خصص صالون "ناس الديكامرون" بدار الثقافة ابن رشيق الذي يديره الكاتب كمال الرياحي حلقته ليوم الجمعة الماضي للفيلسوف الوجودي والكاتب المسرحي والروائي الفرنسي الكبير ألبار كامو"الذي ولد باحدى قرى مدينة قسنطينةالجزائرية من أب فرنسي وأم اسبانية وتعلم بجامعة الجزائر وانخرط في المقاومة الفرنسية اثناء الاحتلال الألماني وأصدر مع رفاقه في خلية الكفاح نشرة باسمها ما لبثت بعد تحرير باريس أن تحولت الى صحيفة الكفاح اليومية التي تتحدث باسم المقاومة الشعبية واشترك في تحريرها الفيلسوف "جون بول سارتر". ورغم انه كان روائيا وكاتبا مسرحيا في المقام الأول إلا أنه كان أيضا فيلسوفا وكانت مسرحياته ورواياته عرضا أمينا ورسما دقيقا لفلسفته في الحب والموت والثورة والمقاومة والحرية، وبالأخص في عبثية الحياة والوجود. وكانت فلسفته تعايش عصرها وأهلته لنيل جائزة نوبل فكان ثاني أصغر من نالها من الأدباء. وتقوم فلسفة "ألبار كامو "على كتابين هما "أسطورة سيزيف" الذي صدر سنة 1942 و"المتمرد" الذي صدر سنة1951 وفكرتين رئيسيتين هما العبثية والتمرد. ويتخذ "كامو" من اسطورة سيزيف رمزا لوضع الانسان في الوجود. وسيزيف هو هذا الفتى الاغريقي الاسطوري الذي قدر عليه ان يصعد بصخرة الى قمة جبل، ولكنها ما يلبث ان تسقط متدحرجة الى الاسفل. فيضطر الى دفعها من جديد نحو القمة.. وهكذا للأبد.. و"ألبار كامو" يرى فيه الانسان الذي قدر عليه الشقاء بلا جدوى وقدرت عليه الحياة بلا طائل فيلجأ الى الفرار. فطالما أن الحياة بلا معنى فلنقض عليها بالموت الإرادي بالانتحار أما بالنسبة لموقف الاخرين الشاخصين بأبصارهم الى حياة أعلى من الحياة وهذا هو الانتحار الفلسفي ويقصد به الحركة التي ينكر بها الفكر نفسه ويحاول ان يتجاوزها في نطاق ما يؤدي الى نفيه... وأما موقف التمرد على اللامعقول في الحياة مع بقائنا فيها غائصين في الأعماق ومعانقين للعدم فاذا متنا متنا متمردين لا مستسلمين... وهذا التمرد هو الذي يضفي على الحياة قيمتها وليس أجمل من منظر الإنسان المعتز بكبريائه المرهف الواعي بحياته وحريته وثورته والذي يعيش زمانه في هذا الزمان. هذا تقريبا مضمون هذه الحلقة الديكامرونية والتي شارك في اعدادها صلاح بن عياد والعادل خضر وأيمن الدبوسي وشوقي البرنوصي وشكري العرفاوي وحضرها عدد من المثقفين المهتمين علاوة على رواد هذا الصالون المتميز.