وزارة التعليم العالى تطلق مكتبة افتراضية مدعومة بالذكاء الاصطناعي    الديبلوماسية التونسية تحتفل بيومها الوطني : التاريخ .. المبادئ .. الأهداف    عاجل/ الجيش الاسرائيلي يعلن إنتشاره في جنوب سوريا    ترامب ينشر صورة له وهو يرتدي زي البابا ..    سوسة: القبض على شخص مصنف خطير وحجز مواد مخدرة    كارول سماحة تنعي زوجها بكلمات مؤثرة    استعدادا لعيد الإضحى المبارك وزارة الفلاحة توصي بتلقيح الحيوانات وتأمين أضاحي سليمة    دراسة جديدة: الشباب يفتقر للسعادة ويفضلون الاتصال بالواقع الافتراضي    البطولة العربية للرماية بالقوس والسهم - تونس تنهي مشاركتها في المركز الخامس برصيد 9 ميداليات    عاجل/ البحر يلفظ جثثا في صفاقس    شبهات فساد: قرار قضائي في حق وديع الجريء ومسؤولين آخرين.. #خبر_عاجل    هند صبري: ''أخيرا إنتهى شهر أفريل''    عاجل/ ضحايا المجاعة في ارتفاع: استشهاد طفلة جوعا في غزة    الحكومة الإيرانية: نخوض المفاوضات مع واشنطن لأننا لا نرغب في نزاع جديد بالمنطقة    المأساة متواصلة: ولادة طفلة "بلا دماغ" في غزة!!    سيدي بوزيد: انقطاع الكهرباء في هذه المناطق    وفاة وليد مصطفى زوج كارول سماحة    بطولة الكويت : الدولي التونسي طه ياسين الخنيسي هداف مع فريقه الكويت    جندوبة: استعدادات لانجاح الموسم السياحي    قبل عيد الأضحى: وزارة الفلاحة تحذّر من أمراض تهدد الأضاحي وتصدر هذه التوصيات    التلفزيون الجزائري يهاجم الإمارات ويتوعدها ب"ردّ الصاع صاعين"    الولايات المتحدة توافق على بيع صواريخ بقيمة 3.5 مليار دولار للسعودية    السلطات الجزائرية توقف بث قناة تلفزيونية لمدة عشرة أيام    صُدفة.. اكتشاف أثري خلال أشغال بناء مستشفى بهذه الجهة    افتتاح مهرجان ربيع الفنون الدّولي بالقيروان    سعيّد يُسدي تعليماته بإيجاد حلول عاجلة للمنشآت المُهمّشة    الهند تحظر واردات كافة السلع من باكستان    التوقعات الجوية لليوم السبت    جلسة عمل بين وزير الرياضة ورئيسي النادي البنزرتي والنادي الإفريقي    ملكة جمال تونس 2025 تشارك في مسابقة ملكة جمال العالم بالهند    مهرجان «كنوز بلادي» بالكريب في دورته 3 معارض ومحاضرات وحفلات فنية بحديقة «ميستي» الاثرية    نصف نهائي كأس تونس لكرة اليد .. قمة واعدة بين النجم والساقية    تفاصيل الاحكام السجنية الصادرة في قضية "التسفير"    الدوريات الأوروبية.. نتائج مباريات اليوم    تونس: مواطنة أوروبية تعلن إسلامها بمكتب سماحة مفتي الجمهورية    تحسّن وضعية السدود    اللجنة العليا لتسريع انجاز المشاريع العمومية تأذن بالانطلاق الفوري في تأهيل الخط الحديدي بين تونس والقصرين    عاجل: بينهم علي العريض: أحكام سجنية بين 18 و36 سنة للمتهمين في قضية التسفير مع المراقبة الإدارية    القيروان: هلاك طفل ال 17 سنة في بحيرة جبلية!    الاتحاد الجهوي للفلاحة يقتحم عالم الصالونات والمعارض...تنظيم أول دورة للفلاحة والمياه والتكنولوجيات الحديثة    تونس تستعدّ لاعتماد تقنية نووية جديدة لتشخيص وعلاج سرطان البروستات نهاية 2025    اتخاذ كافة الإجراءات والتدابير لتأمين صابة الحبوب لهذا الموسم - الرئيسة المديرة العامة لديوان الحبوب    الليلة: أمطار رعدية بهذه المناطق..    جريمة قتل شاب بأكودة: الإطاحة بالقاتل ومشاركه وحجز كمية من الكوكايين و645 قرصا مخدرا    غرفة القصّابين: أسعار الأضاحي لهذه السنة ''خيالية''    منوبة: احتراق حافلة نقل حضري بالكامل دون تسجيل أضرار بشرية    سليانة: تلقيح 23 ألف رأس من الأبقار ضد مرض الجلد العقدي    فترة ماي جوان جويلية 2025 ستشهد درجات حرارة اعلى من المعدلات الموسمية    البنك المركزي التونسي: معدل نسبة الفائدة في السوق النقدية يستقر في حدود 7،50 بالمائة في أفريل 2025    أبرز ما جاء في زيارة رئيس الدولة لولاية الكاف..#خبر_عاجل    الجولة 28 في الرابطة الأولى: صافرات مغربية ومصرية تُدير أبرز مباريات    الرابطة المحترفة الثانية : تعيينات حكام مقابلات الجولة الثالثة والعشرين    الرابطة المحترفة الأولى (الجولة 28): العثرة ممنوعة لثلاثي المقدمة .. والنقاط باهظة في معركة البقاء    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    صفاقس ؛افتتاح متميز لمهرجان ربيع الاسرة بعد انطلاقة واعدة من معتمدية الصخيرة    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أين عبد الكريم الهاروني يا حركة النهضة؟
