تعيش شركة معمل الآجر بوتفاحة بباجة حالة من التوتر ووضعية من الشد والجذب بين الطرف النقابي متمثلا في الكاتب العام للنقابة الأساسية لعمال الشركة (75 عاملا) والاتحاد الجهوي للشغل من جهة وإدارة الشركة من جهة أخرى مما دفع بالعمال إلى الدخول في إضراب عن العمل لمدة ثلاثة أيام ابتداء من منتصف ليل الأحد 13 / 11 / 2011. وللتذكير فإن الشركة توقفت عن العمل والانتاج لمدة سنتين من 2008 إلى نهاية 2010، تولت خلالهما الشركة إعادة هيكلة إدارتها وترتيب أمورها القانونية والمالية بعد إفلاسها في شكلها القديم ( شركة آجر الشمال) وتفويت الشريك الثاني في منابه لفائدة مالكها الحالي بشير البلاقي الذي ضخ فيها زهاء ثلاثة ملايين دينار لفائدة تجديد آلات الانتاج وصيانة بعضها الآخر من أجل تجويد الأداء و الترفيع في الانتاج وتحسين مردودية الشركة كما ونوعا وتم تركيز سلاسل نقل الطين وتكريره ومحطات الانتاج والأفران وأجهزة المراقبة ومحطات التجفيف والنقالات وغيرها منذ جانفي 2011. ورغم النقائص العديدة التي كان يعاني منها العمال فإن الهدوء كان يسود العلاقة الشغلية منذ سنة 1989إلى سنة 2010 بينهم وبين مشغلهم إلا أن رياح الثورة هبت وبسرعة على الجميع فحررت كل الأجنحة المكبلة والألسنة المعقودة والأفواه المكمومة فوجد العمال أنفسهم وجها لوجه مع مشغلهم في وضعية مختلفة سقطت معها الأقنعة و كل معاني التقرب والتذلل وكل عبارات التودد والاستعطاف وغابت معها كل موجبات الخوف من وعلى أي شيء فإذا كان " رئيس البلاد " قد هرب فلا شيء يخيف الناس بعد ذلك اليوم، ودخلت النقابة في مفاوضات تبين من خلالها أن الشركة كانت جاثمة على العديد من الحقوق الشغلية عالجتها في العديد من الأحيان بالسكوت والتربيت على الأكتاف وتقريب هذا وإبعاد ذاك وكان منطق الأبوة يمارس على العمال أكثر من منطق التعاقد الشغلي والحقوق والواجبات لذلك لم تمانع الشركة في شيء طيلة المفاوضات التي جمعتها بممثلي العمال من نقابة أساسية واتحاد جهوي وتفقدية الشغل والسلط الجهوية وتعددت الجلسات المشتركة وانبثقت عنها اتفاقيات ملزمة نفذت الشركة بعضها حسب تصريحات صاحبها وعمالها ومن أهمها الترقيات المهنية والتدرج في السلم وتفعيل بعض مقتضيات الفصل 54 من الاتفاقية المشتركة لصناعة مواد البناء وتفعيل حق الراحة السنوية والترفيع في مقدار الساعات الاضافية والتمتع بلباس الشغل في آجاله بمشاركة ممثلين عن العمال في اختياره وتوفير وسيلة نقل لائقة تنقلهم من وإلى موقع عملهم مع التنصيص على منح الغبار والحليب والانتاج ابتداء من 2008 وقد تم تمتيع العمال ببعضها ومازال البعض الآخر رهن الانتظار حسب تصريح عضو من مجلس الإدارة وعدد من العمال الذين التقيناهم على رأس عملهم يوم الأحد ليلة الإضراب بالذات والذين أكدوا لنا بالحضور وعلى لسان الكاتب العام المساعد لنقابتهم الأساسية انهم لا يرغبون في الإضراب لمجرد الإضراب بل يريدون فتح قناة تواصل مع أحد المسؤولين لتقريب وجهات النظر وتجاوز ما سموه بالتهميش وعدم الاكتراث بمطالبهم من قبل أعضاء مجلس الإدارة وحرمانهم من حق ممارسة العمل النقابي من خلال تحييد الكاتب العام للنقابة الأساسية وهم على استعداد لتأجيل الإضراب أو تعليقه تماما.
