رغم أن هناك شبه إجماع حول فصل الدين عن السياسة وتحييد المساجد والجوامع عن الخطب السياسية، إلا أننا لاحظنا في المدة الاخيرة استمرار استغلال المنابر الدينية لتقديم الخطب السياسية بدلا من الخطب الدينية.. يوم الجمعة الماضي تحولت خطبة الجمعة بجامع الفتح بالعاصمة الى خطاب سياسي، حيث توجّه إمام الجمعة للمصلين بقوله لقد غيرت خطبتي حول هجرة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم في آخر لحظة حتى نواكب الحدث الاسلامي المتمثل في الاحتفال بمناصرة المسجد الأقصى الذي يسعى اليهود الى تدميره وبناء الهيكل المزعوم. الى حد هنا كل شيء عادي لكن مع مرور الوقت تحوّل الخطاب الديني الى خطاب سياسي حيث توجه إمام الجمعة بنداء للحكومة الجديدة والمجلس التأسيسي والرئيس المنتظر لسحب المبادرة العربية حول مسألة التطبيع مع إسرائيل ودعوة كل الرؤساء لطرد السفراء الاسرائيليين وقطع كل مجالات التعاون معها اقتصاديا وسياسيا وثقافيا داعيا الشعوب الاسلامية للجهاد من أجل تحرير القدس الشريف حيث الصلاة الواحدة في رحابه بخمسمائة صلاة. هذا الخطاب يمكن أن يكون جائزا لو لم يكن في رحاب الجامع وكان في فضاء ثقافي أو سياسي أين يمكن طرح هذه المسائل على الحكومة والمجلس التأسيسي أو حتى على الرئيس المنتظر أما أن يكون في المنابر الدينية فهو إشارة حمراء جديدة تذكرنا بخطب سابقة لانتخابات المجلس التأسيسي التي احتضنتها بعض المساجد والجوامع في عدة مناطق من البلاد وأثارت نقاشات وانتقادات عدّة توّجت بدعوة من وزارة الشؤون الدينية الايمة لتحييد الجوامع عن الخطب السياسية.