السلطاني أن هذا التاثير ضعيف للغاية على عكس ما يتم تداوله لأن المعيارالأكثر تاثيرا في الناخب خصوصا في المناطق الداخلية هو مدى اقتراب الحزب من الناخب وإقناعه ببرامجه؛ مضيفا: «بالنسبة إلينا نحن لا نريد الدخول في حرب لا مع الأحزاب ولا مع الإعلام وإنما غايتنا الوحيدة تنظيم القطاع لمصلحة الإعلام والأحزاب نفسها». وحول عدم الرضا على شركات سبرالآراء قال السلطاني:» إن التشكيك انطلق مع ظهور القنوات الخاصة وتعمقت المسألة أكثرمع بروزالاستطلاعات السياسية باعتبارها تمس من مكانة بعض الأحزاب لدى الراي العام . كما دافع على نزاهة و موضوعية الاستطلاعات وابتعادها عن «الفبركة» انطلاقا من أن العينة مدروسة وممثلة لكافة الشرائح الاجتماعية ومن جميع جهات الجمهورية وحسب اختيار الاسئلة وطريقة طرحها مع التكوين الجيد للفريق العامل وحسن مراقبته ح ؛ وهي المعاييرالمعمول بها في جميع انحاء العالم . وعن الهامشية التي يعاني منها القطاع قال: «كانت النية تتجه نحو تنظيمه في السنة الفارطة وفقا لكراس شروط يضبط مختلف المعطيات؛ لكن توقفت كل الجهود والخطوات ليظل القطاع على حاله. وللتاكيد فإننا ندعوالى تنظيم القطاع بما يمكن من حماية مكاتب الدراسات الجدية من الدخلاء ونحن في «ميديا سكان» نعمل منذ 12 سنة في إطارالقانون والآخلاق و 90 من وكالات الإشهار يتعاملون معنا وفقا لعقود طويلة المدى".