الإدارة توضح
وللوقوف على رأي الإدارة في ذلك أفادنا محمد البلاقي عضو مجلس الإدارة و طارق الحباشي ممثلها الإداري والقانوني بأن العملية لا تعدو ان تكون مزايدة على حساب العمال ومصالحهم ومحاولة صارخة للإضرار بمصالح الشركة وتعطيلا لعملها في غير الصيغ القانونية ورأى أن تدخل أحد أعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد الجهوي للشغل يوم 26 أكتوبر 2011 ودعوته العمال إلى تعليق العمل لمدة ساعتين احتجاجا على عدم حصولهم على سلفة عيد الأضحى قد ترتب عنه خسائر يقدرها صاحب الشركة بحوالي 15 ألف دينار ويضيف بأنه ورغم تسليم السلفة المطلوبة للعمال ورغم مشاركة ممثلي الإدارة في جميع الجلسات التفاوضية والتزامهم بتنفيذ جميع ما ورد بمحاضر جلساتها فإن النقابة ممثلة في الكاتب العام للنقابة الأساسية وعضو المكتب التنفيذي للاتحاد الجهوي للشغل بباجة المذكور سابقا أصرت ، حسب قوله دائما ، على إدخال العمال في دوامة من الاضرابات بدعوى المطالبة بالحقوق الشغلية في حين لا تعدو المسألة أن تكون مجرد تجاذبات وتصعيد استعراضي يدعي من خلاله هذا العضو أنه تعرض للاعتداء اللفظي من قبل عضو من أعضاء مجلس الإدارة وهو السبب الأول الذي من أجله أضرب العمال وفق ما جاء ببرقية الإضراب الموجهة للجهات المعنية بتاريخ 28 / 10 / 2011 والمتضمنة أيضا إشارة إلى المضايقات التي يتعرض لها كاتب عام النقابة الأساسية وإلزامه بالراحة السنوية إضافة إلى تراجع الشركة في محاضر اتفاق ولذلك يصر الممثل القانوني للشركة على اعتبار المسألة خارجة عن نطاق العمل النقابي والمطالبة بالحقوق كما أن برقية الاضراب لا تذكر أسبابا مقنعة للإضراب ولا تحدد مكان إجرائه لذلك رفع شكاية لوكالة الجمهورية ضد الكاتب العام للنقابة الأساسية وعضو المكتب التنفيذي وطالب بفتح بحث في الغرض وتتبعهما من أجل جرائم تعطيل حرية الخدمة والإضرار عمدا بملك الغير والعصيان ومخالفة قانون الطوارئ مع الإصرار على تتبعهما كما ذكر أن كاتب عام الاتحاد الجهوي للشغل بباجة طلب منه التنازل عن القضية مقابل إبطال الإضراب لكنه رفض المساومة وهو ملتزم بتحمل مسؤولياته أمام القضاء فيما يراه مناسبا في حق العمال إن أخطأت الشركة في حقهم. ولمزيد الإيضاحات اتصلنا بالمشتكى به عبد الحميد الشريف عضو المكتب التنفيذي للاتحاد الجهوي للشغل بباجة المكلف بالقطاع الخاص فأفادنا بان تواجده بين العمال ومناصرتهم في قضاياهم العادلة أمر طبيعي وانه شارك في جميع المفاوضات التي جرت بين المشغل والعمال ورغم ما عاشته الشركة من صعوبات ورغم ما عاناه العمال من ظروف صعبة وإخلالات تعاقدية فإن الاتحاد وانطلاقا من مبدإ الحفاظ على مواطن رزق الناس كان يدفع نحو تقريب وجهات النظر باقل الأضرار إلا أن المشغل كان دوما يكرس سياسة الاستقواء بالمال والجاه راميا عرض الحائط جميع الاتفاقيات القطاعية مستكثرا على العامل حقه في ضمان أسباب العيش الكريم ولأن الثورة فاجأته فإنه لم يجد الوقت الكافي ليدرك أن زمن الاستغلال قد ولى وانتهى ورغم ذلك ما زال يصر على تجاهل الجلسات المشتركة والتهرب من مسؤولياته أمام عماله. وعن القضية المرفوعة ضده أفادنا بانه لم يقم سوى بما تمليه عليه مسؤوليته النقابية وليأخذ القضاء مجراه وهو مستعد إلى حد هذه الساعة كطرف نقابي يتحلى بروح المسؤولية إلى تقريب وجهات النظر إذا ما رأت الشركة أنها قادرة على الجلوس إلى طاولة التحاور وتطبيق ما جاء الاتفاقية المشتركة لصناعة مواد البناء وضمان حقوق العمال بما يحفظ كرامتهم ويعيد اعتبارهم.