الوكالة العقارية للسكنى توجه نداء هام للمواطنين..وهذه التفاصيل..    تونس تستقبل أكثر من 2.3 مليون سائح إلى غاية 20 أفريل 2025    عاجل/ مسؤول يؤكد تراجع أسعار الأضاحي ب200 و300 دينار..ما القصة..؟!    عاجل/ جريمة أكودة: الادراة العامة للامن الوطني تكشف تفاصيل جديدة..    مختصون في الطب الفيزيائي يقترحون خلال مؤتمر علمي وطني إدخال تقنية العلاج بالتبريد إلى تونس    البرلمان : مقترح لتنقيح وإتمام فصلين من قانون آداء الخدمة الوطنية في إطار التعيينات الفردية    الانطلاق في إعداد مشاريع أوامر لاستكمال تطبيق أحكام القانون عدد 1 لسنة 2025 المتعلق بتنقيح وإتمام مرسوم مؤسسة فداء    حزب "البديل من أجل ألمانيا" يرد على تصنيفه ك"يميني متطرف"    في مظاهرة أمام منزله.. دروز إسرائيل يتهمون نتنياهو ب"الخيانة"    جندوبة: سكان منطقة التوايتية عبد الجبار يستغيثون    فترة ماي جوان جويلية 2025 ستشهد درجات حرارة اعلى من المعدلات الموسمية    جندوبة: انطلاق فعاليات الملتقى الوطني للمسرح المدرسي    فيلم "ميما" للتونسية الشابة درة صفر ينافس على جوائز المهرجان الدولي لسينما الواقع بطنجة    عاجل/ هذه البلدية تصدر بلاغ هام وتدعو المواطنين الى الحذر..    عاجل/ قضية التسفير..تطورات جديدة…    استقرار نسبة الفائدة في السوق النقدية عند 7.5 %..    الرابطة المحترفة الاولى: صافرة مغربية لمباراة الملعب التونسي والاتحاد المنستيري    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تحرز ذهبيتين في مسابقة الاواسط والوسطيات    الإفريقي: الزمزمي يغيب واليفرني يعود لحراسة المرمى ضد النادي البنزرتي    خطر صحي محتمل: لا ترتدوا ملابس ''الفريب'' قبل غسلها!    إلى الأمهات الجدد... إليكِ أبرز أسباب بكاء الرضيع    صيف 2025: بلدية قربص تفتح باب الترشح لخطة سباح منقذ    ارتفاع تكلفة الترفيه للتونسيين بنسبة 30%    القضية الفلسطينية تتصدر مظاهرات عيد الشغل في باريس    في سابقة خطيرة/ ينتحلون صفة أمنيين ويقومون بعملية سرقة..وهذه التفاصيل..    إيراني يقتل 6 من أفراد أسرته وينتحر    عاجل/ هلاك ستيني في حريق بمنزل..    سعر ''بلاطو العظم'' بين 6000 و 7000 مليم    عيد الاضحى 2025: الأضاحي متوفرة للتونسيين والأسعار تُحدد قريبًا    أبرز ما جاء في زيارة رئيس الدولة لولاية الكاف..#خبر_عاجل    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    الرابطة المحترفة الأولى (الجولة 28): العثرة ممنوعة لثلاثي المقدمة .. والنقاط باهظة في معركة البقاء    الرابطة المحترفة الثانية : تعيينات حكام مقابلات الجولة الثالثة والعشرين    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    نهائيات ماي: مواجهات نارية وأول نهائي لمرموش في مانشستر سيتى    الصين تدرس عرضا أميركيا لمحادثات الرسوم وتحذر من "الابتزاز"    لي جو هو يتولى منصب الرئيس المؤقت لكوريا الجنوبية    سقوط طائرة هليكوبتر في المياه ونجاة ركابها بأعجوبة    رئيس الجمهورية: تونس تزخر بالوطنيين القادرين على خلق الثّروة والتّوزيع العادل لثمارها    وجبة غداء ب"ثعبان ميت".. إصابة 100 تلميذ بتسمم في الهند    صفاقس ؛افتتاح متميز لمهرجان ربيع الاسرة بعد انطلاقة واعدة من معتمدية الصخيرة    توتنهام يضع قدما في نهائي الدوري الأوروبي بالفوز 3-1 على بودو/جليمت    "نحن نغرق".. نداء استغاثة من سفينة "أسطول الحرية" المتجهة لغزة بعد تعرضها لهجوم بمسيرة    بقيادة بوجلبان.. المصري البورسعيدي يتعادل مع الزمالك    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    بنزرت: إيقاف شبان من بينهم 3 قصّر نفذوا 'براكاج' لحافلة نقل مدرسي    الليلة: سحب عابرة والحرارة تتراوح بين 15 و26 درجة    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    وزير الصحة: لا يوجد نقص في الأدوية... بل هناك اضطراب في التوزيع    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    أذكار المساء وفضائلها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحكومة "معلقة" بطرفي حبل الائتلاف والمعارضة
ملف - بين ظلال الأغلبية.. والضلالات المحتملة
نشر في الصباح يوم 12 - 12 - 2011

يستمر المخاض العسير لولادة الحكومة القادمة التي كثرت حولها التخمينات وأثارت جدلا واسعا في الأوساط السياسية فيما يتعلّق بصلاحياتها واستحقاقات المرحلة في انتظار لغط سيثار بالتأكيد حول الوجوه «السياسية» التي ستؤثّث مقاعدها ناهيك أن المناخ العام يوحي بأيام صعبة لمجلس وزرائنا القادم..
