إضافة إلى كونها فضاءات محلية للتطوع في أنبل مظاهره، فإن لجان الأحياء تمثل إحدى الآليات الفاعلة التي تمكن المواطن من الانخراط في الحياة العامة والمساهمة بصفة ملحوظة في تطوير منظومة عيش متساكني الاحياء في مختلف المستويات سواء المتصلة منها بمعاضدة المجهود البلدي من حيث النظافة والعناية بالبيئة وحفظ الصحة ودعم البنية الأساسية وصيانتها أو بالمشاركة في العمل الاجتماعي والمدّ التضامني والتنشيط الثقافي والترفيهي بالأحياء التي تكفّلت لجانها إبّان أحداث الثورة بالحفاظ على أمن السكان وحماية المؤسسات من أعمال النهب والتخريب رغم ما تضمنه الوضع الميداني المتأزم آنذاك من فوضى عارمة وحالة اضطراب وانفلاتات على مختلف الأصعدة. ويبلغ عدد لجان الأحياء بكامل مناطق ولاية سيدي بوزيد حتّى موفّى شهر فيفري 2010، حوالي 122 لجنة حيّ، 93 لجنة حيّ داخل المناطق البلدية و 29 خارجها، و تضمّ هذه اللجان في مجموعها 876 عضوا منهم 99 من جنس الإناث، وتمكنت هذه اللجان منذ سنة 1991 تاريخ انطلاق نشاطها بالجهة إلى موفى شهر ديسمبر 2009 من المساهمة بمليون و58 ألفا و 192 دينارا في اطار تدعيم العمل التنموي المحلي من خلال انجاز العديد من الأنشطة و التدخلات التي بلغت جملة الإعتمادات التي صرفت للقيام بها خمسة ملايين و 760 ألفا و 942 دينارا. واعتبارا لتوسع مجالات تدخلاتها وتنوع أنشطتها التطوعية الرامية إلى خدمة الصالح العام والمساهمة بالخصوص في تأمين دعائم جودة الحياة وتحسين ظروف العيش في الأحياء وخلق مناخ التضامن والتآزر بين متساكنيها تمكنت هذه الهياكل الناشطة من الحصول على جوائز على النطاق الوطني، حيث تمّ إسناد جائزة الدولة لأنشط لجنة حي خلال سنتي 2003 و 2008 إلى لجنة حي التحرير بمعتمدية سيدي علي بن عون ولجنة حي النصر بالرقاب التي تحصلت كذلك مع لجنة حي المنار على جوائز وزارة الداخلية والتنمية المحلية الخاصة بالنظافة والعناية بالبيئة. أنشطة متنوعة للجان الأحياء قبل الثورة
وتسعى لجان الأحياء منذ إحداثها بولاية سيدي بوزيد إلى تكثيف أنشطتها وتوسيع نطاق تدخلاتها سواء المتعلقة منها بدعم البنية الأساسية والمحافظة على التجهيزات والمرافق العمومية أو بمعاضدة العمل البلدي، حيث تقوم اللجان بحملات النظافة والسهر مع أعوان التراتيب على التصدّي لظاهرة البناء الفوضوي كما تساهم في تبييض واجهات المساكن والمؤسسات العمومية الموجودة بالأحياء ودهن حواشي الطرقات فضلا عن تنظيم أنشطة تحسيسية وتوعوية مستمرة توظف فيها بعض الدعائم التثقيفية مثل النشريات والمطويات حول دفع الآداء البلدي واحترام مواقيت رفع الفضلات المنزلية ووضعها في الحاويات أو الأكياس البلاستيكية المعدّة لها. وفي إطار المحافظة على المظهر الجمالي للأحياء ودعمه، قامت هذه الهياكل بإحداث المساحات الخضراء والحدائق وبناء الأقواس والنافورات التي تمثل رمزا لخصوصية الحي إلى جانب تشجير الأنهج بالتعاون مع دائرة الغابات وتعهدها بالصيانة اللازمة وإقامة مسابقات حول اختيار أجمل المساكن وأحسن الحدائق. كما تهتم اللجان ببعض الأنشطة الأخرى المتصلة بالتنشيط الثقافي والرياضي والترفيهي والمساهمة في العمل الاجتماعي والمدّ التضامني الذي بموجبه تقدّم المساعدات للعائلات المعوزة والمسنين من متساكني الأحياء خاصة خلال الأعياد والمناسبات الدينية. وتعزيزا للمجهودات المبذولة في هذا المجال سعت هذه اللجان إلى إحداث بنوك معلومات حول متابعة أحوال المتساكنين وخاصة ذوي الدخل المحدود منهم و القيام بتظاهرات وحملات تحسيسية تحثّ على حسن الجوار وترسيخ مبادئ التكافل والمدّ التضامني من خلال تركيز معلقات في الأماكن البارزة بالأحياء.
تفعيل اللجان
بعد الثورة بدأ عدد لجان الأحياء بولاية سيدي بوزيد يتقلص تدريجيا وبصورة لافتة للإنتباه تطرح أكثر من اشكال نظرا للتحولات الكبيرة والنقلة النوعية التي يشهدها التوجّه الجمعياتي المعتمد في تونس خلال المرحلة الإنتقالية، ولعلّ السبب في ذلك يعود إلى غياب الدعم المالي المطلوب وضعف الإحاطة والتأطير خاصة عقب فشل الجلسات التشاورية حول تشكيل أعضاء النيابات الخصوصية للإشراف على سير العمل البلدي علاوة على الإتهامات الموجهة لهذه اللجان على خلفية ارتباطها بحزب التجمّع المنحلّ ومناشدتها للرئيس المخلوع. ولكونها إطارا تمثيليا لسكان الحي وتتقمص دور الناطق باسمهم فالنيابات الخصوصية والسلطات المحلية مدعوة إلى تفعيل لجان الأحياء وذلك بتشريكها في حضور الاجتماعات وتوسيع دائرة الحوار معها حول أهم مطالب السكان والسعي إلى حلها على أرض الواقع خدمة للتنمية المحلية والمستديمة.