سفير قطر يغادر تونس بعد 14 عامًا من الخدمة الدبلوماسية    البريد التونسي ونظيره الموريتاني يُوقّعان اتفاقية تعاون    "مصطفى بيضوضان" يحمل معين الشعباني مسؤولية ضياع اللقب عن نهضة بركان المغربي    الكشف عن مصنع عشوائي لصنع المشروبات الكحولية مالقصة ؟    في مهرجان "كان": كيت بلانشيت تتضامن مع فلسطين بطريقة فريدة    نواب الشعب يدعون الى استغلال الأراضي الفلاحية الدولية المهدورة لتجاوز أزمة الحبوب    سليانة: الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه تعلن عن تسجيل اضطراب في توزيع الماء الصالح للشرب    نحو 53 ألف شخص حاولوا اجتياز الحدود البحرية خلسة نحو أوروبا منذ بداية العام    عاجل/ تونس تطرح مناقصة دولية جديدة لشراء 100 ألف طن من القمح    رئيس منظمة ارشاد المستهلك يدعو إلى التدخل السريع في تسعير اللحوم الحمراء    البطولة الانقليزية: نجوم مانشستر سيتي يسيطرون على التشكيلة المثالية لموسم 2023-2024    بطولة العالم لالعاب القوى لذوي الاعاقة : وليد كتيلة يهدي تونس ميدالية ذهبية ثالثة    عاجل/ مدير بالرصد الجوي يحذر: الحرارة خلال الصيف قد تتجاوز المعدلات العادية وإمكانية نزول أمطار غزيرة..    الرابطة المحترفة الأولى (مرحلة تفادي النزول): حكام الجولة الحادية عشرة    ارتفاع أسعار الأضاحي بهذه الولاية..    عاجل : نقابة الصحفيين تدعو الى وقفة للمطالبة بإطلاق سراح الزغيدي و بسيس    الموت يفجع حمدي المدب رئيس الترجي الرياضي    السّواسي ..تركيز برنامج المدارس الرقميّة بالمدرسة الابتدائية الكساسبة    إحداث خزان وتأهيل أخرين واقتناء 60 قاطرة لنقل الحبوب    كوبا أمريكا: ميسي يقود قائمة المدعوين لمنتخب الأرجنتين    وفاة نجم منتخب ألمانيا السابق    موعد تحول وفد الترجي الرياضي الى القاهرة    وزير الفلاحة : أهمية تعزيز التعاون وتبادل الخبرات حول تداعيات تغيّر المناخ    عاجل/ آخر المستجدات في ايران بعد وفاة "رئيسي": انتخاب رئيس مجلس خبراء القيادة..    مناظرة انتداب عرفاء بسلك الحماية المدنية    مفزع/ حوادث: 22 حالة وفاة و430 مصاب خلال 24 ساعة..    عاجل : قتلى وجرحى في غرق ''ميكروباص'' بنهر النيل    في الملتقى الجهوي للمدراس الابتدائية لفنون السينما ..فيلم «دون مقابل» يتوج بالمرتية الأولى    الكاف ..اختتام الملتقى الوطني للمسرح المدرسي بالمرحلة الإعدادية والثانوية    توزر ..تظاهرة إبداعات الكتاتيب «طفل الكتاب إشعاع المستقبل»    إختفاء مرض ألزهايمر من دماغ المريض بدون دواء ماالقصة ؟    اصابة 10 أشخاص في حادث انقلاب شاحنة خفيفة بمنطقة العوامرية ببرقو    بدأ مراسم تشييع الرئيس الإيراني ومرافقيه في تبريز    وزارة الفلاحة: '' الحشرة القرمزية لا تُؤثّر على الزياتين.. ''    صلاح يُلمح إلى البقاء في ليفربول الموسم المقبل    هام/ هذا عدد مطالب القروض التي تلقاها صندوق الضمان الاجتماعي..    رئاسة الجمهورية السورية: إصابة أسماء الأسد بسرطان الدم    وزير الأعمال الإيطالي يزور ليبيا لبحث التعاون في مجالات الصناعة والمواد الخام والطاقة المتجددة    البرلمان يعقد جلستين عامتين اليوم وغدا للنظر في عدد من مشاريع القوانين الاقتصادية    كان يتنقل بهوية شقيقه التوأم : الاطاحة بأخطر متحيل عبر مواقع التواصل الاجتماعي ...    عمرو دياب يضرب مهندس صوت في حفل زفاف.. سلوك غاضب يثير الجدل    الدورة 24 للمهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون تحت شعار "نصرة فلسطين" و289 عملا في المسابقة    عاجل/ تركيا تكشف معطيات خطيرة تتعلق بمروحية "الرئيس الإيراني"..    قبلي: تخصيص 7 فرق بيطريّة لإتمام الحملة الجهوية لتلقيح قطعان الماشية    طقس الثلاثاء: الحرارة في انخفاض طفيف    49 هزة أرضية تثير ذعر السكان بجنوب إيطاليا    وزير الدفاع الأميركي: لا دور لواشنطن بحادثة تحطم طائرة رئيسي    منوبة.. إيقاف شخص أوهم طالبين أجنبيين بتمكينهما من تأشيرتي سفر    هل فينا من يجزم بكيف سيكون الغد ...؟؟... عبد الكريم قطاطة    أغنية لفريد الأطرش تضع نانسي عجرم في مأزق !    تقرير يتّهم بريطانيا بالتستر عن فضيحة دم ملوّث أودت بنحو 3000 شخص    الشاعر مبروك السياري يتحصل على الجائزة الثانية في مسابقة أدبية بالسعودية    نحو الترفيع في حجم التمويلات الموجهة لإجراء البحوث السريرية    تحذير من موجة كورونا صيفية...ما القصة ؟    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عندما تتحرر الكلمة ويصبح الشعب سيناريست والمخرج بطلا
«كلمة حمراء» لإلياس بكار
نشر في الصباح يوم 30 - 12 - 2011

