زاده الشيب جمالاً... تيم حسن يلفت الأنظار بوسامته    وزارة الفلاحة تطلق مشروع التنمية الشاملة للزراعات الجبلية الصغرى بالشمال الغربي - دينامو-    العودة المدرسية بولاية مدنين...339 مؤسّسة تربوية يؤمها 119 ألف تلميذا    قبلي .. افتتاح مركز التكوين و التدريب المهني    منزل تميم .. لحماية صابة الفلفل الأحمر فلاّحو منزل حر يطالبون بتوفير المبيدات    المدرسة الابتدائية الشابية بتوزر .. «نقص فادح في العملة»    الإعلامي محمد الكيلاني في أمسية أدبيّة بسوسة...غادرت التلفزة واتجهت إلى الكتابة لغياب التحفيز والإنتاج    مع الشروق : دولة فلسطينية... بين الاعتراف والتطبيق    عاجل: الكشف عن شحنة جديدة ب12 مليون قرص مخدر بميناء رادس    "أكسيوس": ترامب يعرض على القادة العرب والمسلمين رؤية واشنطن لإنهاء حرب غزة    لامين يامال أفضل لاعب شاب في العالم    تحسين الخدمات الادارية    زياد غرسة يضيء سهرة افتتاح مهرجان المالوف الدولي بقسنطينة    التقلبات الجوية.. الحماية المدنيّة توصي بتوخّي الحذر والابتعاد عن ضفاف الأودية    اولمبيك سيدي بوزيد.. المدرب جمال بالهادي يعلن انسحابه    المقاومة لترامب.. وقف اطلاق النار لشهرين مقابل نصف الرهائن    إنتبه لها.. 10 علامات مُبكّرة للزهايمر    يا توانسة ردّوا بالكم: مواد غذائية فاسدة محجوزة في برشا ولايات!    عاجل/ بلاغ هام من الحماية المدنيّة بخصوص التقلّبات الجوية    عاجل/ أمطار غزيرة ورعدية تتجّه نحو تونس الكبرى وهذه الولايات..    عاجل/ بيان إسرائيلي بشأن أسطول الصمود    مشاركة تونسية مكثفة في مهرجان بوسان الدولي للفن البيئي    كريم دلهوم مدربا جديدا لاتحاد بن قردان    الحلبة: فوائد كبيرة.. لكن هذه الأضرار لا تتوقعها!    75 مدينة إيطالية تشهد مظاهرات حاشدة وإضرابا عاما ضد الحرب على غزة    QNB الشريك الداعم للبادل في تونس    منظمة إرشاد المستهلك : ''غلاء اللّحوم والإنترنت يوجّع في جيوب التوانسة''    نهاية العلاقة التعاقدية بين الرجاء المغربي ولسعد جردة    صيام ربيع الثاني: برشا أجر في 3 أيّام برك...أعرفهم    عاجل: أمطار رعدية مع برد تتقدم للشمال والوسط التونسي    عاجل: الاتحاد المنستيري يعلن عن تركيبة جديدة للهيئة المديرة    دور الثقافة والفضاءات الثقافية تفتح أبوابها لاستقبال الراغبين في المشاركة في مختلف أنشطتها    انتخاب المحامي سفيان بالحاج محمّد رئيسا للفرع الجهوي للمحامين بتونس    خطير/صيحة فزع: أكثر من 50% من المؤسسات الصغرى والمتوسطة مهددة بالافلاس والاندثار..    المطر في تونس: وين كانت أكثر الكميّات حسب المدن؟    المفتي هشام بن محمود يعلن الرزنامة الدينية للشهر الجديد    تونس على موعد مع حدث فلكي غريب بدخول الخريف... الشمس تعانق خط الاستواء..شنيا الحكاية؟!    كيفاش تعرف السمك ''ميّت'' قبل ما تشريه؟    عاجل : مباريات قوية مؤجلة من الجولة السابعة في الرابطة الأولى هذا الأربعاء!    تحذير طبي جديد يخص حبوب شائعة الاستعمال بين النساء...شنيا؟    علامات خفية لأمراض الكلى...رد بالك منها و ثبت فيها ؟    القصرين: تراجع إصابات داء الكلب وتواصل الحملة الوطنية للتلقيح    تنبيه/ احتجاجات وغلق لهذه الطريق..#خبر_عاجل    قفصة: تسجيل رجّة أرضية بقوّة 3،2 في الساعات الأولى من صباح الإثنين    تواصل ارتفاع أسعار السيارات الشعبية في تونس.. وهذه أحدث الأسعار حسب الماركات..    5 سنوات سجناً لشيخ حاول اغتصاب طفل بحديقة الباساج    أحكام بين 10 و20 سنة سجنا في قضية تهريب مخدرات أطيح بأفرادها عبر "درون"    انطلاق حملات نظافة كبرى في دور الثقافة والمكتبات العمومية والجهوية    أول تعليق من أمريكا بشأن اعتراف "حلفائها" بدولة فلسطين    عاجل/ آخر مستجدّات فقدان مهاجرين تونسيّين في عرض البحر منذ أسبوع..    