الحدث السينمائي في بريطانيا والذي واكبته الفضائيات العالمية باهتمام واسع هو بدون منازع الفيلم الذي خرج منذ يوم أمس للقاعات ويروي سيرة رئيسة وزراء بريطانيا السابقة مارغريت تاتشر. الفيلم الذي يحمل عنوان " المرأة الحديدية " في استعادة للقب الذي أطلق على السيدة التي استطاعت أن تقتحم عالما رجاليا بامتياز وهو عالم السياسة وأن يكون لها بصمتها الخاصة بل حققت إنجازا عظيما من خلال تحويل فترة إدارتها لشؤون البلاد إلى لحظة مهمة في تاريخ بريطانيا العظمى المعاصر حيث مازالت سياسة المرأة الحديدية تشغل الناس والمؤرخين والباحثين ورجالات الإقتصاد إلخ قوبل بردود أفعال متبانية. فلئن رحبت الصحافة الإنقليزية بآداء النجمة الكبيرة "ميريل ستريب" وأثنت على حضورها المتألق على الشاشة الفضية فإن أغلب المعلقين أعابوا على الفيلم عدم جديته في تناول سياسة مارغريت تاتشر خاصة على المستويين الإقتصادي والإجتماعي وتركيزه على المرحلة المتقدمة من عمر رئيسة بريطانيا الشهيرة وإظهارها في صورة المرأة التي أثرت السنين الطويلة على عقلها وعلى مزاجها. يستعمل الفيلم تقنيات "الفلاش باك " ونتعرف على المحطات الكبرى في حياة مارغريت تاتشر واللحظات المهمة في تاريخها السياسي عبر ذاكرة المرأة ومن خلال عيونها.
امرأة في ميدان يحكمه الرجال
وللتذكير فإن مارغريت تاتشر كانت قد تولت منصب رئيس الوزراء ببريطانيا سنة 1979 وتعتبر فترة حكمها التي تواصلت إلى سنة 1990 تاريخ استقالتها من زعامة حزب المحافظين من بين أطول فترات الحكم في بريطانيا كما أن سياستها كانت تركز على الخوصصة وتحرير الأسعار ولو كان ذلك على حساب الفئات الضعيفة التي ازدادت فقرا وضعفا خلال توليها لمقاليد الحكم. كما تجدر الإشارة إلى أن المرأة الحديدية التي كانت تصارع القوى العمالية والنقابات والتي لم تترد في خوض حرب (من أجل جزر المالوين) والمعروفة بحزمها وصرامتها ووقوفها الند للند أمام زعماء العالم لا تنحدر من عائلة أرستقراطية أومن سلالة تمارس الحكم منذ فترة فهي ابنة الشعب وسليلة بائع بقالة. ورغم أن سياسة مارغريت تاتشر لم تكن منصفة لمختلف طبقات المجتمع وخاصة منها الفئات الفقيرة إلا أن البريطانيين وهم المعروفون باعتزازهم بانتمائهم لوطنهم لم يرقهم ما اعتبروه محاولة للتقليل من شأن زعيمة حزب المحافظين لسنوات طويلة في هذا الفيلم خاصة وأن عدة مشاهد تركز على شخصية المرأة وهي في خريف العمر. الإعتزار بالإنتماء كان قد قاد بعض المعلقين الإنقليز إلى الإعتراض على فكرة الإلتجاء إلى ممثلة أمريكية حتى ولو كانت ميريل ستريب لتقديم شخصية مارغريت تاتشر وكانت الصحافة الإنقليزية قد لفتت الأنتباه لذلك منذ أن كان الفيلم مجرد فكرة. ولئن لم تعمد الصحافة الإنقليزية إلى نقد آداء ميريل ستريب لأنها كانت ومن خلال الصور والمشاهد من الفيلم التي وقع تناقلها على الفضائيات وعلى شبكة الإنترنيت ببساطة مذهلة فإن المعلقين لم يفوتوا الفرصة دون أن ينبهوا إلى أن حسن آداء الممثلة الأمريكية وموهبتها الكبيرة وبراعتها في تقمص دورها جعل النجمة ميريل ستريب تتألق على حساب الشخصية التي تجسدها أي المرأة الحديدية. مقابل ذلك وفي انتظار أن نشاهد الفيلم كاملا نشير إلى أن ردود الفعل لم تكن كلها سلبية فقد رأى بعض المعلقين أن هذا الفيلم هو نشيد من أجل المرأة فهو يروي حكاية امرأة ناجحة في مجال ظل محكوم بالرجال خاصة وان بطلة الفيلم واحدة من بين أكثر النساء جمالا وشهرة في العالم. المرأة الحديدية لا تزال على ما يبدو تشغل الناس.