ضمان أمن المتصرفين القضائيين وانتقال المؤسسات المصادرة لفائدة متصرفي الدولة من المطالب المستعجلة الشركات المصادرة تشغل أكثر من 20 ألف عامل ومجموع أصولها يقدر ب 5 مليار دولار دعا عضو بهيئة الخبراء المحاسبين الحكومة إلى الإسراع بفتح ملف المؤسسات المصادرة التابعة للرئيس السابق واقربائه والمقربين منه واصهاره، حتى يتم انقاذ ما يمكن انقاذه خاصة بالنسبة للمؤسسات التي تمر بصعوبات والمهددة بالاغلاق والافلاس وفقدان مواطن الشغل فيها.. وكانت هيئة الخبراء المحاسبين للبلاد التونسية وضعت منذ بداية ديسمبر الماضي مهلة للحكومة والأطراف المعنية لوضع حد للانتهاكات التي يتعرض لها بعض الخبراء والمتصرفين القضائيين المعينين منذ بداية الثورة على المؤسسات المصادرة انتهت منذ يوم أمس. ويبدو أن الحكومة الجديدة التي تسلمت مهامها مؤخرا ارسلت اشارات مطمئنة بخصوص موضوع المؤسسات المصادرة. ولاستجلاء الأمر اتصلت "الصباح" بأنيس الوهابي الخبير المحاسب وعضو هيئة الخبراء الذي كشف عن وجود مشاورات بين لجنة التصرف في المؤسسات المصادرة التابعة لوزارة المالية والمتصرفين القضائيين على المؤسسات المصادرة انطلقت خلال الفترة الأخيرة وتم تبادل وجهات النظر بين الجانبين بخصوص المشاكل التي يتعرض لها المتصرفون القضائيون والوسائل الممكنة لتجاوزها ولضمان انتقال سلس للمؤسسات إلى الدولة حتى تقوم بتعيين متصرفين ممثلين لها على تلك المؤسسات.. ملف لا يحتمل التأجيل وقال الوهابي إن ملف المؤسسات المصادرة لا يحتمل التأجيل ويجب أن يكون من ضمن أولويات برنامج حكومة حمادي الجبالي، نافيا وجود اتصالات رسمية بين الحكومة وهيئة الخبراء المحاسبين بخصوص الصعوبات التي تعترض عمل المتصرفين القضائيين المعينين على المؤسسات المصادرة. وأوضح أن دعوة الهيئة إلى الخبراء والمحاسبين للانسحاب والتهديد باستقالة جماعية ليس المعني به الخروج النهائي من المؤسسة وتركها عالقة، بل إن الهيئة تهدف إلى توفير حماية أمنية للمتصرفين الذين يتعرضون لضغوطات وتهديدات وضمان انتقال "حضاري" للمؤسسة لفائدة ممثلين متصرفين للدولة حسب ما تقتضيه أصول المهنة والأعراف الجاري بها العمل. ويضمن انتقال المهام توفر ضمانات وآليات يتم بموجبها تسليم المتصرفين المتخلين لتقارير مفصلة عن فترة توليهم المسؤولية على راس المؤسسات المصادرة، وتقديم توصيات لفائدة المتصرفين الجدد الممثلين للدولة عن وضع المؤسسة المالي وسبل تجاوز الصعوبات التي تمر بها في صورة وجودها.. وكان محمد ناجي الهرقلي رئيس هيئة الخبراء المحاسبين قد دعا المتصرفين القضائيين على الشركات المصادرة إلى الانسحاب مع موفى ديسمبر 2011 نتيجة تعدد الهجمات اللفظية والجسدية التي يتعرضون لها. ووجه نداء عاجلا إلى الأطراف المعنية من أجل التحرك السريع لوضع حد لهذه الاعتداءات وتمكين الخبراء والمتصرفين القضائيين من انجاز مهامهم في ظروف افضل خاصة من ناحية ضمان أمنهم وسلامتهم. في انتظار فتح الحكومة الجديدة الملف.. وقد علمت "الصباح" في السياق ذاته أن الحكومة قد تفتح خلال الأسبوع المقبل ملف المؤسسات المصادرة الراجعة بالنظر خاصة إلى وزارة المالية، ووزارة العدل.. وحذر انيس الوهابي عضو الهيئة في هذا الصدد من خطورة بقاء الوضع الصعب الذي تمر به بعض المؤسسات المصادرة خاصة أن المحاكم رفضت انتفاع المؤسسات المعنية بآليات الانقاذ حسبما ينص عليه قانون المؤسسات التي تمر بصعوبات مالية، بسبب الوضع القانوني لتلك المؤسسات التي يديرها مؤقتا متصرفون قضائيون.. لكن في هذه الحالة يطرح السؤال نفسه: كيف ستتصرف الحكومة الجديدة المؤقتة مع المؤسسات المصادرة خاصة تلك التي تمر بصعوبات من أجل الحفاظ على مواطن الشغل فيها؟. وماذا عن ديون الشركات والمؤسسات المصادرة، هل يتم اتخاذ اجراءات من اجل حماية الدائنين؟ علما ان الهيئة الوطنية للخبراء المحاسبين اقترحت سابقا على الحكومة المؤقتة المتخلية ادراج التي تمر بوضعية مالية مريحة في السوق المالية؟
350 مؤسسة مصادرة
وكانت لجنة المصادرة التي عهد اليها امر التفويت في المؤسسات المصادرة قد تأسست بمقتضى مرسوم صدر خلال جويلية من العام الماضي يتعلق بإحداث لجنة التصرف في المؤسسات المصادرة، تحل محل لجنة مصادرة المؤسسات التابعة للرئيس السابق واقربائه والمقربين منه واصهاره. واوكل إلى اللجنة تحديد مستقبل نهائي لقرابة 350 مؤسسة مصادرة إما بالتفويت فيها كليا او جزئيا أو تأميمها او حلها.. وكانت الهيئة التونسية للخبراء المحاسبين قد حذرت أكثر من مرة من خطورة الإطالة في الوضعية الحالية لهاته المؤسسات التي لا تخدم سيرها العادي ولا اقتصاد البلاد. يذكر انه تم منذ فيفري الماضي تعيين متصرفين قضائيين على راس المؤسسات المصادرة عهدت اليهم مسؤولية التسيير الإداري والمالي اليومي بصفة مؤقتة إلى حين البت في مصيرها وتعيين متصرفين عاديين عليها. وتمت عملية مصادرة المؤسسات المعنية وفق المرسوم المؤرخ في 14 مارس 2011 وضمت أموالا منقولة وعقارية ومساهمات في شركات تعتبر من خيرة مكونات الاقتصاد الوطني في مختلف القطاعات الحيوية من صناعات معملية وتحويلية وتجارة وخدمات وسياحة وفلاحة وبعث عقاري واتصالات، فضلا عن مؤسسات اعلامية. وعملت لجنة المصادرة على حصر المساهمات التي ستتم مصادرتها وإعداد الإطار والإجراءات القانونية لهاته العملية، وقامت مثلا بتحويل مجمع "برنساس هولدينق" إلى لجنة التصرف في المؤسسات المصادرة..
ثغرات قانونية
تجدر الإشارة إلى أن خبراء محاسبين كشفوا عن وجود ثغرات في مرسوم لجنة المصادرة على غرار الفصل 2 منه الذي نصّ على أن مهام اللجنة المذكورة يتمثل في التصرف اليومي للمؤسسات المصادرة دون التطرق إلى وضع استراتيجيات العمل على المدى البعيد او ما تلزمه وضعية بعض الشركات من اعادة هيكلة او اصلاحات جوهرية. وتتكون تركيبة اللجنة من أعضاء يتمثلون في وزراء المالية، والعدل، وأملاك الدولة، وممثل عن الوزارة الأولى ومحافظ البنك المركزي ورئيس هيئة السوق المالية.
إعادة هيكلة المؤسسات المصادرة
ومن بين المقترحات البارزة التي تقدمت بها هيئة الخبراء المحاسبين منذ عهد حكومة الباجي قائد السبسي، ضمان استقلالية لجنة التصرف في المؤسسات المصادرة، وأن تعهد لها مهمة إعادة هيكلة المؤسسات المعنية عبر شركة قابضة وادراج الشركات الجيدة في البورصة مع فتح راس مالها لعمالها وإطاراتها. ومن شأن هذا المقترح أن يمنح عمال وإطارات المؤسسات المصادرة، مزايا خاصة للمساهمة في رأس المال (stock option) وهو حل مثالي لما سيحققه من تحسين للأداء وتهدئة للأوضاع الاجتماعية بالمؤسسات. يذكر أن مجموع أصول هذه الشركات يقدر ب5 مليارات من الدنانير أي، للقياس، قرابة ربع ميزانية الدولة التونسية السنوية. كما يبلغ حجم ديونها حوالي 3 مليارات دينار ويقدر عدد عمالها المباشرين بأكثر من 20 ألف عامل.