- طالعتنا وزارة التربية مؤخرا بمحضر اتفاق مع النقابة العامة للتعليم الثانوي أقل ما يقال عنه أنه اتفاق مثير للجدل. و محل الإثارة في هذا الاتفاق أنه أولا جاء بعد استقالة الحكومة المؤقتة و الثاني أنه يعطي امتيازات للأساتذة تطرح إشكالا مستقبليا و تجعل الوزارة المقبلة في ورطة إدارية. و المثير للجدل في هذا الاتفاق فصلان إثنان الأول يتعلق بتمتيع الأساتذة المكلفين بعمل إداري بتخفيض لساعات العمل من 39 ساعة إلى 25 ساعة أما الثاني فهو تمتيع من يقوم بالعمل الدوري بمنح مالية. بالنسبة للأول فإن التفريق في نفس الإدارة بين الموظفين حيث يعمل أحدهم 39 ساعة و الآخر 25 ساعة، رغم اضطلاعهم في أغلب الأحيان بنفس العمل من شأنه أن يخلق توترا و شعورا بعدم العدل بين مختلف الموظفين. و رغم أن محدثكم ممن سيتمتعون بهذا الإجراء فإني معارض له . أما في ما يخص العمل الدوري فإن روح القانون الذي سن العمل الدوري هو أن كل أستاذ مطالب بتمضية سنتين على الأقل في منطقة ريفية أو شبه ريفية بعد تدريسه لسنوات في المدن و ذلك بغرض الاستفادة من تجربته التربوية بالنسبة لأبنائنا في الريف، و القانون في حد ذاته دعوة إلى المساواة الاجتماعية و تكافؤ الفرص بين جميع تلاميذ تونس ، و إن رآه البعض من المربين الفاضلين عقوبة لهم ، و لعله في سياق التعويض عن ذلك أتى نص الاتفاق الجديد الذي يعطي كل من يقوم بالعمل الدوري الحق في منحة شهرية ب40 دينارا للسنة الأولى و 60 دينارا للسنة الثانية و 80دينارا للسنوات الموالية. و إذا علمنا أن أغلب المدرسين الذين يقومون بالعمل الدوري(نذكر أن مدته الدنيا عامان) لا يرجعون إلى المراكز التي لا تعتبر مراكز عمل دوري (وهي بالأساس المدن الكبرى) إلا بعد سنوات عديدة. و من هنا نقول إما أن من وافق على هذا الاتفاق كان غرضه إثقال كاهل الدولة أو إرغام الإدارة على إلغاء العمل الدوري، و في كلتا الحالتين لا يخدم تونس. خلاصة القول أن السيد الوزير الذي لا يملك مقاليد الوزارة و كان الأحرى به أن يترك مثل هذه الاتفاقات المصيرية إلى الحكومة القادمة، قد أعطى ما لا يملك و لعله قام بذلك في إطار حملة انتخابية ربما تقوده إلى مسؤولية كبرى ، و تلك حكاية أخرى... * أستاذ