سجلت مؤخرا أكثر من 500 عملية تدخل إغاثة من قبل أعوان الحماية المدنية والأمن وأعوان الحرس الوطني والجيش لإنقاذ مواطنين وعائلات ومستعملي الطريق من خطر مياه الأمطار التي داهمت عديد الجهات، فاجتاحت عديد الأنهج والشوارع في بعض المدن. وأبرز أعوان الحماية المدنية في تقرير لهم على وجه الخصوص أن تدخلاتهم كانت في عديد الجهات مثل حي التضامن بالعاصمة وسكرة ومدينة زغوان وبن عروس وكذلك في جهات عديدة من المدن الساحلية. ولئن أصبح هذا المشهد معتادا، ويتكرر في كل سنة مع أولى أمطار الخريف، فإن الظاهرة آخذة في التطور والتفاقم والإتساع حيث أصبحت تشمل جهات عديدة وأحياء كثيرة وطرقات، وغيرها من المواقع والساحات التي تتحول في كل مرة إلى برك مياه تسد المنفذ وتعطل حركة المرور، وتحيط عديد السكان بمخاطر جمة، هذا علاوة على ما تسببه من تكدس للأتربة والأوحال على الطرقات، وما تخلفه من مظاهر نتيجة ما ينساب من مياه من داخل قنوات صرف مياه الأمطار التي تتحول إلى نافورات تدفع بالمياه إلى الشوارع بدل صرفها. مظاهر الصعوبات التي برزت جراء الأمطار الأخيرة في عديد الجهات كانت في الحقيقة محيرة، خاصة وهي تتكرر في كل مرة، وتعود بنفس المظهر أو أشد، ولعل ما يبعث على الاستغراب من حصولها أنها تحصل في كل سنة، ونعتقد في كل مرة أنه سيقع تجاوزها هنا وهناك لكي لا نلدغ من الجحر مرتين أو مرات، لكن لا شيء قد تغير منذ عديد السنوات، مازالت عديد المدن والجهات تعيش نفس الوضع في بداية كل خريف مع تهاطل الأمطار بغزارة، وكان في كل مرة يكشف المستور، وتظهر نفس العيوب سواء جراء انسداد قنوات صرف مياه الأمطار في معظم الشوارع وكافة الجهات والأحياء، أو من خلال تجمع هذه المياه داخل الأنفاق أو الساحات العامة أو منعرجات الطرقات.
أين عمل البلديات وديوان التطهير
الأمطار الأخيرة وما صاحبها من تدخلات لأعوان الحماية المدنية والأمن والجيش على اختلاف أنواعها في جهات عديدة، كشف في الحقيقة أن العمل البلدي قد غاب أو تراجع بشكل كبير، أو أنه اتسم بحضور باهت وغير فاعل حتى في مظاهره اليومية التي تتصل بالشوارع في مجال رفع الفضلات وغيرها من الجوانب المتصلة بالنظافة. ولاحظ الجميع مظاهر التسيب التي طبعت العمل البلدي في كافة جهات البلاد، الكل يذكر فترة اضرابات الأعوان البلديين في الأشهر الفارطة التي تتالت سواء في العاصمة أو بقية المدن. ولا شك أن ذلك التقاعس في النشاط البلدي قد طال نشاطا في مجالات كانت تجرب على مدار السنة، وخاصة بعد انقضاء الصيف، حيث كانت تهب البلديات وديوان التطهير إلى جهر الأودية وتسريح قنوات صرف مياه الأمطار وغيرها من نشاطات النظافة والتهيئة التي تمثل استعدادا لبداية فصل الخريف الممطر، كما تتولى وزارة التجهيز على الدوام التدخل في النقاط السوداء بالعمل على إصلاح بعض الجوانب في مسعى للحد من بعض الصعوبات التي تظهر، لكن خلال السنة الجارية تعطلت كافة هذه المظاهر، وتراجع العمل البلدي ولا ندري هل أدى ديوان التطهير مهامه التي تعتبر تقليدية في هذه المجالات.