وكانت آليات رقابة هذه الحكومة من الإشكالات التي احتكرت حيزا هاما من النقاش داخل المجلس التأسيسي؛ واذا كان تقديم لائحة سحب الثقة من الحكومة المرتقبة بثلث الأعضاء لقي هوى في نفوس النواب فإن سحب الثقة منها بالأغلبية المطلقة أثارردود أفعال حتى من خارج التأسيسي. ففي حين اعتبره البعض قبول النهضة بالأمرالواقع بعد اتهامها بالتغوّل ورسالة إيجابية للرأي العام وتطمينا له بالقطع مع الاستبداد وهي التي تمسّكت في هذا الموضوع بالذات في البداية بثلثي الأعضاء لسحب الثقة ؛ فإن متتبعين للشأن السياسي أبدوا خشيتهم من عدم استقرارالعمل الحكومي باستعماله أداة للي الذراع بين المعارضة والائتلاف؛ كما أن الأمرقد يسوء في صورة تصدّع التحالفات داخل المجلس..ولتسليط الضوء على هذا الموضوع من زواياه المختلفة اتصلنا بعدد من المختصين والساسة لاستجلاء رأيهم في الملف المطروح للنقاش..

رشيدة النيفر
التحالف يضمن استمرارية الحكومة.. رغم لائحة اللوم
تعتمد النظم الديمقراطية بصفة عامة آليات رقابة مختلفة لضمان عدم الاستبداد أو الانفراد بصنع القرار السياسي..وقد أقرّ المجلس التأسيسي في القانون المنظّم للسلط العمومية هذا المبدأ من خلال لائحة اللوم أو سحب الثقة من أحدالوزراء..
«الأسبوعي» اتصلت بأستاذة القانون الدستوري رشيدة النيفر ونائبة مركز تونس للقانون الدستوري من أجل الديمقراطية لمعرفة رأيها حوله لائحة اللوم هذه وهل ستقوّض الاستقرار الحكومي مستقبلا؟
تقول الأستاذة النيفر: «أوّلا؛ وعلى مستوى النظرية العامة للقانون الدستوري فالتوازن بين السلط يقتضي وجود آليات رقابة ؛ ومن أهم آليات الرقابة تلك المتعلقة بالمسؤولية السياسية للحكومة التي ان حادت عن البرنامج المتعهّد به فبإمكان السلطة التشريعية سحب الثقة منها في إطار مراقبتها لعملها كسلطة تنفيذية..
ولكن وبالنظر للوضع الخاص الذي تمرّ به البلاد فان المسألة لا تتعلّق بتوازن بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية بل الوضع على ما هو عليه بين مجلس تأسيسي كسلطة عليا لها الشرعية الانتخابية وسلطة تنفيذية منبثقة في الحقيقة منه وهو ما يجعلنا في اطارعلاقة عمودية وبمقتضى هذه العلاقة فمن حق المجلس التأسيسي مراقبة السلطة التي انبثقت عنه والتي هي الحكومة التي تمثل السلطة التنفيذية في الواقع الراهن..
