صالح عطية سجل مؤشر توناندكس لبورصة الأوراق المالية خلال الأسبوع الجاري، تطورا بنسبة 1،26 بالمائة، بعد أن عرف تراجعا استمر لعدة أسابيع.. ويعدّ هذا التطور مهما للغاية من الناحية الرمزية، ليس لأنه يبعث برسالة طمأنة للجهات الاقتصادية والاجتماعية بخصوص تحسين الاداء المالي للبورصة، ومن ثم للوضع الاقتصادي برمته فقط، ولكن لأنه يزيل الكثير من الضبابية بخصوص رؤية المستثمرين المحليين والأجانب للوضع السياسي والأمني في بلادنا، ويدفعهم إلى تجاوز حالة التردد والانكماش التي ميّزت علاقتهم بعملية الاستثمار في تونس منذ الرابع عشر من جانفي الماضي.. ما من شك أن الإعلان عن قرب التشكيل النهائي للحكومة، وهي المؤسسة التنفيذية المهمة لإدارة شأن الدولة، ساهم بشكل واضح في «تنشيط» البورصة وحركة المبادلات وعمليات التداول فيها.. وهو ما يعني أن الحراك السياسي، بات محددا للشأن الاقتصادي والمالي، ما يجعل الفاعلين السياسيين أمام مسؤولية جسيمة، فالتجاذبات والصراعات السياسية والايديولوجية، وإن كانت مهمة وضرورية، إلا أن «كلفتها» الاقتصادية كبيرة ومؤثرة على قوت المواطنين، وعلى نسق النشاط الاقتصادي والمالي وتدفق الاستثمارات على بلادنا.. عربة السياسة بعد ثورتنا العظيمة، أصبحت محددة لوجهة القطار الاجتماعي والاقتصادي والأمني، وما لم تفهم نخبنا وأحزابنا والطبقة السياسية لدينا هذه الحقيقة الجديدة في بلادنا، وتستوعب مدلولاتها بشكل جيّد، فإنها تكون قد أخطأت التقدير والهدف في آن معا، لأنها في هذه الحالة ستخسر السياسة، وتكون قد فشلت في المحافظة على مصالح شعبها، فضلا عن تنميتها وتطويرها.. ولا شك أن التعجيل بالإعلان عن تشكيل الحكومة الجديدة، من شأنه أن ينهي التجاذبات السياسية، التي هيمنت على المشهد العام ببلادنا، بشكل أنسى الجميع معاناة التونسيين، الاجتماعية والاقتصادية، وحوّل السياسة والصراع على الحكم، إلى ما يشبه الغنيمة التي يحرص الجميع على الاستفادة منها، بصرف النظر عن استحقاقات المجتمع وانتظاراته، خصوصا في عديد الجهات المحرومة التي اندلعت منها الثورة تحت عنوان الكرامة. إن الكرامة ليست موقفا سياسيا بقدر ما هي افعال تنموية، هي اليوم محط تطلعات المواطنين، الذين ضاق صدرهم وعيل صبرهم من الخطب والبيانات والجدالات العقيمة، التي لم تقدم بوضعهم الاقتصادي والاجتماعي قيد أنملة.. مؤشر تطور السوق المالية، ينبغي أن يكون انطلاقة لدوران عجلة التنمية الحقيقية التي طالما انتظرها التونسيون، وضحى من أجلها شباب الثورة وشهداؤها..