اختار راشد الغنوشي رئيس حزب حركة النهضة أن تكون قطرأول محطة خارجية له وذلك بعد أقل من أسبوعين على فوزالحركة العريض في انتخابات المجلس الوطني التاسيسي, وهو اختيار من شأنه أن يفرض أكثر من سؤال مشروع حول أبعاد هذه الزيارة وأهدافها لا سيما في خضم التعتيم الاعلامي الذي خيم على الحدث مما فتح المجال لكثيرمن القراءات والتاويلات المتباينة. صحيح ان راشد الغنوشي صرح في اكثرمن مناسبة أنه لا ينوي الترشح لاي منصب سياسي وانه سيترك المجال للاجيال الصاعدة للقيام بذلك ولكن الحقيقة أن تصريحات مؤسس الحركة حيثما يكون ستبقى مهمة في فهم تطورات المشهد في تونس مستقبلا... ربما توقع الكثيرون أن تكون تركيا أول محطة خارجية لزعيم حركة النهضة في هذه المرحلة وهوالذي ما انفك يروج طوال الحملة الانتخابية للنموذج الحداثي التركي, واذا كان الغنوشي بررهذا الخيار في حديثه أمس الى وكالة الانباء القطرية برغبته في دعم المشاريع التنموية بين البلدين خلال المرحلة القادمة ليمنح زيارته الى قطربعدا اقتصاديا فان ما حملته تصريحاته في الدوحة منحت الحدث أكثرمن بعد سياسي واستراتيجي. أكثرمن سبب من شأنه أن يدعوللتوقف عند تصريحات الغنوشي القادمة من قطر وقد كنا نتمنى أن نسمعها في تونس أو نقرأها على أعمدة الصحف الوطنية خاصة وأنها تتعلق بواحدة من المسائل الاكثر حساسية بالنسبة للشارع التونسي وهي مرتبطة بالدستورالقادم, وقد أكد الغنوشي في تلك التصريحات بأنه سيدرج في الدستور الجديد الذي سيصيغه المجلس التأسيسي أن تونس دولة عربية مسلمة وأننا في تونس لا نحتاج الى العلمانية من أجل التسامح والتعددية والديموقراطية وأن العلمانية والديموقراطية ليستا قرينتين لا تنفصلان فهناك دول علمانية دكتاتورية"بالاضافة الى ما خلص اليه في تصريحاته عن أولويات المرحلة المقبلة واعتباره أن وعود حزب النهضة الانتخابية ليست لعام واحد وهي المدة المفترضة لعمرالمجلس الوطني التاسيسي الذي سيتولى وضع الدستور بل ان برنامج الحزب له افاق كبيرة وخطة حتى العام 2017"... وبعيدا عن الوقوع في لعبة محاكمة النوايا للحركة أومحاولة استباق الاحداث في الوقت الذي تتواصل فيه الجهود والمشاورات بين الاحزاب السياسية المعنية لتشكيل الحكومة القادمة التي ستتولى الامانة مستقبلا, فربما يكون من المهم بالنسبة لزعيم الحركة أن يتولى وضع بعض الحروف على النقاط وأن يتوخي الشفافية والمصارحة والابتعاد على الازدواجية والغموض في التعامل مع الرأي العام بمختلف توجهاته وانتماءاته السياسية. قبل أشهروعندما كان رئيس الحكومة الانتقالية الباجي قايد السبسي في زيارة الى قطرلم تتوان الانتقادات عن ملاحقته لعدة أسباب لا مجال لحصرها... كلنا يدرك اليوم ان قطردولة نفطية وأنها ثالث أغنى بلد للغازبعد روسيا وايران وكلنا يدرك المصالح الاقتصادية والسياسية والثقافية التي تربط بين البلدين وندرك أيضا ما قدمته قطر وما تقدمه للثوارالليبيين ولكن ندرك أيضا أن قطربلد صغيريسعى ليكون له دور استراتيجي وسياسي على أكثر من موقع اقليمي وهو دورقد يفوق حجمه الجغرافي بكثير لا سيما في ظل غياب الدور المصري والسعودي والسوري والتونسي في هذه المرحلة الانتقالية للثورات العربية... نعلم جيدا أن في هذا الرأي ما يمكن أن يثير حفيظة البعض أو يزعج البعض الاخر, ولكن الاكيد ونحن نخطو أول خطواتنا على طريق الديموقراطية ان نستفيد من أول ثمارالثورة التي رسمها شهداء الحرية والكرامة بدمائهم وأن نمنح اليوم اعلامنا لتحمل الرسالة بمسؤولية ويتعلم من أخطاء وممارسات الماضي البغيضة ليكون مراة تعكس الحقائق ولا شيء غير الحقائق بعيدا عن كل أنواع التنازلات والابتزازات والمجاملات وفي منأى عن كل أنواع النفاق الاعلامي الحريص على التزلف لرموزالسلطة والبحث عن ارضائها...