لائحة اللوم كانت موجودة ولم نجرّبها..
وتضيف النيفر: «لكن يقول القائل إنه لا بدّ من عقلنة هذا الحق وبالتالي ألا يكون هناك حالة من الإفراط في اللجوء الى لائحة اللوم هذه لأن ذلك من شأنه أن يؤدي الى عدم استقرار للأوضاع ..
وعموما نحن لم نجرّب عملية سحب الثقة رغم أنه كان منصوصا عليها في الدستورو لكن تم وضع شروط مجحفة لممارسة هذه الآلية ..وبالتالي اليوم وبعد الثورة التي جاءت في سياق القطع مع كل الانتهاكات الحقوقية والدستورية هل يحق لنا الحدّ من آليات الرقابة بتعلة المحافظة على استقرارالوضع السياسي ؟
ولكن على المستوى الساحة السياسية وبالنظر الى المشهد الحالي لدينا عدد من التيارات السياسية التي دخلت التأسيسي وهناك من شكّل منها تحالفا أو ائتلافا من الأغلبية وكذلك أقلية تحاول التشكّل في إطارالمعارضة.. ورغم ذلك فان الأمر لا يدعو الى الحيرة حقيقة لأنّ في كل الأحوال هناك أغلبية ستؤمّن هذا الاستقرار..فمتى ينعدم الاستقرار؟ ينعدم عندما لا يكون هناك تيار أو تحالف غالب فيصبح بالتالي اللجوء الى لائحة لوم فيسبّب حالة من عدم الاستقرار؛ فهناك تحالف له أغلبية مريحة والأغلبية متوفرة في الحالة الراهنة ..وما أقوله في المشهد الحالي هو أن الخوف لا يجب أن يكون من عدم الاستقرار ..بل يكون الخوف كل الخوف من هيمنة تحالف الأغلبية و انفرادها بصنع القرارالسياسي وهنا تصبح الرقابة منعدمة وجعل آلية الرقابة المتمثلة في لائحة اللوم غير ذات جدوى..
ويبقى إقرار آلية الرقابة ضرورية في صورة ما تصدّعت التحالفات فهذه الآلية هي في الحقيقة ضمان نستطيع من خلاله تجاوز تصدّع كتلة الأغلبية..وإلا تصبح السلطة التنفيذية غير قادرة على العمل؛ فوجود اللائحة ضمان لتشكيل الحكومة وضمان للاستقرار.. وبالتالي نحن نتحدّث عن حالة من عدم الاستقرار إذا تصدّعت التحالفات القائمة و هذه التحالفات تخدم بطريقة أو بأخرى استمرارية العمل الحكومي وثباته واستقراره ..
وأنا من هذا المنبرأريد توجيه رسالة الى الأطراف السياسية الفاعلة وهي الكف عن المزايدات وكفانا محاصصة ..فاليوم نريد أن نبني دولة ديمقراطية ونظاما سياسيا يقوم على التوازن بين السلط بقطع النظر عن الأغلبية أو المعارضة ..التوازن يخدمه مبدأ التداول على السلط بين مختلف التيارات.

د. عبد اللطيف الحناشي
حكمة القيادات السياسية ستلعب دورا تعديليا..
اعتبر البعض أن تنازل النهضة عن بند التصويت بالثلثين لسحب الثقة من الحكومة مرده القبول بسياسة الأمرالواقع والاستماع الى الأصوات المنددة ب»تغوّلها» ؛ في حين اعتبر البعض الآخر وحتى من خارج الائتلاف أن التصويت بالأغلبية المطلقة قد يدفع إلى عدم استقرار حكومي مستقبلي ..
طرحنا السؤال على الدكتورعبد اللطيف الحناشي، أستاذ التاريخ بالجامعة التونسية الذي كانت له وجهة نظرفي حيثيات المشهد السياسي الحالي..فأكّد د.عبد اللطيف بالقول: «مبدئيا تبدو المسألة عادية وهي من الصيغ أو الإجراءات المعمول بها في جميع الديمقراطيات في العالم. وفي تونس برزعقب انتخابات المجلس التأسيسي تحالف أوائتلاف ثلاثي تشكل من أحزاب «المؤتمر» و»النهضة» و»التكتل» ولهذا التحالف رؤية أو منطق أو مصالح تختلف بالضرورة عن الأطراف الأخرى المُمثّلة في المجلس والتي وُصفت بالمعارضة وعلينا احترام ذلك؛ لكن المسالة تتجاوز في الواقع هذا التوصيف باعتبارأن المسالة تتعلق بمستقبل البلاد..»
