يحز في النفس حرمان الأعمال الجادة من الدعم والتشجيع أعرب المسرحي سامي النصري مخرج مسرحية «هلال ونجمة» التي أنتجها مركز الفنون الدرامية والركحية بالكاف عن استيائه الشديد بسبب عدم استجابة سلطة الإشراف لمطلبه الخاص بتمكين هذا العمل المسرحي الذي يضم أكثر من 25 عنصرا من دعم لعرضه بالعاصمة. وأشار سامي النصري إلى أن هذه المسرحية التي أنجزت قبل 14 جانفي الماضي وتطرح قضايا سياسية وحضارية بالأساس مستمدة من تاريخ تونس القريب وتعالج بين ثناياها مسائل اجتماعية إلا أن هذه المسرحية لم تحظ بالدعم اللازم من خلال عرضها في المدن الكبرى لا سيما العاصمة حيث يقول:» يحز في نفسي أن يحرم عمل تجاوزت مصاريفه 80 ألف دينار من التشجيع ببرمجة عروض مدعمة له بالعاصمة أو بتونس الكبرى لأني أعتبرها مناسبة هامة لملاقاة أكبر عدد ممكن من الجماهير من ناحية وبفرصة كي يستفيد العمل من مواقف وقراءات النقاد والإعلاميين لأني أعتبر هذه الأطراف ضرورية لتقييم وتدعيم الأعمال الفنية مهما كان نوعها.» وبين سامي النصري أن اكتفاء هذه المسرحية بعروض داخل الجهات تلت تقديمها في مهرجان الحمامات في دورته الأخيرة غير منصف لعمل أثبت بشهادة أهل الاختصاص أنه متميز وذو خصوصية مما يجعله يستحق التشجيع المطلوب على الأقل من خلال تمكينه من فرص أكبر للعروض خاصة داخل العاصمة. واعتبر مخرج هذا العمل أن الدعوة إلى لامركزية الثقافة بقيت مجرد حبر أو كلام أثبتت السياسة العملية ذلك. وبين أن هذا الإقصاء غير المعلن من إدارة المسرح ألحق أضرارا كبيرة بالقطاع من خلال ما وصفه بتغييب وتهميش عديد الأعمال الفنية والأفكار والإبداعات التي أنتجتها مراكز جهوية أو هياكل وأطراف تنشط داخل الجهات. ودعا هذا المخرج المسرحي الذي يشغل أيضا أستاذا بالمعهد العالي للفن المسرحي بالكاف في اختصاص فن وحرفية الممثل سلطة الإشراف إلى مراجعة هذه السياسة وفسح مجال الدعم والتشجيع التي تتيحها الدولة لكل مثقف تونسي أمام الجميع دون استثناءات أو اقصاءات.
مسؤولية جماعية
وفيما يتعلق بانتظارات القطاع المسرحي خاصة والثقافي عامة من سياسة الدولة في ظل التغييرات الجديدة ومدى استجابتها لتطلعات هذه الفئة ، بين سامي النصري (عضو في نقابة المسرحيين التونسيين) أنه متفائل بمستقبل القطاعات الثقافية شريطة أن يكون أهل الميدان حريصين على المضي قدما في مسار الإصلاح وإعادة الهيكلة بأنفسهم من خلال الاتفاق حول المصلحة العامة والقطع مع شخصنة المصالح وأضاف قائلا :» حسب رأيي ما أراه مطلوبا اليوم هو دعم القيم الوطنية في كنف حرية الفن والتفكير وذلك بأن يتضمن الدستور المرتقب نصوصا وبنودا تولي الثقافة بمختلف قطاعاتها وتوجهاتها المكانة التي تستحقها والتي لطالما انتظرها أهلها حتى تلتزم به كل الأنظمة والحكومات لأني أعتبر هذه الفئة تتحمل مسؤولية كبيرة في ترسيخ قيم الوطنية من أجل تسهيل مهمة تحقيق الطموح الوطني.» كما دعا الجميع إلى ضرورة مواصلة العمل على نحو نستجيب فيه لطموحات تونسالجديدة بعيدا عن مظاهر الإقصاء. واعتبر مخرج «هلال ونجمة» أن المسؤولية منوطة بعهدة أهل القطاع المدعويين لعدم الانزلاق في أي خانة يمكن أن تحيد عن المطلوب حتى يضطلع المثقفون والمفكرون بدورهم في بناء المواطنة الكاملة وترسيخ فكر العدالة والحرية.