ماذا حدث بالتحديد في قطاع السكة الحديدية بصفاقس ليدفع إلى الدخول في إضرابات يرى فيها المواطن تعطيلا لمصالحه؟ سؤال يجب طرحه للرأي العام وللمسافر الذي كان ولا يزال يرى في سكة الحديد الطريق الموصلة لقضاء حاجياته، ففي الآونة الأخيرة شهدت مدينة صفاقس اضرابا لأعوان السكة الحديدية بيومين في 2و3نوفمير لتعيد النقابة اضرابا ثانيا يوم 16نوفمبر الماضي بعد أن جلس الطرف المفاوض مع الإدارة بهدف العمل على تلبية بعض المطالب التي يرى فيها الحديديون أنها مشروعة لا سيما مع ما يعيشونه من ظروف قاهرة خلال ممارستهم للمهنة. تطبيق محضر اتفاق 22 جوان
ينص هذا الإتفاق على ثلاث نقاط أساسية تتمثل أولاها في ضرورة تمكين الأعوان الذين قضوا25سنة فما فوق في العمل و لم يتحصلوا على ترقية في الصنف من ترقية آلية، كذلك تمكين الأعوان الذين تحصلوا على ترقيات في الصنف سنوات2004 و2005 و2006 و2007 من المفعول المالي الرجعي أو تقديم ما يثبت صحة ما تقاضاه الأعوان من خلال كشوفات مالية. أما النقطة الأخيرة فتتمثل في احترام ما تم الإتفاق بشأنه في خصوص تذكرة الحجز بالنسبة للعائلة الحديدية، وقد أبدى الكاتب العام للفرع الجامعي للسكة الحديدية رضا بازين استغرابه من تعنّت الإدارة التي رفضت منح الترقيات بصفة آلية معلّلة ذلك حسب رأيه بأن الإنعكاس المالي لمجمل هذه الترقيات يساوي360ألف دينار وبالتالي فإنها ترى أن هذا المبلغ مشط مبينا أن الطرف الإداري يتجاهل ما أسفرت عنه المفاوضات التي دامت أكثر من ست ساعات لأنه يستكثر هذا المبلغ على من قضّى زهاء ربع قرن دون ترقية في الصنف في وقت تكبّدت فيه الإدارة بسبب تعنتها ذات التكلفة في يومي إضراب مشيرا إلى أنه كان من الأولى ألاّ تتراجع عن الإتفاق الممضى"وإلاّ فما قيمة مفهوم المفاوضات بين الطرف النقابي والطرف الإداري لفضّ نزاعات العمال والدفاع عن مكتسباتهم وحمايتهم بتطبيق التشريعات مثلما هو شأن العامل في حماية مؤسسته". مراجعة للمنح وتمكين من الرتب الملائمة ترى الأطراف المفاوضة العمالية بأن الإدارة لم تتخذ أي خطوة بخصوص تطبيق الإتفاق الممضى بخصوص مراجعة المنح التي لها علاقة بالمصاريف من جهة لذلك فهي تطالبها بضرورة احترام محضر10ديسمبر2010 الممضى بين الجامعة و الإدارة العامة حيث تم الإتفاق على مراجعة هذه المنح الواردة بملحق القانون الأساسي الخاص بأعوان السكة الحديدية لتأمين منحة النقل والمنحة الكيلومترية للتنقل ومنحة الليل وغيرها بالاضافة الى مسألة تمكين الاعوان الذين يشغلون خططا تفوق رتبهم من الرتب الملائمة حيث بقيت وضعيات جهة صفاقس معلقة بالرغم من تقديم قائمات الأعوان المعنيين من طرف المديرين بالجهة منذ أشهر حسب ما أفادنا به الطرف النقابي موضحا أن هذه القائمة تضمنت أعوان جهتي صفاقس وقابس وقد تمت تسوية وضعية الأعوان الموجودين بقابس منذ شهرين.
إضراب في الأفق
صفاقس التي كانت مؤثرة في مسار أحداث الثورة بشغاليها تعيش اليوم هي والمنظمة الشغيلة الإتحاد العام التونسي للشغل ما عبّر عنه كاتب عام الفرع الجامعي للسكة ب"المؤامرة بعد أن وقف الحديديون جنبا لجنب لحماية مواقع العمل تصديا لكل مظاهر الإنفلات وحيث كانت الإدارة تستنجد بالعمال لتأمين المنشآت "، وأرجع الطرف النقابي ذلك إلى "وجود أياد تتعمد ارباك حركة النقل معاقبة الحرفاء بذلك وبالتالي المساهمة في إفلاس هذا المرفق العام من خلال عدم احترام الإتفاقات لتمكين العمال من حقوقهم التي هي ليست وليدة هذا الظرف بل هي مضمنة بمحاضر اتفاق". في هذا الإطار يرى العمال أنه و نظرا لعدم تطبيق الإتفاق فان الدخول في إضراب عبّروا عنه ب"الإضطراري" هو أمر شرعي كونهم يرون أن وزارة النقل لم تتحرك وهي التي لازالت عديد كوادر النظام السابق متواجدة بداخلها وهو مدعاة للحيرة و التساؤل مثلما أكدت النقابة ذلك وهو ما سيدفع بالعمال قدما نحو تطهير مراكز القرار من جديد مهددين بتولي التدقيق في عديد الملفات كالإنتداب وإسناد أشغال المقاولات. يذكر أن الإدارة العامة قد سارعت بالجلوس مع الجامعة العامة يومي 10و11نوفمبر لقطع الطريق على عمال جهة صفاقس أمام الوصول إلى حل تفي به إلى ما أمضت عليه وهو ما زاد في تعقيد الأمور بالدخول في إضراب 16نوفمبر الذي رأى فيه العمال تكبيدا للمجموعة الوطنية خسائر كبرى عوضا عن الإستجابة للمطالب.
الإدارة توضح
ولمعرفة رد الإدارة وبعد جهد جهيد من الاتصالات أفادنا مدير الإتصال بالشركة مختار الصادق بأنّ"مسألة الترقية الآلية بخصوص للأعوان الذين قضوا 25 سنة فما فوق فقد وقع بخصوصها إمضاء محضر جلسة على أساس دراسته في المفاوضات الإجتماعية مع الجامعة العامة التابعة للإتحاد العام التونسي للشغل وهذه المفاوضات ستشمل عدة نقاط من بينها هذه النقطة وهي لا تهم فقط ولاية صفاقس بل ستشمل جميع الولايات وسيقع الإتفاق عليها في المفاوضات الإجتماعية لاحقا".