تغليب مصلحة البلاد على المصلحة الحزبية
ويضيف د.الحناشي: « إن مستقبل البلاد مرتبط بسنّ دستورقد يدوم لعقود ويتقرر بموجبه شكل النظام السياسي. ومضمون الأمرلا يتعلق بمساءل إجرائية ظرفية لذلك يبدو من الطبيعي والحالة تلك ان تعمل كل الأطراف من أجل إيجاد حدّ أدنى من التوافق حول القضايا الأساسية التي تتعلّق بكيفية تسييرالأمورفي المستقبل ولكن للأسف وبالرغم من ان جميع الأطراف السياسية الممثلة في المجلس قد التضت بنارالديكتاتورية وتوحدت في السابق في إطارالنضال من أجل مقارعة ذاك الاخطبوط، نجدها اليوم، وفي هذا الموقع لا ترى «بالعشرة» التي تقتضي الوفاق وتغليب المصلحة العامة على المصلحة الحزبية الضيقة وهو ما يلحق بها الضرر آجلا أوعاجلا ؛ كما قد يعطي هذا للمواطن صورة مشوشّة وغير سليمة للممارسة الديمقراطية وذلك بعد عقود من الديكتاتورية . ولعل أخطرما يمكن ان نلاحظه من خلال النقاشات وبعض القرارات التي تهم «الدستورالصغير» أمرين إثنين: يتمثل الأمرالأول في الرغبة الجامحة التي تقود البعض إلى الاستئساد بطرق ملتوية أحيانا وفجّة أحيانا أخرى في إثبات بعض الفصول وكأنها ستظل في الحكم الى يوم الحشر، ولكن الواقع هو غير ذلك فلا توجد أي ضمانات مؤكدة لاستمرارها كأغلبية بل ان التحالف بحدّ ذاته لا يتميّز بصلابة مطلقة وهو قابل للانشطار في أي لحظة ؛ ثم إن انتخابات المجلس التأسيسي جاءت في ظروف محددة قد لا تتكرر في الانتخابات اللاحقة ولا شيء يضمن بقاء أطراف التحالف كأغلبية..
اما الأمر الثاني فيتمثل في انعدام الثقة بين أطراف «المعارضة»من جهة وأطراف التحالف من جهة أخرى وهي مسالة ستضاعف من تعقيد السيرالطبيعي للمجلس اذا استمرالشك مسيطرا وموجها لسلوك الطرفين..
أما تأثير ذلك على أداء الحكومة القادمة فهو مؤكد إذ ستستمرالتجاذبات والمعاكسات بين الأقلية والأغلبية..وأما ما يقال عن «تغوّل» النهضة فهو أمر كائن ولكن مبالغ فيه فهي من الأحزاب القليلة التي رفعت شعارالوفاق بعد الثورة وحرصت على إشاعته بين الطبقة السياسية لذلك اعتقد انها من الضروري ان تقدم «تنازلات» معقولة تستجيب لرغبة المجتمع السياسي التونسي وعليها أن تعرف، هي والتحالف، حجمهما الانتخابي الحقيقي والظرفية التي جرت فيها الانتخابات وخاصة الظرفية التي تمربها البلاد...
واعتقد ان إصرارها على «تمرير»بعض الأمورلن يخدمها كحزب سياسي كان يعيش الاضطهاد بل قد يساعد ذلك على تكريس النظرة السلبية التي توجد عند قطاعات هامة من الشعب التونسي. لكن لا اعتقد ان الأمر سيصل الى حدّ القطيعة. وشخصيا أراهن على حكمة بعض القيادات السياسية داخل المجلس سواء من المعارضة او من الائتلاف. فمن المؤكد انها ستلعب دورا تعديليا وتدفع باتجاه تحقيق قدرأكبر من الوفاق حول القضايا او الفصول الأساسية التي ستساعد على بناء جمهورية ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان وحقوق «الاقلية» السياسية الفاعلة والتي تعبّرعن هواجس وطموحات قطاعات واسعة من الشعب بما في ذلك الفئات التي لم تشارك في الانتخابات، وهي بأحجام كبيرة، لسبب أو لآخر..وقد تستفيق يوما وتَقلب المعادلة...

