لازال الاختلاف حول تحييد المساجد عن السياسة قائما. ومازال التباين في آراء بعض الائمة في تونس قائما حول نصوص خطبهم وتحميل الخطب الدينية وخاصة خطبة الجمعة بعض الأفكاروالتوجهات السياسة. ويبقى السؤال المطروح هل يجوز أن تحمل الخطب والدروس الدينية توجهات فكرية؟ هذا الجدل القائم اليوم حول الدعاية السياسية في المساجد ادانته وزارة الشؤون الدينية مؤخرا حيث دعت الأئمّة الخطباء إلى ضرورة الالتزام في خطبهم بأخلاقيات الخطاب الديني وبآداب المساجد التي تقوم على الموعظة الحسنة والراشدة ودرء المفاسد والابتعاد عن النيل من أعراض الناس. وأوصتهم بتحييد المساجد وعدم التعرض في فضاءاتها لكل ما من شانه التدخل في توجيه الحياة السياسية والاكتفاء بالجانب الديني في خطبهم والابتعاد عن الدعوة إلى التحزب وإشاعة الفتن واستغلال بيوت الله لغايات خارجة عن دورها. غير أن توجيه الخطاب الديني في تونس لازال قائم الذات فبعد أن كانت الخطب الدينية لا تخلو من الدعاء للرئيس المخلوع وذكر اسمه على أساس انه حامي الوطن والدين ليستبدل هذا الخطاب بدروس وخطب مبطّنة في محاولة لتمرير أطروحات بعض الأحزاب السياسية المتشدّدة التي تنمّ عن اعتماد دورالعبادة في التعبئة الجماهيرية للاستفادة منها خلال الاستحقاقات الانتخابية. ولئن تحررت الخطب الدينية في ظاهرها من الرقابة ومن حضور الشرطة السرية وغابت عنها التقارير الأمنية والدعاء للمخلوع فانّ عملية التوجيه تكرسّت في اللعب على المشاعر الدينية للمصلين وهو ما امتعض منه عديد المصلين وبعض الائمة. وفي هذا الشأن استشهد الخطيب وعضو المجلس الإسلامي الاستاذ صلاح المستاوي في قوله بما جاء في كتاب تقريب المعاني على متن رسالة ابي زيد القيرواني قوله" الخطبة أي الاولى والثانية يشترط اشتمالها على تحذير وتبشير ولو من محض قران"مضيفا: "بهذا اعتبر أن خطبة الجمعة هي ذكر وتذكير للمسلم بما له وما عليه .كما امر الله المسلمون أن يجنبوا بيوت الله التي تقام فيها صلاة الجمعة الاختلاف والتنازع والتحاضروعلى القائم بها الايجاز على حدّ قوله :"من امّ منكم فليخفف". كما اكد المستاوي امتعاضه من الانباء التي تصله عن استغلال بعض الاطراف للمساجد والخطب الدينية لتمرير خطابا يقوم على التشهير والتعيير والمزج بين الدروس الدينية والشحونات السياسية". ومن جانبه اكدّ استاذ التفكير الاسلامي ورئيس جمعية العلوم الشرعية رضا الغويلي على الرفض القاطع للتنظير لايّ حزب سياسي في المساجد باعتبارأن النصوص الدينية هي الموّجه الاساسي للخطب الدينية. كما انه باستطاعة المصلين توجيه الخطبة ويضيف محدثنا: "نرفض تحزيب المساجد ولكن لا يجب تحييدها عن السياسة، باعتبار ان السياسة ترعى مشاكل الامة وتحمل رسائل اجتماعية وفكرية للشعب. وافاد بان الخطب الدينية تقطع مع شتم أحزاب لأخرى أوالتحريض على الاختلاف والتنازع وخير مثال على ذلك ما جرى مؤخرا في احدى المساجد بولاية اريانة حيث طالب احد المصلين الخطيب بالالتزم بالدعوة للتدين وشحن المصلين بالنصوص الدينية دون مزج الخطب الدينية بأفكار للتعريف بتوجهات بعض التيارات الإسلامية. وبخصوص ما تردد حول الدروس التي يقدمها الشيخ عبد الفتاح مورو احد القياديين السابقين لحركة النهضة بأنّها الأقرب إلى السياسة منها إلى الدين اتصلت "الصباح "بالشيخ مورو" ففى ما تردد بشأن تحميل أفكاره وتوجهاته في شكل خطب دينية مؤكدا بان المساجد هي للدعوة الدينية, لذا وجب أن تقوم الخطب الدينية على أساس تحسيس المصلي بواجبه الديني وهي تتجاوز الدعاية الحزبية ".