نشر في الصباح يوم 29 - 11 - 2011

بقلم : مصطفى بعزاوي عرفت عبد الكريم الهاروني أيام الجامعة و على وجه الدقة عند تأسيس الإتحاد العام التونسي للطلبة. و لا أذيع سرا إن قلت أن كل الزعامات الشابة في حركة النهضة الآن هي من الكوادر التي سهرت على تأسيس هذا الإتحاد. كان عبد الكريم الهاروني أول أمين عام لهذا الجسم النقابي الذي استطاع في وقت قياسي أن يوحد الجزء الأكبر من الساحة الطلابية حول منظمة طلابية تقطع مع واقع التشتت السرطاني للعائلات الفكرية والسياسية في الجامعة و أساسا اليسار الطلابي. نفس هذا اليسارالذري ساهم و الحق يقال في تدريب هذه الكوادر الإسلامية الشابة و الطموحة على أساليب النضال النقابي و السياسي من خلال الاحتكاك و التجاذب شبه اليومي في ساحات الجامعة التونسية.
كان عبد الكريم الهاروني كاريزما ذلك النضج و تلك الطموحات لشباب على درجة عالية من التعليم و الثقافة, يصلي لكن لا يلبس الجلباب و لا يتزين بلحية و لا يلوك عود الأراك. كان دلالة حية على نوعية جديدة من المناضلين الإسلاميين الذين خرجوا عن الصورة النمطية «للمصلين». لم نجد صعوبة أصلا, ونحن إسلاميون, في التعامل مع كل الطلبة وحزنا على كثير من الاحترام و التقدير، بل كنا نموذج المناضلين الحقيقيين. لم يكن من السهل على قيادة الإتحاد الجديد فتح الأبواب, التي كانت مغلقة بشكل مبدئي, للحصول على تزكية و مباركة النخب الوطنية كالإتحاد العام التونسي للشغل و الرابطة التونسية لحقوق الإنسان فضلا عن وزارة الإشراف الطرف المحاور الوحيد لهذا الإتحاد الناشئ. ولعل نجاح عبد الكريم الهاروني يتجسد في فتح هذه الأبواب التي كادت أن تكون شبه مستحيلة بحكم التعاطف الكبير, لكل الطبقة المثقفة و السياسية و الفكرية مع بقايا الإتحاد العام لطلبة تونس, إلا أنه مع ذلك نجح في ربط قنوات اتصال حقيقية, بل حاز على كثير من الاحترام والتقدير من كل الذين فتحوا له مكاتبهم.أكثر هذه اللقاءات أهمية تلك التي جمعته بالمرحوم الحبيب عاشور الذي لم يخف إعجابه الكبير بعبد الكريم الهاروني وشخصيته التي شبهها ببورقيبة
لكن بعد 14 جانفي, و في حين كانت كل القوى السياسية في البلاد تشحن مناضليها و كوادرها للتعريف بها لدى الشعب التونسي لتصدر المشهد السياسي غاب عبد الكريم الهاروني الذي كان عنوانا لجيل كامل. لم أفهم و لا أفهم إلى الآن كيف يغيب عبد الكريم الهاروني عن المشهد الوطني الكبير. إن صفته كنائب في المجلس التأسيسي و غيابه عن كل المنابر الإعلامية قبل و بعد الانتخابات لا يعطى للرجل حقه على ما أعرفه عنه. و مع احترامي الكبير لكل الوجوه والأسماء التي تبرز تباعا من حين لآخر في البرامج الحوارية حول كل القضايا التي تشغل بال التونسيين فإني أعترف أني افتقدته و كم تمنيت لو حظي ببعض الحضور الذي حظي به غيره. ربما يكون هذا من الاختيارات التنظيمية لحركة النهضة ذاتها و لا أشك لحظة في أنها تعتمد تنظيم توزيع الأدوار بين قياداتها, بحجة أنه يصلح لمستقبل الأيام. إلا أني أجزم أنني شخصيا خسرت بهذا الغياب و خسر كل أفراد جيلي. أقول و بعد أن ترتبت أوراق الحياة السياسية, على الأقل في المدى المنظور, أنه حان الوقت لخروج هذه الكاريزما التي يعرفها آلاف الطلبة الذين عايشوا الحياة الطلابية بين سنوات 80 و 90 من القرن الماضي وقد أصبحوا كهولا و الكثير من أبنائهم و بناتهم ينتخبون.
