انتهت أشغال اللّجنة التي انكبت على إعادة توظيف فندق الحدّادين بصفاقس بهدف العمل على إكساب هذا المعلم خصوصيته الحرفية التي تمكنه من التحول إلى «مركز حي لتقديم التراث الحرفي» ويتوقع أن يكون ملف هذا المعلم الهام من بين أول الملفات التي ستوضع على طاولة وزير الثقافة المرتقب تعيينه في حكومة «المرحلة التأسيسية الأولى». وكانت اللّجنة المكلّفة بالعمل على إعادة تهيئة فندق الحدّادين قد انطلقت في العمل منذ شهر جوان الفارط لتنهي أشغالها آخر الأسبوع المنقضي بتركيبة متكوّنة من ممثلين عن كل من المندوبيّة الجهويّة للثقافة وبلدية صفاقس والتفقدية الجهويّة للتراث ومندوب عن الإدارة الجهوية لوزارة البيئة وخبراء في مجال التراث والصناعات التقليدية.وهي لجنة حرصت في إطار تهيئة فندق الحدّادين على الحفاظ على تركيبة هذا المعلم بنيويا ووظيفيا لما يتضمنه من مواصفات تتيح له إمكانية التحوّل إلى «مركز حي لتقديم التراث الحرفي» مثلما هو الشأن في عديد البلدان التي تحرص على الجمع بين البعد الثقافي والعنصر الإقتصادي كفرنسا وكندا.
فندق الحدّادين وإعادة التهيئة
يقع فندق الحدّادين في داخل المدينة العتيقة بالقرب من باب الجبلي ويعود تأسيسه إلى العصر الوسيط وهو يمثّل الشاهد الوحيد على المنشآت المرتبطة بتجارة القوافل بصفاقس وقد حافظ الفندق في إطار عملية إعادة التهيئة على طابقه العلوي الذي يشتمل على غرف لإقامة التجار والمسافرين، غير انه وعلى إثر توقف التجار عن ارتياد هذا الفندق،أصبحت الدكاكين في الطابق السفلي مستغلة من عدد من حرفي الحدادة التقليدية في حين حوّلت غرف الطابق العلوي إلى مخازن. الباحث و المختص في مجال التراث الدكتور الناصر البقلوطي والمشرف على إعادة تهيئة فندق الحدّادين تحدّث عن هذا المعلم قائلا بأن: «تحويل فندق الحدّادين إلى مركز حي لتقديم التراث الحرفي يعتبر مكسبا طالما انتظره أصحاب الحرف التقليدية والتي تعتبر مورد رزق مئات العائلات ضمانا للحفاظ على التوازن الأسري من الناحية الإقتصادية بالإضافة إلى احتضانه لورشات حية للحرف المهددة بالإندثار علما وأنّ المطمح هو المحافظة على الطابع الوظيفي والتاريخي لهذا الفضاء و جعله مواكبا للتطور حتى لا يتم القضاء على التراث الحرفي بالجهة وتدعيمه انطلاقا من الموروث». فندق الحدّادين وبحكم طابعه الوظيفي الذي يؤهّله للحفاظ على عدد لا يستهان به من الحرفيين سيكون وعلى غرار التجارب الناجحة لمراكز تقديم التراث الحرفي في عدة بلدان أخرى مثل كندا وفرنسا وغيرها من الدول التي حافظت على طابعها الحرفي التقليدي، المعلم الأول الجامع بين البعد الإقتصادي والموروث الحرفي في هذا الإتجاه.