البطولة الفرنسية : موناكو يتفوق على ميتز 5-2    عاجل/بالفيديو: رصد طائرات مسيّرة تحلّق فوق سفن أسطول الصمود..وهذه التفاصيل..    أول لقاء علني بعد الخلاف.. تأبين الناشط اليميني كيرك يجمع ترامب وماسك    السينما التونسية تتألّق في مهرجان بغداد السينمائي... التتويج    طقس الاثنين: خلايا رعدية وأمطار غزيرة محليا مع تساقط البرد... التفاصيل    الصينيون يبتكرون غراء عظميا لمعالجة الكسور    غدا الأحد: هذه المناطق من العالم على موعد مع كسوف جزئي للشمس    استراحة «الويكاند»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من أجل... التاسيس الحقيقي (2/1)
نشر في الصباح يوم 09 - 12 - 2011

بقلم :مصطفى البعزاوي وأنا أتابع الشأن السياسي في تونس هذه الأيام يصيبني الصداع. بعض الملاحظات تكاد تفجر رأسي، تفلت منه لتتكلم وحدها وتخاطب الناس. فهل رأيتم بربكم ألفاظا تتكلم وحدها؟ أشير بداية، وهذا رأيي الخاص والشخصي، إن مشكلة البلاد الحقيقية، قديما وحاضرا، هي بعض طبقتها السياسية، لقد اعتادت هذه الطبقة إما على تسلق السلطة لبلوغ السلطة أو تمرست على التعايش مع الاستبداد حتى أصبحت تتقن فن التلون والتلوي «الموضوعي» و«الإستراتيجي» و«التكتيكي» في جميع الأوضاع.
أول الملاحظات أن هذه الطبقة السياسية، كانت الوحيدة في العالم التي قرأت انتخاباتنا بالمقلوب. وعوض تحليل النتائج الانتخابية سمعنا تحليلا لتونس التي لم تنتخب وأن نتائج الصندوق لا تعكس طموحات الشعب التونسي. منهجية قلب الأوضاع والحقائق ذكرتني في موقف لبورقيبة عندما قدموا له نتائج انتخابات اللجنة المركزية للحزب في مؤتمر الوضوح، وفوجئ بترتيب محمد الصياح الذي كان الأخير، فما كان منه إلا أن قلب الورقة وعلق قائلا «توة ولات تتقرا» وبالفعل عين محمد الصياح آمينا عاما للحزب.
كل- الحقيقة بالمقلوب- لأن حركة النهضة فازت في الانتخابات برغم كل الألغام التي زرعت مسبقا للحيلولة دون حصولها على الأغلبية. شرط التناصف لم يستطع واضعوه الاستجابة له، ما ضمن تواجد النهضة- المرأة تحت قبة البرلمان بعدما كانت تحجب حجابها لمدة تزيد عن ثلاثين سنة. شرط اكبر البقايا الذي سوى بين من يحصل على مائة ألف صوت مع من يحصل على ألف صوت لم يستفد منه الثوريون للوصول إلى المجلس التأسيسي برغم هذا الصولد الانتخابي.
من المهم التذكير أن أصوات الناخبين التونسيين توزعت على ثلاثة أطراف. 1،5 مليون ناخب للنهضة، 1،3 مليون ناخب ضاعت أصواتهم في القائمات المستقلة والصغيرة، و1،2 مليون لكل الأحزاب الباقية بما في ذلك الأطراف الحليفة الحالية للنهضة. فلو عملت النهضة على استرداد أصوات القائمات والتحالفات ذات اللون الإسلامي والتي لم تستفد من ناخبيها، لو غازلت بقية الأطراف الإسلامية التي قاطعت الانتخابات لم يكن ممكنا لأي حزب من الأحزاب أن يكون له موطئ قدم في المجلس التأسيسي.
وعوض أن تراجع هذه الأحزاب وهذه المدارس الفكرية نفسها لتقييم أدائها والوقوف على سر المسافة بينها وبين هذا الشعب تجرأت على سب وعي الشعب والتشكيك في ذكائه والتخويف من تبعات هذا الاختيار.
إجهاض مشروع النظام السياسي
لم يعد ممكنا للبعض رؤية أي شيء إلا من خلال النهضة. فالمشاورات التي تقوم بها أحزاب فازت بأغلبية مقاعد المجلس التأسيسي أصبحت صراعا على الكراسي وتقاسما للسلطة وهذا للتاريخ ابتذال سياسي لا يرقى إلى التعليق عليه. والنظام البرلماني الذي كان مطلب كل التونسيين للقطع مع أنظمة الفرد المطلقة ممثلة في النظام الرئاسي أصبح تأسيسا لدكتاتورية جديدة. وبقدرة قادر أصبح الثوريون والتقدميون يدافعون على صلاحيات مؤسسة الرئاسة. نسى التقدميون والثوريون، ماذا يعني نظام برلماني وأصابهم عمى سياسي لمجرد أن النهضة هي من ترأس الحكومة وهذا برأيهم مبرر كاف حتى لرجوع بن علي نفسه.
