فنية سامية في المستشفى تتعرض الى ابشع انواع المضايقات النفسية والمادية (والاستفزازات الجنسية) من اجل ان تتخلى عن زوجها السجين السياسي المحاصر في زنزانة انفرادية لمدة فاقت ال12 عاما.. قبل ان يودع في زنزانة اخرى مع مجموعة صغيرة من المساجين.. في ظروف بائسة جدا.. معلمة تضطر الى ان تعمل ليلا نهارا لتوفر حاجيات ابنائها الثلاثة ومصاريف التنقل محملة ب"القفة" مئات الكيلومترات بين السجون التي نقل اليها زوجها ورفاقه خلال 16 عاما بطرق تعسفية.. نكاية فيه وفي اسرته.. وحتى يفهم بقية المواطنين "الدرس الرسالة": المعارضة تعني "خراب البيوت".. تلميذ دخل عالم الزنزانات وهو في ال17 من عمره ولم يغادره الا وهو في ال32.. بعد عقد ونصف من التعذيب والتنكيل والتهميش ومحاولة "القتل البطيء".. + اطفال قتل اباؤهم تحت التعذيب او بسبب سوء المعاملة في السجن بينهم عبد الرؤوف العريبي وفتحي الخياري وسحنون الجوهري ومبروك الزرون وعشرات من الابرياء.. + ربّ عائلة غامر بحياته وحياة زوجته واطفاله "حرق" بحرا مع زوجته وابنائه الخمسة (بينهم طفل في شهره الخامس).. حتى لا يعود الى زنزانات الايقاف.. ممثلو هؤلاء وذويهم يدخلون هذه الايام لاول مرة مباني قصور"مجلس النواب" والقصبة وقرطاج.. تكريسا لارداة الناخبات والناخبين.. الايام التي نعيشها فعلا تاريخية بكل المقاييس.. تيار عريض من الشعب يتطلع الى صناع القرار الجديد.. ويتساءل: هل سينجحون في وقف الفلتان الامني والاضطرابات الفوضوية التي توشك ان تشل البلاد؟ وهل يوفقون في تلبية الوعود التي قطعوها على انفسهم قبل الانتخابات وعلى راسها محاربة الفقر والبطالة والتهميش؟ وداخل رجال الاعمال والنخب الثقافية والاعلامية والمجتمع المدني يراقب كثيرون عن كثب تسارع التحركات في "باردو" و"القصبة" و"قرطاج" وفي مقرات احزاب النهضة والمؤتمر والتكتل ومكاتب بقية القوى السياسية والنقابية والجمعياتية.. انها التجربة التعددية الاولى التي تحترم فيها جل الاطراف نتائج صناديق الاقتراع.. لكن السؤال الكبير هو: هل سيحترم الفائزون بالاغلبية قانون اللعبة كاملا؟ وهل سيكرسون شعارهم المركزي: الشعب مصدر السلطات والدولة مدنية؟ وهل سيضلون اوفياء الى القيم العربية الاسلامية النبيلة التي تدعو الى التواضع وتعبر ان "سيد القوم خادهم"..