"كنت أخاف أن يعذبوا ابني أمام عيني" جملة جاءت على لسان احد عمال المناجم بالمتلوي عندما فسّر سبب الصمت بعد أحداث 2008 والصبر على سنوات الظلم والقهر والفساد والرشوة والمحسوبية وتفشي الفقر والبطالة التي عانت منها تونس طيلة حكم زين العابدين بن علي" والأكيد أن أمثاله بالآلاف في كل المدن التونسية.
موقف صادق ومعبر ورد في شهادة حية في فيلم "كلمة حمراء" الذي أعده وأخرجه الياس بكار وتساءل فيه ان كانت الثورة التونسية وقعت قبل هروب بن علي ام أنها متواصلة إلى يومنا هذا. 94 دقيقة رصد خلالها الياس في فيلم تسجيلي مستجدات الأحداث وأرّخ بالصوت والصورة تاريخ تونس ما بين 18 جانفي ونهاية شهر فيفري 2011.
في هذا الفيلم الذي كانت فيه "الكلمة" بطلة بلا منازع رصد بكار بروزها المحتشم ومسلكها الخفي واحتشادها على أطراف الألسن ومشارف البيوت والأزقة والمؤسسات ومراحل وكيفية تحرّرها، تحرر بانت معالمه جليّة من خلال ترددها على لسان رجال الإعلام لا في وسائله وفي الشارع والساحات العامة، المكان الذي لم تكن "الكلمة" تجرأ على اقتحامه او حتى زيارته منذ أكثر من نصف قرن تقريبا.
تحررت الكلمة تدريجيّا وتفشت في شوارع سيدي بوزيد وتونس العاصمة والرقاب والقصرين وتالة وصفاقس وقرقنة والرديف، وأخرجها الفنانون من الفضاءات المغلقة إلى الشارع فأطاحت بحكومة محمد الغنوشي بعد أن أطاحت بزين العابدين بن علي.
شهادات عديدة استقاها الياس بكار من عينات كثيرة تمثل المجتمع التونسي بكل حساسياته تعامل معها ببساطة فعبرت عما يختلج في نفسها وما تطمح له دون الدخول بها إلى متاهات السياسة، ولا يمكن هنا أن نجزم بما إذا كان بكار قد تعمد هذا المسار أم ان الشعب خلال شهري جانفي- فيفري 2011 مازال يقف كتلة واحدة في وجه الظلم طلبا للحرية دون غيرها من المطالب او لان الفاعلين في التيارات والأحزاب والحركات مازالوا لم ينظموا صفوفهم بعد، رغم وجود مية الجريبي وأحمد نجيب الشابي في الفيلم والتسجيل الموضوعي لرجوع الشيخ راشد الغنوشي من المهجر.

