لا شك أنّ منافع الأمطار المتهاطلة بغزارة على عديد مناطق الجمهورية على مدى يومين لا تحصى ولا تعد بالنسبة لمختلف أنواع الزراعات الفلاحية وخاصة على المائدة المائية... غيرّ أنّ الابتهاج بانتعاشة وارتواء التربة بعد طول عطش وتجدد هذا المورد الطبيعي لا يحجب الأضرار البشرية والمادية الفادحة الناجمة عن تدفق منسوب مياه الأودية والحالة المزرية للبنية التحتية الأساسية في عديد المناطق من طرقات ومسالك فلاحية وقنوات تصريف مياه وغيرها. وإلى جانب هذه الظاهرة الأليمة لا سيما تلك المتعلقة بالخسائر في الأرواح وتسجيل وفاة ثلاثة مواطنين أول أمس الأحد تتعدد مظاهر التداعيات السلبية للأمطار لتتحول بموجبها فوائد قطاعات إلى ضرر عند أخرى وذلك من خلال تكرر سيناريو اضطراب التزويد في بعض المنتجات الفلاحية خصوصا الخضروات جراء تعطل عملية جمعها بالحقول العائمة في المياه والأوحال بفعل تغدق الأراضي.. هذه الوضعية المتوقع بروز أثارها وانعكاسها على قفة المستهلك هذه الأيام لم يستبعدها المنجي الشريف الناطق الرسمي باسم المنظمة الفلاحية لكنه قلل من الحيز الزمني لتأثيرها المباشر على عملية التزويد مبررا ذلك بتحسن وضعية البنى التحتية خلافا للسنوات السابقة التي كانت تسجل مثل هذه الاضطرابات لمدة زمنية أطول. وحصر المتحدث المواد التي تعيق المياه الراكدة بالمزارع تجميعها واقتلاعها أساسا في الخضر الورقية لما تطرحه عملية دخول المستغلات ذات الصبغة الطينية من عوائق وصعوبات أمام المنتجين تستوجب الانتظار بعض الوقت حتى تجف التربة وتمتص مياهها. وفي ما عدا هذا الإشكال اعتبر المنجي الشريف في تصريحه ل "الصباح" أن التزويد ببقية المنتجات يتواصل عاديا خاصة بالنسبة للغلال والمواد المخزنة مثل البطاطا. من جانب " التجارة" تعتبر حالة الإرباك المتوقعة في مستوى التزويد بالخضر الورقية على وجه الخصوص أمرا يخرج عن نطاق الوزارة على اعتبار أن قاعدة التعامل بالسوق تستند إلى العرض والطلب وأن التحكم في الأسعار يرتبط بوفرة العرض وفي حال تعذر تأمين العرض الوفير تجنح الأسعار آليا نحو الصعود. غير أنّ القبول بالأمر الواقع من قبل المواطن -وليس أمامه من خيار سوى ذلك- يستلزم تحلي جانب من التجار من مقتنصي هكذا فرص وأوضاع استثنائية بالقناعة واحترام هوامش الربح المشروعة وتحاشي تضخيم الأسعار بتعلة نقص التزويد سيما أنّنا على أبواب عيد الأضحى وفي مثل هذه المناسبة يكثر الطلب على الخضروات (الخضر الورقية)بشكل غير مسبوق. على صعيد آخر وفي تقييمه لمنافع الأمطار الأخيرة اعتبر الناطق باسم اتحاد الفلاحين أنّ تغذية السدود والمائدة المائية كانت من بين أبرز التأثيرات الإيجابية المسجلة. إلى جانب فوائدها الجمة على الزراعات الكبرى والأشجار المثمرة والزياتين محذرا في المقابل من تداعياتها السلبية على انجراف التربة لما يترتب عادة عن نزول الأمطار بكميات غزيرة وفي وقت وجيز (180مم بزغوان)من خطر جرف التربة الصالحة للزراعة داعيا إلى العمل على حماية الأراضي الفلاحية من العوامل المتسببة في تفاقم مظاهر التصحر.