لم تعد أغاني أليسا وتامر حسني وأعمال نانسي عجرم وهيفاء تدوي في أسواق «الكاسيت» التونسية..وأصبحت الابتسامة تلوح على وجوه المارة بشوارع العاصمة، بعد سماعهم لتسجيلات ومضامين مغايرة تلتقي جلها في خانة السخرية من الحكام العرب المخلوعين. الصباح رصدت هذا التحول الجوهري في هذه السوق لتسجل الحضور الطاغي لاشرطة الأعمال الكوميدية والموسيقية التي تتغنى بالثورات العربية. تاثير الثورات العربية على سوق الكاسيت المحلية أكثر من واضح وقد حاولنا بطريقتنا الخاصة أن نقف عند أسباب رواج هذه النوعية من الأعمال المعروضة على المتلقي وحجم الإقبال التونسي عليها وذلك من خلال زيارة عدد من محلات بيع الألبومات المنتشرة في وسط العاصمة. وفي هذا الإطار قال السيد «سامي» أحد باعة محلات «الكاسيت « في ساحة «برشلونة» بالعاصمة أن أعمال نجوم الشرق أصابها الكساد بعد الثورات العربية، ولم تعد تلبي حاجات المستهلك التونسي، الذي يفضل شراء أعمال كوميدية تسخر من الرموز الفاسدة للأنظمة العربية.
القذافي.. سوبر ستار
وأضاف مصدرنا أن القذافي يسيطر على سوق المبيعات اليوم في تونس، وهو النجم رقم واحد، حيث تحظى الأعمال الساخرة منه مهما كان مؤديها- بإقبال كبير من طرف المستهلك خصوصا فئة الشباب، فيما يحل «المخلوع» بن علي في المرتبة الثانية، أما ألبوم «ليلى الطرابلسي، المرأة الأكثر كرها في تونس» فيحظى برواج أفضل من التسجيلات الساخرة من حسني مبارك وحرمه سوزان. من جهة ثانية، أشار «سامي» إلى أن ألبوم «دولة الفساد» بجزأيه الأول والثاني يحقق مبيعات جيدة إلى جانب العمل المعنون بالعبارة الشهيرة «زنقة زنقة»، والذي يضم مجموعة من الأغاني المستوحاة من الثورات العربية وذكر محدثنا في هذا السياق أن أغنية الفنانة الشعبية وردة غضبان، الصادرة في صيف 2011 «دار دار..زنقة زنقة» الأكثر طلبا من مختلف الفئات الاجتماعية.
الهادي.. وكأس الطرابلسي
«إقبال التونسي على شراء الأعمال الكوميدية والغنائية الساخرة من الحكام العرب ساهم في انتعاش سوق الكاسيت رغم أن الباعة لم يرفعوا في أسعار الألبومات التي حافظت على مبلغ الدينارين للألبوم الواحد « بهذه العبارات صرح «محمد علي»، بائع بمحل كاسيت في شارع المنجي سليم ولاحظ مصدرنا أيضا أن ثورة 14 جانفي كانت حافزا للفنانين التونسيين حتى يقدموا الجديد الفني كما أنصفتهم في سوق المبيعات على حساب فناني الشرق ومن بينهم الكوميدي الهادي ولد باب الله، صاحب العمل المنتشر خلسة- منذ أيام حكم المخلوع «كأس الطرابلسي»، والذي أدت الثورة لانتشاره أكثر. تحدث «محمد علي» عن مطربي الراب واعتبر «الجنرال» الأكثر شعبية وإنتاجه الأعلى استهلاكا من قبل شباب تونس، فيما يحل البلطي في المرتبة الثانية بعد أن استرجع بآغانيه الأخيرة مكانته، التي خسر جزء منها إثر الثورة مباشرة لتردده في التعبير عن مواقفه المناهضة لنظام بن علي. الجولة التي واصلناها في محلات بيع «الكاسيت» بالعاصمة وحديثنا إلى أكثر من صاحب محل وعامل بها أكد ما ذهب إليه من ذكرناهم بالأعلى. الثورة الشعبية التي حققت انتصارا هائلا في تونس وسرعان ما وصلت رياحها إلى أكثر من منطقة عربية وأياديها بيضاء كذلك على الفنانين التونسيين خاصة منهم من عرف كيف يتأقلم مع الحدث وشمر عن سواعده لتقديم عمل في اتجاه ما يتوق إليه المتلقي في هذه المرحلة بالذات. ولكن وفي مقابل انتعاش سوق» الكاسيت «في تونس وتأثيرها الايجابي على الإنتاج المحلي للأعمال الفنية الهزلية وللأغاني ونجاحها على مستوى الكم فإن ذلك لا يحول دون ملاحظة تقصير واضح في مجال تنظيم العروض الفنية والتظاهرات الثقافية الجادة والقادرة على خلق حراك ثقافي واع بمتطلبات هذه المرحلة الاستثنائية في بلادنا مما يجعلنا نخشى أن تكون هذه الانتعاشة ظرفية.