بقلم: كريم السليتي بمراجعة العديد من المقالات، ومشاهدة البرامج التلفزية والاذاعية و الاستماع لعديد الاصدقاء وبعض الناس في الشارع، لاحظت أن لغة التشاؤم أقوى من نبرة التفاؤل بالمستقبل: اعتصامات و اضرابات هنا وهناك، فساد ينخر بعض المنظمات الوطنية، غلاء في الاسعار، بطالة، احتكار الاعلام من قلة لا تمثل الشعب، انتشار ايديولوجيات السبعينات، انقسام في المجتمع التونسي بين موال ومعاد للهوية العربية الاسلامية... لكن و مع كل ما ذكرت فإن الوقت ليس وقت تشاؤم و احباط بل وقت تفاؤل وعمل، اذ « لابد لليل ان ينجلي و لابد للقيد أن ينكسر»، وقد انجلت ظلمات بن علي و انكسر قيده، و أصبحت الحرية هي القاعدة، و المنع هو الاستثناء، وهذا سبب كاف لوحده للتفاؤل، لأن الحرية المسؤولة هي رديفة الابداع و النجاح. تذكروا ايها التونسيون أن بن علي لم يتجاوز مستواه التعليمي الرابعة أو الخامسة ثانوي وأنه كان محدود الذكاء ومحدود القدرة على التواصل، مع ما كان في نظامه من فساد ومحسوبية و تحجر واستبداد و عدم اتصال بالتونسيين و بالرغم من كل ذلك استطاع تسيير البلاد 23 سنة . اليوم الوضع أفضل بكثير، اليوم نتحدث عن ساسة بمستوى دكتوراه ومهندسين ومحامين و... اليوم من سيحكم هو من أبناء الشعب، ويخشى الله فينا، اليوم هناك شعب يقظ. اليوم نحن أمام حقيقة هي أن الفساد الى زوال شاء من شاء و أبى من أبى في جميع المجالات، وأن احتكار السلطة من فئة قليلة لا تمثل الاغلبية قد انتهى، وأن الاعلام الخشبي المنغلق و المتحجر الذي يصيب التونسيين بالامراض المزمنة، بسبب نشره للكراهية و الحقد والاقصاء، سيتغير ليصبح حياديا، لا ينحاز الا لمصلحة الوطن لا الى الايديولوجيات المندثرة تحت جدار برلين. اليوم نحن أمام حقيقة بأن مسألة الهوية هي في صميم برامج حزبين من بين الاحزاب الثلاثة التي ستحكم، وتعلمون أننا لو تخلصنا من أزمة الهوية، سيتفرغ التونسيون بعدها للبناء وسيتجنبون النقاشات البيزنطية التي تؤخر ولا تقدم و تفرق ولا تجمع، وتهدم ولا تبني. و في كل الأحوال فلسنا وحدنا الذين نعاني أوضاعا اقتصادية غير مستقرة، أنظروا الى من حولنا، سواء عند جيراننا العرب في شمال افريقيا، أو جيراننا في شمال المتوسط من اليونان الى اسبانيا مرورا بايطاليا و فرنسا، كساد وتشاؤم أسوأ بكثير من الذي نعانيه. لذلك فإني متفائل بغد أفضل لكل التونسيين، فالفترات الانتقالية لا تدوم، والصدمات بين اليمين واليسار ستنتهي عندما يجلسون للحوار مع بعضهم وسيزول الخوف وتصبح العلاقات طبيعية، عندها نبني تونس التي نحلم بها جميعا.