قائدة في الصفوف الأمامية

لقد تحسست كاميرا بكار أولى خطوات حرية التعبير في تونس وشغف العامل والبطال والفنان والفلاح والموظف والمحامي بتونس ورغبة رجال الإعلام في تعلم الكتابة من اجل إرساء دعائم الديمقراطية وعاين مشاركة المرأة الفاعلة في كل ما شهدته تونس من أحداث قبل وبعد 14 جانفي كقائدة في الصفوف الأمامية دوما سواء كان ذلك في العاصمة حيث تعيش الموظفة او في المناطق الداخلية للبلاد حيث تكد العاملة والفلاحة.
وتمكن المخرج من تجسيد ونقل الأحاسيس التي كانت تعتمل في دواخل التونسيين خلال أولى أيام الثورة حيث جال بكاميرا صادقة وقريبة من الناس أحبتهم ورغبت في الاستماع إليهم بذكاء دون أفكار مسبقة ولا هدف مسطر وركز على ملامح التونسي وتنهدات الغضب والأسف والشعور بالإحباط والحزن على استشهاد الأبرياء والفرح والعزم على التغيير مهما كان الثمن، وغاص بالكاميرا عميقا معهم في فترات تأملهم وهم يعيشون لحظات حرجة يواصلون الثورة ولا يعرفون أين ستقودهم الأحداث ولا متى يتوقف الحلم ويستفيقون. كل ما يعرفونه ويطلبونه هو القصاص للشهداء ولمن سالت دماؤهم دون ذنب والقطع النهائي مع النظام السابق وما تبقى من حكم المخلوع الهارب.

أحداث تفوق حدود الخيال

سجل بكار بالكاميرا الواقع واستطاع ان يكون حيث الحدث وعلى عين المكان في وقت كان يصعب فيه التنقل والمغامرة فما بالك بالتصوير والنقل الحي. وعاش الحدث وكتب عنه بواقعية ودون تزييف رغم أنها كانت بالنسبة للبعض وقائع وأحداث تفوق حدود خيال تونسي تم تدجينه وترويضه طيلة عقود من الزمن لعب فيها البعض أدوارا لم تخف عن الكاميرا بل التقطتها وتركتها للمؤرخ يحللها إذا أراد. هي حقائق عاشها وهو يسجلها وعرضها على المشاهد فلم يحس بالملل وتفاعل - وبالدمع أحيانا- لقد حفظ لنا التاريخ ومنحنا تذكرة نحو المستقبل.
كان المفروض ان نتحدث عن سيناريو ولكن السيناريو في فيلم "كلمة حمراء" كتبه الشعب التونسي وجسد شخصياته بتلقائية وعفوية ودون تصنع وتقييمه غير ممكن لأنه متواصل ولم ينته بعد.
هذا الشعب أهدى لالياس فرصة تأكيد قدرته وموهبته بعد فيلمه الأول "هو وهي" سنة 2006 الذي رأى البعض انه كان مملا وانه لم يتمكن من خلال صوره ان يوصل إلى المتفرج مدى إحساس بطليه بالاختناق والمحاصرة والذي كانت تسبب جانبا منه ظروف البلاد في ذلك الوقت والشعور السائد لدى الكل بالقهر والظلم فتقمص دور البطولة بنفسه وأخرج فيلمه الطويل الثاني بعد قرابة التسعة أفلام وثائقية أخرجها تباعا منذ سنة 2005.
هذا الفيلم الذي ستجد فيه نفسك او قريبا لك او جارا بالضرورة ان لم يكن أمام الكاميرا فخلفها سيعرض للجمهور بداية من يوم 4 جانفي 2011 بقاعة سينما المنار يوميا بداية من الساعة السابعة مساء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.