علمت "الصباح" من مصادر سياسية مستقلة بمنوبة أن القائمة المستقلة والمترشحة لانتخابات المجلس التأسيسي قائمة "المعركة اليوم والمستقبل غدا" أنها قررت إلغاء الاجتماع المقرر لاختتام حملتها الانتخابية اول امس. وفي تأكيد للخبر قال رئيس القائمة خالد قسومة ل"الصباح" أن القائمة كانت تنتظر القسط الثاني من المنحة لاستكمال نشاطها الا انه تعذر الحصول على بقية المبلغ وهو ما دعانا إلى الغاء حفل الاختتام". واعتبر قسومة أن الحملة الانتخابية كانت منقوصة من حيث الحظوظ المتساوية بين المترشحين وقائماتهم. وامام هذه الوضعية وغيرها من الوضعيات الاخرى التي لم تصلنا أصداؤها بعد فان مقولة التنافس النزيه بين القائمات سرعان ما سقط في جب المال الذي استعانت به احزاب وقائمات للوصول إلى قبة المجلس التاسيسي. وإذ لا تبدو القائمات المستقلة وحدها ضحية قلة ذات اليد فان بعض الاحزاب بدورها لم تستطع مجابهة المصاريف الباهظة للحملة الانتخابية رغم حصولها على القسط الاول من المنحة المخصصة للحملة وهو امر من شانه أن يؤثر عليها مما يدفع بنا لتاكيد مقولات عدد من السياسيين حين اكدوا أن انتخابات التاسيسي ستشكل غربلة حقيقية للساحة السياسية بحيث لن يكون البقاء فيها الا للأقوى.
ثمن مقعد التأسيسي
وبالعودة إلى المبالغ المرصودة من قبل الدولة والمبالغ المتوفرة من الامدادات الذاتية للاحزاب فان ثمن المقعد الواحد بالمجلس التاسيسي قد يتراوح ثمنه بين 400 الف دينار و430 الف دينار وذلك اعتمادا على عملية حسابية. وكما هو معلوم فقد تم تخصيص نحو 9 مليارات ونصف للحملة الانتخابية تتوزع جميعها وبشكل متساو بين القائمات المترشحة والبالغ عددها نحو 1500 قائمة بين مستقلة وحزبية وائتلافية وذلك حسب كل دائرة انتخابية موزعة على 27 في داخل البلاد و6 بالخارج. واذا ما اعتبرنا أن المبلغ المخصص للحملة هو 9 مليارات وتمت قسمته على عدد مقاعد التاسيسي ال217 فان ثمن المقعد يتجاوز 400 الف دينار. غير أن الأحزاب والقائمات المترشحة لم تستعن بالمبالغ المرصودة فحسب بل أن البعض منها تجاوز ذلك من خلال حصوله على الدعم "الذاتي" والذي يقدر باكثر من 2 مليار كان فيها نصيب الاسد للاحزاب الثرية أو ما يمكن تسميته "بالاحزاب البورجوازية" مقابل اكتفاء البقية بما جادت به عليها الحكومة.
علاقات جديدة
اضافة إلى ذلك فان الحملة الانتخابية اوجدت تحولات جديدة في ظل وجود ما يصطلح على تسميته ب"الوسيط" بينهما والذي يكون عادة إما احد المنتمين إلى الحزب أو شخص غيره ويكون دوره الاساسي تكوين مجموعات من "المجندين" للمساهمة في الحملة الانتخابية. ومن خلال ما حملته جملة الملاحظات المتعلقة بالحملة فان بعض الأحزاب اعتمدت على تشغيل فئات معروفة ميدانيا تشكلت من سماسرة للسياسة ونساء وقاصرين وعاطلين عن العمل وقد تعدى الامر في احزاب اخرى إلى الاعتماد على أصحاب السوابق لحماية اللقاءات الشعبية من "المندسين" أو لمنع "كتائب الديقاجيات" من ارباك نشاط حزب ما. ولعل ما يميز الحملة أن "المجندين" وجدوا فرصة للحصول على مدخول مالي قار امتد على طول الحملة الانتخابية بالاضافة إلى: الكسكروتات.. وبطاقات شحن الهاتف الجوال وأذونات البنزين للتنقل ومصاريف يومية طارئة. وقد فرضت هذه العلاقة الجديدة ميلاد مفاهيم سياسية لم يعرفها التونسي من قبل على غرار صناعة الانتخابات أو أباطرة تجارة الأصوات والخدمة الانتخابية الذين نشطوا في كل الدوائر الانتخابية ذات التأثير البالغ في الحركة السياسية والاقتصادية بالمدن الكبرى على غرار تونس1 وتونس2 وبن عروس واريانة وصفاقس1 وصفاقس2 وسوسة والمنستير... وفي الوقت الذي أكدت فيه جميع الاطراف السياسية من مستقلين وحزبيين أنهم سيدافعون من اجل حملة انتخابية نزيهة والعمل على قاعدة الصندوق للوصول إلى المجلس التاسيسي فانه يبدو أن هذه المقولة سرعان ما سقطت في اول اختبار لها.