مختص في علوم الإتصال والإعلام
حمادي الجبالي ليس له كاريزما سياسية.. رغم امتلاكه لشرعية المظلومية !
سيكون حمادي الجبالي الأمين العام لحركة النهضة ومرشّحها لتقلّد منصب رئيس الحكومة محطّ الأنظارمحليا وحتى دوليا؛ بالنظر لحساسية المنصب المرشّح له وباعتبار رهانات الظرف الحالي الذي يجعلنا «نكتم أنفاسنا» في انتظارما سيرتّب من نتائج وتداعيات لا نعلم نفعها من ضررها..وبما أن مرشّح «الترويكا» اليوم هوالعصب الرئيس في الحكومة الشرعية القادمة أردنا تسليط الضوء على شخصيته من زاوية اتصالية تواصلية وعلى خلفية أكاديمية بحتة لأن هذا الرجل سيخلع مضّطرا جبة قيادي في النهضة ليقود البلاد سياسيا وفي مختلف المجالات الحيوية لأكثرمن سنة ..
ولهذا الغرض اتصلت «الأسبوعي» بالأستاذ عبد القادر بن جديرة ، المختصّ في الاتصال وعضو المجلس الأعلى المستقل للاتصال والاعلام ، الذي وافانا بتقييمه حول طريقة تواصل حمادي الجبالي ومدى قدرته على تقريب وجهات النظرالمختلفة بالإضافة الى جزئيات أخرى.. في مستهل كلامه عرّج الدكتورعبد القادر بن جديرة فأكّد على كونه يتناول المسألة من الجانب الاتصالي والتواصلي وتحديدا من منظورعلم النفس الاجتماعي اعتبارا لعلم الاتصال الذي هو مجال متعدّد المرجعيات و الرؤى..
زلات اللسان و ملكة الإقناع لدى السياسي
وبسؤالنا عن أهمية شخصية السياسي وخطابه في إنجاح مسيرته كرجل دولة يقول بن جديرة :» بالنسبة إلى الشخصية فإنها ترتكزعلى عديد المقومات مثل المكانة الاجتماعية وتاريخ الفرد اللذين يفرضان على الشخص لعب أدوار محددة يجب أن تتلاءم مع انتظارات الآخر..
وهنا يكون الوزيرالأوّل أورئيس الحكومة مطالبا بأخذ مطالب الشعب التونسي بأسره بعين الاعتبار، وهنا نتساءل هل إن حمادي الجبالي لديه النية أن يأخذ بانتظارات كل الشعب بعين الاعتبار أم فقط بالفئة التي ولّته ونقصد حركة النهضة ؟..أنا هنا مع فكرة التوافق . وهنا لا يتمّ التوافق من دون تنازلات وهو ما لم نلمسه على أرض الواقع ؛ كما لا يمكن أن نتنازل بمجرّد إبداء نوايا حسنة ؛ فهذه النوايا تبقى جيّدة كمؤشّرعلى الفعل الإيجابي لا غير..كما أن ما يعتبرخللا على مستوى التواصل الإيجابي هو ازدواجية الخطاب الذي يضعف ثقة المتلقي فيما يطرح من تصوّرات وتقريبا لمسنا أن ازدواجية الخطاب تطغى على الخطاب الإسلامي. وأعطيك مثالا لذلك: فنورالدين البحيري الذي يبدى اليوم مرونة كبيرة في المجلس التأسيسي وفي التمسّك بمدنية الدولة وفصل الدين عن السياسية صرّح منذ شهور في حصة تلفزية بأن الإسلام فيه كل الأحكام الدنيوية. فلماذا نبحث عن البديل..
وبالنسبة إلى حمادي الجبالي فإن خطابه العلني حول الخلافة السادسة أثارردود فعل شاجبة ولوأنه اعتبرها زلة لسان وتدارك الأمر في بيان أصدرته الحركة فإن زلة اللسان تعتبرهفوة في الخطاب السياسي لأن من يتعلّل بزلات اللسان لا يمكن أن يقنع في المستقبل وهي تضعف ملكة الإقناع لدى السياسي..فصرح كامل يبنى قد يهدم بزلة لسان.
