بقلم: آسيا العتروس إذا كان هناك من عبرة للنهاية التي آل اليها العقيد الليبي بالامس بعد اثنين وأربعين عاما من الحكم المطلق فهي بالتأكيد تلك الرسالة التي يمكن أن يتلقفها بقية الطغاة والمستبدين أولئك الذين ما زالوا يصرون على قمع الشعوب ومواجهة الاحتجاجات الشعبية السلمية بالرصاص ويحاولون كسب المزيد من الوقت وفرض المزيد من الشروط لتفادي الاسوأ... قد لا يختلف إثنان أن السيناريو الامثل ان كان هناك مجال للمثاليات في المشهد الحالي لو كان بالامكان إعتقال القذافي وأبناؤه وأزلامه لتقول فيهم العدالة كلمتها النهائية فلا يفوت الشعب الليبي بدوره فرصة محاسبة من أجرموا في حقه كما فعل من قبل شعب رومانيا مع شاوسسكو وبذلك يكتمل الدرس الذي لا يمكن لاي زعيم في المستقبل ألا يضعه نصب عينيه قبل أن يقرر استعباد شعبه أو مصادرة حقه في الحرية والعدالة وتقرير المصير... لقد اختار القذافي أن تكون نهايته كما شاهدها العالم بالامس دموية الى أبعد الحدود،نعم اختار القذافي أن تكون تلك نهايته وهو الذي استصغر شعبه وعامله معاملة العبيد والقاصرين وقزم المجتمع الدولي وانتقص قدرته على التحرك وظل يكابر ويعاند عن جهل وظلم وليس عن شجاعة أوبطولة. رد على مطالب الاصوات الشعبية التي بحت وهي تدعوه الى رحيل بالتهكم والاستهزاء فتوهم أن لا ارادة تعلو على ارادته ولا بقاء لشعب بدونه. كان أكثر من يدرك ان النهاية وشيكة ولكنه اعتبر أن ما حدث في تونس ومصر لا يمكن أن يحدث له.. اختارالقذافي تلك النهاية وقد كان أمامه أن يجنب نفسه ويجنب شعبه الكثير ولكن يبدو أن العلل والاوبئة التي ابتلي بها الطغاة بعد أن أعمت السلطة بصيرتهم قد استعصت على أمهر مستشاريهم ومساعديهم ومقربيهم الذين دفعوا بهم وبأنفسهم الى مزبلة التاريخ. أرادوا تصفية الشعوب ليكونوا هم الباقون،فردت الشعوب وقد كان العالم الحر يعتقد أنها أصيبت بالاعاقة الدائمة والقصور،بأنها الباقية وأن ارادتها لا ترد ولا تقهر... بعد اثنين وأربعين عاما من الحكم المطلق تحول العقيد الذي منح نفسه لقب ملك ملوك افريقيا الى جرذ مشرد ولم تشفع له الملايين التي كان يتحدث عنها في توفير الحماية له في مسقط رأسه سرت التي تحولت على مدى أشهر من الاقتتال الى أطلال بعد أن دفع أهلها الى مغادرتها قسرا. الخبر الذي بدا أشبه بالاشاعة سرعان ما تاكد والحذر الذي طغى على مختلف الاخبار التي تناقلتها وكالات الانباء تحول الى خبر يقين. انتهى اذن القذافي وطوى الشعب الليبي صفحة مؤلمة من تاريخه ولكنه سيفتح بالتأكيد صفحة أخرى تؤرخ لمرحلة ما بعد القذافي التي تستوجب أكثر من أي وقت مضى تظافر كل الجهود لبلسمة الجراح النفسية للشعب الليبي الذي دفع غاليا ثمن هذا الموعد مع الحياة.. طبعا أسئلة كثيرة سترافق نهاية القذافي وهي أسئلة مشروعة قد لا تجد لها يوما أجوبة مقنعة فهل هي الصدفة وحدها التي شائت أن يكون الاعلان عن نهاية القذافي بعد أربع وعشرين ساعة على الزيارة المفاجأة لوزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون الى العاصمة الليبية طرابلس ودعوتها من هناك الى اعتقال العقيد أو قتله وهل هي الصدفة أيضا التي شاءت أن يكون الحلف الاطلسي وراء نهاية العقيد...