قالت شاذلية الماجري الباحثة في الدراسات النسائية إن الأحكام المسبقة وراء فشل المرأة في انتخابات المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل.. فرغم مشاركة النساء النقابيات جنبا إلى جنب مع الرجال في الثورة، ورغم ترشح سبع منهن للمؤتمر الأخير للمنظمة الشغيلة، لم تنجح أي واحدة منهن في الصعود للمكتب التنفيذي. وفسرت الجامعية التي أعدّت أطروحة ماجستير حول مدى إدماج النوع الاجتماعي في المنظمات النقابية: "الاتحاد العام التونسي للشغل نموذجا "، أن القاعدة العمالية أثبتت مرّة أخرى أنها لا تراهن على النساء، ويعود ذلك لعديد الاعتقادات والأحكام المسبقة، أولها أن المرأة غير قادرة على خوض غمار النقابات لطبيعتها الجسدية أولا ولأنها مثقّلة ثانيا بكثير من الالتزامات العائلية والاجتماعية.. غيابات
وقالت محدثتنا إن المبرر الذي يتعلل به من لا ينتخبون المرأة في النقابات هو أنها متعرضة للحمل والولادة ويستوجب الأمر حصولها على عطلة أمومة تحول دون ممارسة حياتها النقابية بالكيفية المطلوبة، كما أن المرأة عمليا هي التي تتكفل برعاية الأبناء وبالقيام بشؤون المنزل وغيرها من المهام المرتبطة تقليديا وفي الأذهان بها وحدها وليس بالرجل.
مزاعم
وبينت أن عقلية المجتمع الأبوي متغلغلة في الاتحاد العام التونسي للشغل.. لأن النضال العمالي مرتبط في مخيلة القاعدة الشغيلة بأنه يتم دائما خارج أوقات العمل وعلى حساب الوقت الحرّ وفي الفضاءات العامة وهي مواضع لا تناسب المرأة ويخشى عند انتخابها أن تقصر في مهامها وألا تقدر على التأقلم معها ومع طبيعتها التي تتطلب الكثير من رباطة الجأش.. وتؤكّد الجامعية أن هذه التبريرات ليست في محلها، وأكدت أنه لا توجد دراسات ولا بحوث تؤكد صحّة هذه المزاعم.. وأرجعت السيدة شاذلية الماجري هذه الاسقاطات لعدم المساواة الفعلية بين الجنسين في تونس، ولرواسب مجتمع ذكوري لا يؤمن بعد بقدرات المرأة ولا يثق في أنها يمكن أن تكون ناجحة مثلها مثل الرجل عندما تكون في مواقع القرار.. وأضافت محدثتنا :"كما أن المرأة التي تصل إلى مواقع القرار، تواجه العديد من العراقيل أولها أنها مضطرة لكي تثبت لجميع من تديرهم أو ترأسهم قدراتها، وثانيا أن تذكّرهم باستمرار وتقنعهم بجدارتها.. وإضافة إلى ذلك عليها أن تثبت أيضا لعائلتها أنها قادرة على التوفيق بين المهام المناطة بعهدتها في رعايتهم، وبين مهامها في شغلها وبالتالي بأنها مرأة استثنائية".. وعن سؤال يتعلق بفحوى بحثها الأكاديمي الذي أثرت به رصيد الجامعة التونسية، أجابت السيدة شاذلية الماجري أن تطرقها إلى موضوع مدى ادماج المرأة في المنظمات النقابية وتحديدا في المنظمة الشغيلة جعلها تخلص إلى نتيجة محيرة وهي أنه كلما تم التدرج في مواقع القرار كلما تضاءل حضور المرأة.. وفسّرت أن النقابات الأساسية فيها عدد هام من النساء ورغم ذلك لا تتمكن المرأة من الصعود للمكتب التنفيذي.. وبينت أنه بالإضافة إلى الأسباب التي سبق ذكرها، هناك سبب آخر لا يقل شأنا أثارته الجامعية وهو أن النساء النقابيات لا ينتخبن النساء.. كما أن توجّه الحملات الانتخابية كثيرا ما يكون توجها رجاليا صرفا.