40 بالمائة من المقاعد حجزتهم حركة النهضة في المجلس التأسيسي مقابل 13 بالمائة للمؤتمر من اجل الجمهورية و تليها قائمة العريضة الشعبية ب(12 بالمائة) ثم التكتل من اجل الجمهورية بنسبة 10 بالمائة. ويعزو بعض المهتمين بالشأن الاتصالي والإعلامي أن الشعبية الكبيرة التي حظيت بها حركة النهضة مردها أن الخطاب الاتصالي لباقي الأحزاب يفتقر إلى الديناميكية المطلوبة ويفترض في هذا الصدد أن تعمل هذه الاحزاب على تغييرقواعد لعبتها الاتصالية. في تقييمه لهذا الطرح يقول السيد صلاح الدين الدريدي (خبير في الاتصال و أستاذ بمعهد الصحافة و علوم الإخبار) أن باقي الأحزاب وقعت في أخطاء عديدة ابرزها انها اقتصرت على تسجيل حضورها في استوديوهات التلفزة لاعتقادها أن الاتصال السياسي يقتصر على القنوات التلفزية والمحطات الإذاعية ومواقع الواب لا غير. في حين كان "الفايسبوك" والتلفزة بالنسبة لحركة النهضة تقنيات متممة للخطاب الميداني الذي يقوم على الاتصال المباشر أو اتصال القرب الى جانب القرب الوجداني أو الديني التي تنفرد به الحركة استنادا إلى توجههم. وهي كلها عوامل أشرت للالتفاف حول حركة النهضة.
أخطاء
أما فيما يتعلق بالأخطاء القاتلة التي ارتكبتها باقي الأحزاب فهي تتعلق بالمفاهيم و المصطلحات التي تضمنها خطابهم التي تعود إلى 70 من ذلك مصطلحي الحداثة والعلمانية والتي تعد مفاهيم قاتلة إعلاميا واتصاليا وسياسيا حيث برزت هذه الأحزاب للعيان على أنها ستتحدى حركة النهضة باعتبارها رجعية ومناهضة على انهم هم حاملي الحداثة والعلمانية. ففي خضم حرب المصطلحات والمفاهيم والكلمات كانت حركة النهضة متقدمة في اختيار المصطلحات في حين كانت مفاهيم ومصطلحات باقي الأحزاب قديمة ومتقادمة. وأضاف الدريدي أن النهضة دفعت بباقي الأحزاب الى السقوط في هذا الفخ الإعلامي والاتصالي لا سيما أن الجمهور التونسي ليس في حاجة لمن يحدثه عن العلمانية أو الحداثة. ويقترح الدريدي في هذا الصدد أن تتفق باقي الأحزاب على مصطلح وحيد يترجم خطابهم و أن يلغوا تماما كلمة الحداثة والعلمانية لا سيما أن الحملة الانتخابية مثلت حرب كلمات ومصطلحات ومفاهيم انتصرت فيها حركة النهضة لذا من الضروري أن تعيد باقي الأحزاب التمركز على مستوى المصطلح وعلى مستوى الكلمات والألفاظ خلال عملية الاتصال المباشر. وشدد الأستاذ في نفس السياق على ضرورة أن تختفي بعض الوجوه و أن يقع استبدالها بأخرى تتقن قواعد التلفظ باللغة العربية او تحسن الحديث بالعامية.
البديل
من جهة اخرى يرى الدريدي أن سبب الشعبية التي حظيت بها حركة النهضة هي أنها طرحت بديلا في برنامجها عبر طرحها لنموذج مجتمعي يقطع مع كل سلبيات المرحلة السابقة في حين وقعت باقي الأحزاب في فخ المراهقة السياسية و الإعلامية و الاتصالية خاصة أن أفكارهم عكست مفاهيم قديمة.
الاتصال اللصيق
وفي نفس السياق أشار الأستاذ إلى أن حركة النهضة طبقت خلال حملتها الانتخابي النموذج البورقيبي خلال فترة الاستعمار أي في العشرية الأولى لبناء الدولة والذي يعرف آنذاك بالاتصال المباشرو هو ما يعرف وفقا لمصطلحات القذافي : "دار دار"..."زنقة زنقة" (اتصال القرب) عبر التواجد المكثف على الميدان و الاتصال اللصيق والتي انفردت به حركة النهضة مقارنة مع باقي الأحزاب استنادا إلى أنها كانت تعمل طيلة سنوات عديدة في الخفاء و اليوم عندما ظهرت للعلن تمكنت جيدا من استعمال هذه التقنيات.