الجبالي لا يملك كاريزما سياسية
في عالم السياسة تعتبرالكاريزما أحد مفاتيح النجاح ورغم أن الكثير من الشعوب تجاوزت في اختياراتها السياسية مفهوم الزعامة والشخصية الكاريزماتية الاّ أننّا نعتقد أن ذهنية التونسي مازالت تبحث في باطنها عن الكاريزما "البورقيبية" في شخصية رجال الدولة وعن ذلك يقول بن جديرة :»رجل السياسية عادة ما يتسلّح بشرعية معينة والشرعية تختلف باختلاف الظرف والسياق الواقعي والتاريخي؛ فهناك الشرعية التاريخية ، والشرعية الدستورية من خلال التقنين والتشريع بمعنى إضفاء الشرعية على موقع القرار وسنّ التشريعات خدمة لهذه الشرعية ..الشرعية الجماهيرية وهي تتوفّرلحمادي الجبالي كقيادي في النهضة..
ثالثا هناك الشرعية الثورية بمعنى مدى مشاركة الشخصية في الثورة وأعتقد من حيث متابعة لمسارالأحداث من 17 ديسمبر الى 14 جانفي فحمادي الجبالي لم يشارك في الحركات الاحتجاجية والتي أسفرت عن قتلى وجرحى.. وأخيرا الشرعية الكاريزماتية وللأسف حمادي الجبالي ليس لديه كاريزما ..وعندما نتحدّث عن الشرعية الكاريزماتية فانّنا نعرّج على أبرزمثال لهذه الشرعية وهو الزعيم الحبيب بورقيبة لما كان له من الحكمة والدهاء وقدرته اللامتناهية على التواصل مع الآخرين والاحتكاك بالجماهير.. وفي اعتقادي فإن التيارالإسلامي اختلق شرعية لم توجد سابقا وهي شرعية المظلومية أو الشرعية السجنية وما فيها من تعذيب وشرعية سنوات الجمر..لكن ميزة التاريخ أن هناك من يكون من صنّاعه وهناك من هم شهوده واليوم أصبح الشعب التونسي بأكمله شاهدا على التاريخ..»
وهنا لا بدّ أن نشير الى أن ماضي الشخص يحدّد حاضره الذي بدوره يحدّد مستقبله : النهضة اتخذت لها شرعية من ماضيها الذي اتسم بالتعرّض للقمع من الدكتاتور المخلوع وزايدت على هذه المسألة وكأن الشعب التونسي كان يلعب دورالمتفرّج في تلك «المبارزة» بين الطاغية والتيارالاسلامي «ليتشفّى» من الشعب التونسي وتحديدا من التيارات الأخرى..
رئيس الحكومة سيسيّر الشعب وليست النهضة
وحول ما إذا كان حمادي الجبالي بالرجل المناسب في المكان المناسب يقول بن جديرة :» اعتقد أنه ليس بالرجل المناسب لمثل هذا المنصب وذلك ليس انقاصا من شخصه أو من مؤهلاته بل على اعتباركون المرحلة تتميز بصعوبات جمّة تتطلّب التوافق كما أن شعبنا لا يمكن أن يساس على الطريقة البائدة التي ميزت 5 عقود من التفرّد بالرأي وبالحكم ويفترض على من يتولّى رئاسة الحكومة أن تتوفّر فيه الكفاءة لتجسيم هذا التوافق..فمن خلال قراءة تصريحاته وبالنسبة لنظرته لبقية الأطراف يستشف منها أنه سيسيّرأنصار النهضة وليس شعبا بأسره..فكل أتباع النهضة دائما ما يقفون عند مقولة: «احنا الشعب انتخبنا» وهي مقولة يجب أن نتخلّص منها اليوم لأنها تعمل على بث الفرقة بين الناس؛ فإن كان انتخابهم «منزّلا» فلماذا تكثرالاعتصامات والاحتجاجات وبالتالي يتجاوز الوضع العام الانتخاب الى التوافق المجتمعي..فالخطاب المقدّم هو وليد سياق معيّن والخطاب الذي تعتمده النهضة لا يرتقي الى مستوى الحدث الذي هوالنهضة ولا الى مستوى الرهان وهو بناء الدولة الديمقراطية.
عليه التجرّد من النضال الحزبي ..
