لا بد من بناء مجتمع حديث يعيد مفهوم الوطنية عديدة هي الآليات والطرق التي على الحكومة الحالية انتهاجها للخروج بالاقتصاد من عنق الزجاجة كأن تنتهج منظومة اقتصادية وسياسية تعنى بالطبقات الفقيرة أولا وأساسا للقضاء على معضلتي الفقر والبطالة لا سيما أن الوضع الى حد الآن يتسم بعدة أخطاء أولها أن المرحلة الانتقالية تفرض على جميع التيارات السياسية أن تقبل مفهوم التخلي على كل ما يؤشر لتقسيم المجتمع الى طبقات. وهومفهوم لم يلق حظه بعد حتى بعد انتخابات 23 أكتوبر. هذا ما أكده ل "الصباح" رضا التليلي (أستاذ التاريخ والدراسات الجيوسياسية ومدير مؤسسة احمد التليلي من اجل الثقافة الديمقراطية) مؤكدا أنه من واجب الحكومة أن تأخذ هذا المفهوم بعين الاعتبار حتى ننتقل من الديكتاتورية الى الديمقراطية لا سيما أن تكريس الوضع الحالي سيؤشر لبقاء الفقير فقيرا والغني يزداد غنى. وأضاف انه على الأحزاب أن لا تعتنق مبدأ يجعل المجتمع التونسي في حالة تناقض أو تضارب مما يسهم في معارك اجتماعية أو سياسية. ويتمثل هذا المبدأ في تبني سياسة "التخلي" (الامتيازات) في بعض الحالات من اجل المصلحة العامة وهو ضروري ومفروض على مجتمع يريد أن يبني الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
لا للوعود الشعبوية
وأورد في نفس السياق مدير مؤسسة احمد التليلي من اجل الثقافة والديمقراطية أن الوضع في تونس يحتاج الى التخلي عن سياسة الوعود الشعبوية والتي لا يمكن إطلاقا تحقيقها في ظرف 6 أشهرلا سيما في الجهات. فعلى الحكومة أن تنتقل الى الجهات المحرومة وأن تسجل فيها حضورها يوميا فضلا عن القطع نهائيا مع ثقافة المركزية التي أدت الى الديكتاتورية.وعلى الدولة في هذا الصدد أن تعدل في سلوكها وتصرفاتها (القطع مع النظام السابق والامتيازات الغير شرعية) فضلا عن تفعيل لغة القانون.
مفهوم جديد للمواطنة
ويقترح في نفس الاتجاه أستاذ التاريخ أن يقع العمل في هذه الفترة الانتقالية على بناء اقتصاد تضامني يعمل على إرساء مفهوم جديد للمواطنة استنادا الى انه على امتداد 60 سنة خلت تعود الفرد على مصطلح الوطنية المقسمة الى : شمال,جنوب,غر ب والتي تؤشرللمناطق المحرومة من التنمية والجهات التي تعيش تنمية حقيقية. وما حصل أن أهل هذه الجهات (المناطق المحرومة من التنمية) يحملون وطنية منقوصة .ولابد في هذا الإطار من بناء مجتمع ديمقراطي حديث يعيد مفهوم الوطنية فضلا عن القطع نهائيا مع ثقافة التفاوت بين الجهات.
ديمقراطية اجتماعية
وأوضح التليلي انه من جهة أخرى تبين خلال السنوات الأخيرة خاصة منذ 20 سنة أن الديمقراطية في حاجة الى ديمقراطية اجتماعية أي أن الديمقراطية في إطار الليبيرالية تستند الى قانون السوق لتتحول هذه الديمقراطية في خدمة طبقات معينة.والديمقراطية السياسية في تونس هي ديمقراطية اجتماعية ستؤدي حتما ومهما كان الحزب الذي يدير شؤون الدولة شيئا فشيئا إلى تفاوت بين الفقراء والأغنياء. وفسر في هذا الصدد أن التحدي في قضية توزيع الثروات في الاقتصاد الليبيرالي عدم توزيع الثروات من ناحية اجتماعية وإنما من ناحية استثمارية مشيرا الى أن الديمقراطية في تونس هي ديمقراطية اجتماعية تجعل المجتمع دون فكر تضامني ليصبح المجتمع مجموعة أو مجموعات تستهلك وتستهلك بصفة فردية وأنانية. فالليبيرالية الاقتصادية تستند على مبدإ ربح المال وان كان ذلك في إطار مشروع استغلال الطبقة الشغيلية وكافة المجتمع.وأورد أن الليبيرالية بمقومها الحالي في اغلب البلدان قضت بصفة تدريجية على ما يسمى بالممتلكات الاجتماعية.ولذا في وضع انتقالي في تونس لا بد من تحيين المنظومة الاقتصادية حتى نبني اقتصادا تضامنيا يعيد لمفهوم الوطنية الروح والتفاؤل ونوعا من الشعور بالانتماء حتى نخلق مجتمعا متماسكا ومتضامنا.