بقلم سمير ساسي السيد الوزير، لست ادري اي تحية احييك بها وانت على راس وزارة لعلها تكون الاهم من وزارات الحكومة الجديدة ، وانت ايضا المناضل الحقوقي والسجين السياسي فالتحيات كلها تجتمع عند مفرق الذكرى الاليمة التي مازال جسدي وروحي يحملانها مثل اجساد وارواح كثيرين من رفاق دربي ودربك وقد كان الدرب سويا ومشتركا.. اعلم ان امامك ملفا عاجلا لمظالم الشهداء والجرحى الذين سقطوا في الثورة المباركة ، وهذا الملف مهما عظم وتضخم فانا واثق انه لن يأخذ من وقتكم الكثير لان شخوصه واضحة المعالم تقريبا والجلادون كما الضحايا يقفون على مرأى من الجميع وعلى قارعة الطريق ، لكن الذي بين يدي من المظالم اعقد بكثير وانت اعلم به مني انه ملف التعذيب انا موقن ان الطريق طويل لغلق هذا الملف لكن البداية واضحة ويسيرة لا اظن ان احدا من الذين تعرضوا لهذه المظلمة سيقبل عذرا للوزارة ان تأخرت في سلك هذه البداية ، والبداية تكون بمبادرتكم بالغاء اخر قانون اصدرته حكومة سلفكم والذي نص على ان متابعة جرائم التعذيب ستقتصر على الخمس عشرة سنة الاخيرة ، وهو قانون رغم انه باطل بفعل المعاهدات الدولية التي تنص على ان جرائم التعذيب لا تسقط بالتقادم الا ان مبادرة الوزارة بالغائه ستكون لها دلالات رمزية تخفف من وطأة التخوف الذي شاب تصريحات نقلت عنكم وعن مسؤولين في حركة النهضة مفادها انكم لستم في عجلة من امركم لفتح ملفات المساجين الاسلاميين وما تعرضوا اليه. قد تكون اكراهات الحكم تبرر هذه الاقوال في بعض وجوهها لكنها لا تلقى في نفوسنا نحن الذين انتهكت كرامتنا واهينت عائلاتنا و استشهد اخوتنا لا تلقى صدى طيبا ان لم اقل انها تلقى الرفض المطلق فما احد بأولى من احد في الكرامة الانسانية رغم ضرورة الترتيب لكن الاعلان عن الملف كأولوية كفيل بقبول الترتيب المنهجي الذي قد تضعونه للملفات. سيدي الوزير لست غريبا عنك ولست غريبا عني والمقامات محفوظة لكني اقول لكم لقد عاهدت الله قبل ان اكتب روايتي «برج الرومي» عن التعذيب ان اسخر قلمي لكشف هذه الممارسات ومن يرتكبها ومن يقف خلفها ومن يسكت عنها دون ان تكون لي غاية تحقيق منفعة خاصة بي لأنها لا تعنيني وبالتأكيد هي تعني الكثيرين غيري ولأنجزن هذا العهد مهما كان القائمون على هذا الملف ، فلا تحملنكم حسابات السياسة ان تتجاهلوا او تؤجلوا ما ناضلتم سنين طويلة من اجله، ولا تجعل وزارتكم «عقيما» كما قالت العرب قديما لان النسل اذا انقطع فني القاطع والمقطوع.