لا يكاد يمر لقاء في البطولة التونسية أو للمنتخب الوطني أو لأي فريق تونسي في المشاركات القارية والعالمية إلا ويقف أهل الاختصاص على مشكلة العقم الهجومي التي تعاني منها كرتنا... وأصبح الشارع الرياضي على قناعة أن هناك أزمة حقيقية في تكوين وصناعة أقدام قادرة على التهديف ومواهب مختصة في «القنص» والتسجيل... ورغم وجود مراكز تكوين في صلب عديد الأندية إلا أنها لم تنجب لنا هدافين من الطراز الرفيع وظلت كل الأندية دون استثناء تتنافس على انتداب «قناصة» أجانب لإثراء خط هجومها وسدّ هذا الفراغ... الأزمة عميقة وتحتاج إلى تدارك وبحث بجدية في أسبابها ومسبّباتها مع إيجاد حلول عاجلة... «الأسبوعي» فتحت الملف وطرحت عدة أسئلة على أهل الذكر... ماهي أسباب العقم الهجومي في تونس؟ وكيف يمكن معالجتها بما يفيد الكرة التونسية؟ منذر كبير : الأجانب سبب المشكلة حان الوقت حقا للوقوف بجدية على هذه الأزمة التي حيّرت الشارع الرياضي التونسي وتسبّبت في عدة انتكاسات رياضية وحسب رأيي هناك عدة أسباب حالت دون بروز مواهب هجومية منذ فترة، لعل أبرزها هو أن اللاعب الأجنبي تحوّل إلى جزء لا يتجزأ من المنظومة الكروية في تونس وأصبحت كل الأندية تعوّل على خدمات المهاجم الأجنبي على حساب المهاجم المحلي وهو ما يؤثر على مردوده حتى وإن كان يتمتع بقدرات متميزة، إضافة إلى عنصر الثقة التي حرم منها أبناءها مع عديد الأندية حتى الكبرى منها ولم يتمكنوا من الحصول على فرص حقيقية لإثبات مواهبهم وهي ظاهرة غزت ملاعبنا وأضرّت بمستوى بطولتنا، في حين أن العديد من اللاعبين الأجانب الذين تحصلوا على فرص وطوّروا أداءهم بكثرة اللقاءات ثم غادروا إلى أندية أوروبية، أليس اللاعب التونسي أجدر وأحق بهذه الثقة؟ كما أريد الإشارة إلى نقطة مهمة جدا وهي التكوين القاعدي للشبان وتمكين المهاجمين من عمل خاص ومتميز على المستوى الذهني والبدني منذ بداياته وهنا على الأندية الاهتمام أكثر بمراكز التكوين... رضا عكاشة : معهد رياضي في كل ولاية أعتبر أن أزمة الهجوم في تونس تعكس واقع البطولة وسببا أساسيا في تدهور حالة كرتنا، وهو صراحة موضوع متشعّب ومتداخل نتيجة لتراكماته، وحسب خبرتي في هذا الميدان، تعود الأسباب إلى التكوين أولا رغم أني متأكد أن المدرب يقوم بدوره على أكمل وجه حتى على مستوى العمل الخاص بالمهاجم. والبطولة التونسية تزخر بالمواهب الهجومية التي «دمّرها» الزحف الأجنبي، وهنا أشير إلى خطورة الموقف ويجب إعادة مراجعة قانون الانتدابات فالتقليص من الأجانب أصبح ضرورة ملحة لأنها في النهاية طاقة نافذة وأعتبر أن الحل الأمثل في الطاقة المتجددة النابعة من مخزون هذا البلد الذي أنجب ولا يزال ينجب المواهب.. فالحل دائما يكمن في إنجاز ذاتي يمر عبر التكوين وأكبر أندية العالم صنعت مهاجميها في مخابر ومدارس وأكاديميات التكوين، وهذا دور الإدارة الفنية التي أصبحت لا تهتم بالشباب والدليل واضح أمامنا وما يحصل في أصناف الشبان يندى له الجبين وعار على الكرة التونسية... كما أريد أن اقترح توفير معهد رياضي في كل ولاية والتنسيق بين وزارتي الرياضة والتربية لإيجاد حل