وعوض الدفاع عن النظام البرلماني الذي يمكن أن يؤسس لتجربة سياسية فريدة وجديدة في التاريخ الإسلامي، فقد أصر الثوريون الحداثيون على وأد هذه المحاولة في المهد لمجرد سحب البساط من تحت النهضة. بهذا التعامل المراهق ها نحن نخسر فرصة لتجربة النظام البرلماني الصرف لمجرد وجود النهضة في الصورة. هم يدفعون الآن إلى إضعاف رئاسة الحكومة من الصلاحيات لحساب رئيس الدولة دون أن يدركوا أنهم يؤسسون لدكتاتورية الحزب الواحد في المستقبل. فمن هي الأغلبية البرلمانية التي سوف تفرط في مؤسسة الرئاسة بصلاحيات كهذه؟ هم الآن بصدد زرع لغم تنازع الصلاحيات والسلطات بين رئيس الدولة ورئيس الحكومة حتى يصبح اللون الواحد والحزب شرطا للاستقرار السياسي.
إن النهضة والطبقة السياسية عموما ستندم على هذه التعديلات تحت الضغط- على مسؤوليتي. نفس قوى الضغط هذه سوف تنهش لحمهم الحي بعد فترة بحكم أن هذه التعديلات ستفرز نظاما سياسيا لا يصنف. بعدها سيكون هذا النظام الهجين بابا للدلالة على عدم النضج السياسي وعليه فإن قائمة المراجعات لن تقف على حد. والأيام بيننا.
«الدولة النهضة» وموسم حركات التحرر
لم يبق قطاع لم يرفع مطلبه بضمان استقلاليته عن الدولة-النهضة- هكذا ودون مقدمات. حتى قوى الأمن تطالب بالاستقلالية يا رجل. الإعلام يطالب بالتحرر بعد ما عانى من التسلط والتوجيه والترهيب ولن يسمح لنفسه بأن يكون مرة أخرى أداة في يد أي سلطة. هذا الكلام جميل ويكتب بأحرف من ذهب على باب كلية الصحافة وعلوم الأخبار ويصلح عبرة للأجيال الجديدة. أما الإعلام الذي أفنى عمره في التملق وامتهن التزويق والتزيين وفاضت عليه بركات السلطان فلا نعتقد انه قادر على إعطاء الدروس لغيره. إن الإعلام هو من يجب عليه أن يعطي ضمانة للشعب كي لا يكون بوقا لمن يدفع ومن يهب ومن يهدي ومن يسمي ومن يتدخل. كل هذه الحماسة للدفاع عن حرية التعبير والإبداع وحرية المرأة ومجلة الأحوال الشخصية والجامعة والاقتصاد والبطالة- بتشديد الطاء- والسياحة والحرية والماء والهواء... مردها سبب واحد، يعرفه الجميع، وهو رفض مشروع «النهضة الدولة». آخر الفقاعات كانت ضمان استقلالية البنك المركزي وكان هذه المؤسسة ذات تقاليد وأعراف في الاستقلالية عن سياسة الحكومة ولا أدل على ذلك من أكداس لفائف النقود وبكل العملات المختومة من البنك المركزي التي ظهرت في قصر سيدي الظريف. فهل كان محافظ البنك المركزي المخلوع وحده المسؤول عن هذه الفضيحة. هذا طبعا دون ذكر الفساد الذي طال النظام البنكي والمالي برمته تحت أنف وأنظار ورعاية المركزي. فعن أية استقلالية يتحدثون؟ وهل يمكن لبلد تغرقه الديون أن يكون بنكه المركزي مستقلا عن مطالب دائنيه بغياب القرار السياسي؟ وكيف يتسنى لحكومة الثورة إعادة تشغيل اقتصاد منهار وتقليص البطالة وتمويل الاستثمار وهي لا تملك قرار السياسة المالية؟
تجلى اصطفاف هذه الماكينة- بحسب تعبير بعض قيادات الإتحاد- في هذه الفترة بالذات بشكل جلي في توجيه النقاشات وتعميق اللبس حول خطر تركيز السلطة في يد رئيس الحكومة وتجييش الساحات والدفع بها إلى الشارع والسكوت عن الإنفلاتات، وصل الأمر إلى حرق المؤسسات الوطنية وتحويل ثروات البلاد إلى رماد. فمن هو أولى بالاهتمام، منقبة منوبة أو حرق شركة فسفاط قفصة وتعطيل المركب الكيميائي بقابس؟ هل نثور ونفقد عقولنا لاغتصاب حق امرأة واحدة ونسكت لاغتصاب حق شعب كامل برجاله ونسائه؟ هذه الحملة لم تهدأ بعد وأنت تسمع وتقرأ وترى انحيازا تاما لوجهة نظر دون أخرى وكأن وسائل الإعلام أصبحت دكاكين سياسية تمثل وجهة نظر أحزاب ومدارس فكرية خصوصا تلك التي «خرجت من المولد بلا حمص».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.