حان الوقت لإخراج هذه الكاريزما التي تعبر عن مستوى من الخطاب و من الوعي نحن بأشد الحاجة إليه في هذه الفترة. إن كل رموز النضال السياسي و النقابي لتلك الفترة يعرفون من هو هذا الرمز فكل الأسماء الحالية للحركة السياسية في تونس هم من أبناء تلك الحقبة بالذات، وكانوا في احتكاك بعبد الكريم بشكل أو بآخر و ربما يكونون هم أكثر من يحترمون خصما سياسيا بهذا الحجم.
إن تونس اليوم هي بحاجة لكريزما بهذا الوزن، و مهما كان النظام السياسي الذي سيقره المجلس التأسيسي فإن وجود رمز للدولة و المجتمع هو أكثر من ضرورة لتماسك النظام سياسي مهما كان نوعه. فإن كان نظاما برلمانيا فإنها بحاجة إلى رئيس حكومة يكون له من الوزن ما يضمن ديمومة اختيارات الكتل النيابية الغالبة و إدارة المعارضة كي لا تصل إلى القطيعة و الصدام. و إن كان نظاما رئاسيا كان الرئيس ضمانة لهيبة الدولة وقدرتها على المضي قدما في برامجها الإصلاحية و خصوصا في العلاقات الخارجية و كسب احترام الدولة و الشعب. و إن كان نظاما نصف نصف فالرمز يكون قادرا على إدارة اقتسام السلطة دون الوقوع في خطر تنازع الصلاحيات مع بقية السلطات. تونس بحاجة إلى وجه شاب و مناضل له القدرة على التوفيق بين كل أطياف المجتمع و عائلاته السياسية على دراية تامة بكل ألوان الطيف السياسي و رموزه و هذا ما يتوفر في نظري في عبدالكريم الهاروني مع احترامي و تقديري لكل رموز البلاد.
إن تونس تنتظر الشخص الذي يحبه الشعب و لا يكفيه الإجماع و الوفاق. تونس هي بأمس الحاجة إلى هذه النوعية من الطاقات التي يجب أن يكتشفها الشعب ليعرف و يتأكد أن هذه الأرض ولادة و معطاء. إن كل تأخير في تفعيل هذه الطاقات, خصوصا لتأسيس لمجتمع جديد, هو تقصير بمعنى من المعاني في حق البلاد. لقد تجاوز الرجل الخمسين سنة أو شارف عليها وهي السن التي عادة ما تتصدر فيها الرموز العالمية قيادة بلدانها. أوباما وكامرون ليسوا أحق منه بقيادة بلدانهم وهم على رأس النظام العالمي برمته في نفس سنه تقريبا, أما زباتيرو فقد تنحى من قيادة إسبانيا و لم يبلغ بعد الأربعين من عمره, فلماذا لا زلنا نؤمن إلا بالمسنين و أصحاب الخبرة؟ . أدعو كل وسائل الإعلام إلى رفع الغطاء عن هذه الشخصية و اكتشافها و التي أعتبرها من الشخصياتالمجهولةأوالمعتم عليها. على أني أؤكد و أشهد الله و الناس أن هذا رأيي الشخصي و إني أمارس حقي في إبداء رأيي حول موضوع يهم بلدي و شعبي لا أريد من وراء ذلك جزاء و لا شكورا. و من حقي أن أختار من أثق به و يتكلم باسمي دون حاجتي إلى مراجعة خطاباته و أكون مجبرا على الجري وراء التصريحات و التلميحات لترجمة أفكاره. إنها دعوة أعتبرها جزء من واجبي تجاه هذا الوطن العزيز و تجاه هذه التجربة الفريدة التي تصل فيها حركة إسلامية إلى سدة الحكم عبر صناديق الاقتراع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.