ويضيف الأستاذ عبد القادر بن جديرة :»بالنسبة إلى شخصية حمادي الجبالي فكونه من العناصرالتي تحسب على الجناح المتشدّد في النهضة والذي عاش محنة حقيقية في حياته فهوقد وضع في سجن انفرادي لمدة طويلة وبالتالي فإن كل هذه المحن تتطلّب مدة لإعادة إنتاج منظومة تواصل جديدة مع الأخر؛ وفي الوقت الراهن وحسب إطلالاته التلفزيونية والإعلامية أثبت أنه ليس له القدرة على التوفيق بين مختلف التيارات ولم يبد بعد الاستعداد الكامل لتلبية كل انتظارات التونسيين باختلاف مشاربهم ومرجعياتهم. وأوّل خطوات التوفيق الشعبي هو التجرّد ولو قليلا من النضال الحزبي الضيّق والانفتاح الرحب على المجتمع بمختلف تلويناته وأن يحاول تجاوززلات اللسان لأنه عنصرمسؤول ونحن نعلم أن زلة اللسان حسب توصيف علم النفس قد تكون المقصد الأساسي.

سيرة ذاتية
المهندس الذي قضّى عشر سنوات في سجن انفرادي ..
ولد حمادي الجبالي بسوسة سنة 1949 وهو مهندس وسياسي وصحفي يشغل منصب الأمين العام لحركة النهضة التونسية ومرشحها لترؤس مجلس الوزراء الذي ستشكله الحركة وائتلاف الترويكا..
سجن انفرادي وإضراب جوع..
التحق الجبالي بكلية الهندسة في جامعة تونس ثم انتقل منها إلى جامعة باريس حتى بات مهندسا أول في الطاقة الشمسية.وتحصّل على شهادة الهندسة الميكانيكية من جامعة تونس، ثمّ على ماجستيرفي الطاقة الضوئية الجهدية من باريس. أسّس في سوسة شركة مختصة في الطاقة الشمسية والطاقة الريحية. والتحق بمؤسسات حركة النهضة التونسية وخاصة المؤتمرومجلس الشورى منذ بداية الثمانينات. وطالته حملة الاعتقالات التي شنها الحبيب بورقيبة ضد الإسلاميين في تونس، وعُرف في الحياة السياسية التونسية بعد اعتقال القيادة التاريخية ل«حركة الاتجاه الإسلامي» ومحاكمتها سنة 1981. وقد انتخبه مجلس الشورى في سنة 1982 رئيسا للحركة . تولى رئاسة تحريرجريدة الفجر - التي تعبرعن رأي حركة النهضة - قبل أن يحاكم إبان عهد الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي بتهمة نشرمقالات تنال من الدولة وتحرض على العصيان والانتماء لجمعية غيرمرخص لها ومحاولة قلب نظام الحكم فحكمت عليه المحكمة العسكرية سنة 1990 بالسجن ستة عشرعاما نافذة قضى منها عشرسنوات في السجن ألإنفرادي قبل أن يضرب عن الطعام سنة 2002 ثم أفرج عنه في فيفري 2006.
الخلافة والمعنى الحضاري
بعد فوز حركة النهضة أعلن حمادي الجبالي أنه مرشح الحركة لتسلّم منصب رئاسة الوزراء وأنه سيشكل حكومته في غضون شهر. وقد أثارالجبالي انتقادات العلمانيين وبعض الأحزاب السياسية عندما تحدث في خطاب جماهيري في سوسة عن «خلافة راشدة سادسة» وأوضح لاحقا أنه يقصد المعنى الحضاري للخلافة وليس الخلافة بحد ذاتها وقال :»استعارة كلمة الخلافة الراشدة المقصود منها الاستلهام القيمي لتراثنا السياسي وحضارة المجتمع التونسي الذي ننتمي إليه ونعتزبه والمشبع بمبادئ العدل والصدق والحرية والأمانة». وقد قال في خطابه: « «يا إخوانى أنتم الآن أمام لحظة تاريخية ، أمام لحظة ربانية فى دورة حضارية جديدة إن شاء الله فى الخلافة الراشدة السادسة إن شاء الله ، مسؤولية كبيرة أمامنا والشعب قدم لنا ثقته ، ليس لنحكمه لكن لنخدمه.»
و يعتبر المسلمون السنة انه كان هناك أربعة خلفاء راشدين في تاريخ الإسلام هم أبو بكرالصديق وعمربن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب ويضاف إليهم الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.