للرياضيين الشبان... محمود الورتاني : مشكل شائك ومتشعب إذا أردنا فعلا فتح ملف تفاقم أزمة المهاجم الهداف في البطولة التونسية يجب أولا الاعتراف به كخطإ تتحمله كل الأطراف من أندية ومدربين ومكوّنين وحتى المهاجمين، وباعتباره ملفا شائكا ومتشعبا أصبح من الضروري الوقوف على أسبابه ومخاطره على البطولة التونسية وكرة القدم في بلادنا بصفة عامة... ويكمن المشكل الأساسي حسب تجربتي في التكوين منذ سن مبكرة أي بين 10 و15 سنة إضافة إلى ضرورة حسن اختيار المهاجم الذي يجب أن يتمتع بمهارات خاصة وموهبة ترافقها تحضيرات خاصة ودقيقة جدا أمام المرمى ومتابعة مسترسلة حتى انضمامه إلى صنف الأكابر ومنحه الثقة التامة وتمكينه من فرص حتى وإن أخفق في بداياته... كما يعتبر اللاعب الأجنبي في تونس أحد العراقيل أمام بروز مواهب شابة في هذه الخطة بالذات حيث تسعى الأندية لانتداب الأجانب وتمكينهم من امتيازات تكون دائما على حساب اللاعب التونسي حتى يفقد قيمته الفنية وفي النهاية لا تسجل بطولتنا بروز لاعبين أجانب من طينة الكبار حتى يتمتعوا بكل تلك الامتيازات وأعتبره ظلما لأبنائنا ويجب مراجعة هذه الانتدابات التي تكلف النادي أموالا طائلة شبابنا أولى بها.. ومن جهة أخرى تعاني جل الأندية من نقص فادح في التجهيزات التي أعتبرها ضرورية في صناعة الأقدام الفولاذية... خالد فاضل :«الماء اللي ماشي للسدرة...» منذ عدة مواسم لم تشهد بطولتنا بروز مهاجم هداف واضح المعالم حتى أصبحنا نتحدث عن أزمة حقيقية تمر بها الأندية وبالتالي البطولة، واتجهت الأنظار إلى سوق اللاعبين واشتد التنافس على الأقدام المستوردة بين كبار الأندية وحتى «الصغرى» منها وتجاهل الجميع عنصر التكوين وصناعة المهاجم رغم أن بلادنا تزخر بهذه المواهب وأعني جيدا ما أقول... هي أزمة من صنع أباطرة «السماسرة» في تونس حوّلوها إلى ظاهرة وسوق استفاد منه الجميع إلا اللاعب التونسي... أرى أن الوقت مناسب لتداركها فكل المقومات متاحة فمراكز التكوين موجودة والمادة الخام متوفرة بكثرة ولا ينقصنا إلا صقل المواهب والاهتمام أكثر بأصناف الشبان و«الماء اللي ماشي للسدرة لاعبونا أولى به».. ويجب على الأندية العناية بالعناصر الشابة التي تتراوح أعمارها بين 12 و15 سنة وسنتحصل في غضون سنوات قليلة على لاعبين من طراز عال قادرين أن يغيروا وجه كرة القدم التونسية... سفيان الحيدوسي : مسؤولية مشتركة أثبتت الأرقام والاحصائيات الأخيرة أن الأندية التونسية تعاني من صناعة أقدام هجومية أو تكوين شبان في خطة «المهاجم القناص» وهو ما يعكس الوضع الحالي للبطولة وأثّر على سمعة كرة القدم التونسية التي حطمت أرقاما قياسية في انتداب الأجانب دون أن تكون هناك إضافة واضحة... وأحمّل المسؤولية في ذلك إلى مدربي أصناف الشبان والإدارة الفنية التي أثبتت النتائج عدم كفاءتها، وضعف قدرتها على انجاب لاعبين في خطة الهجوم... بالإضافة إلى كل هذا ساهمت الأندية الكبرى في هذا المشكل بالاكتفاء بانتداب لاعبين أجانب وحرمان المهاجم التونسي من فرص قد تمكنه من التغلّب على الضيف الذي أصبح يصول ويجول في ظل تغييب صاحب البيت... أشرف طبيب