قفصة: انقلاب قطار فسفاط يُودي بحياة مساعد السائق ويصيب الآخر..فتح تحقيق    بش تغيّر العمليات الديوانية: شنوّا هي منظومة ''سندة2''    الأداء على الثروة ومنظومة "ليكوبا" لمتابعة الحسابات البنكية: قراءة نقدية لأستاذ الاقتصاد رضا الشكندالي    عاجل/ الاحتفاظ بهاذين المسؤولين..    عبد الرزاق حواص: البنوك ترفض تمويل المؤسسات المتعثّرة رغم الحجّة العادلة    عاجل/ بعد وفاة مساعد السائق: فتح تحقيق في حادث انقلاب قطار تابع لفسفاط قفصة..    قطاع القهوة في تونس في خطر: احتكار، نقص، شنوا الحكاية ؟!    أحكام بالسجن والإعدام في قضية الهجوم الإرهابي بأكودة استشهد خلالها عون حرس    عاجل: زبير بية يعلن استقالته رسميًا من رئاسة النجم الساحلي    الجبل الأحمر: 8 سنوات سجن وغرامة ب10 آلاف دينار لفتاة روّجت المخدرات بالوسط المدرسي    حادث مؤلم أمام مدرسة.. تلميذ يفارق الحياة في لحظة    خلال تكريمه في مؤسسة العويس : المؤرخ عبد الجليل التميمي يدعو إلى وضع رؤية جديدة للتعليم ويتحدث عن معاناة البحث العلمي في البلاد العربية    تحذير عاجل: الولايات المتحدة تسحب حليب أطفال بعد رصد بكتيريا خطيرة في المنتج    تصرف صادم لفتاة في المتحف المصري الكبير... ووزارة الآثار تتحرك!    عاجل: امكانية وقوع أزمة في القهوة في تونس..هذه الأسباب    فريق تونسي آخر يحتج رسميًا على التحكيم ويطالب بفتح تحقيق عاجل    خالد السهيلي: "الطائرات المسيرة تشكل تحديا متصاعدا على "المستوى الوطني والعالمي    بعدما خدعت 128 ألف شخص.. القضاء يقرر عقوبة "ملكة الكريبتو"    طقس الاربعاء كيفاش باش يكون؟    مجموعة السبع تبحث في كندا ملفات عدة أبرزها "اتفاق غزة"    سلوفاكيا.. سخرية من قانون يحدد سرعة المشاة على الأرصفة    الشرع يجيب على سؤال: ماذا تقول لمن يتساءل عن كيفية رفع العقوبات عنك وأنت قاتلت ضد أمريكا؟    تقديرا لإسهاماته في تطوير البحث العلمي العربي : تكريم المؤرخ التونسي عبد الجليل التميمي في الإمارات بحضور كوكبة من أهل الفكر والثقافة    تركيا: مقتل 20 جنديا في سقوط طائرة عسكرية    محمد علي النفطي يوضّح التوجهات الكبرى لسياسة تونس الخارجية: دبلوماسية اقتصادية وانفتاح متعدد المحاور    "ضعي روحك على يدك وامشي" فيلم وثائقي للمخرجة زبيدة فارسي يفتتح الدورة العاشرة للمهرجان الدولي لأفلام حقوق الإنسان بتونس    الديوانة تُحبط محاولتين لتهريب العملة بأكثر من 5 ملايين دينار    اخبار كرة اليد .. قرعة ال«كان» يوم 14 نوفمبر    الكتاب تحت وطأة العشوائية والإقصاء    عاجل/ الرصد الجوي يصدر نشرة استثنائية..    3 آلاف قضية    المنتخب التونسي: سيبستيان توناكتي يتخلف عن التربص لاسباب صحية    الحمامات وجهة السياحة البديلة ... موسم استثنائي ونموّ في المؤشرات ب5 %    وزارة الثقافة تنعى الأديب والمفكر الشاذلي الساكر    عاجل/ تونس تُبرم إتفاقا جديدا مع البنك الدولي (تفاصيل)    فريق من المعهد الوطني للتراث يستكشف مسار "الكابل البحري للاتصالات ميدوزا"    عاجل/ غلق هذه الطريق بالعاصمة لمدّة 6 أشهر    الفواكة الجافة : النيّة ولا المحمّصة ؟ شوف شنوّة اللي ينفع صحتك أكثر    عاجل/ عدد التذاكر المخصصة لمباراة تونس وموريتانيا..    علماء يتوصلون لحل لغز قد يطيل عمر البشر لمئات السنين..    كريستيانو رونالدو: كأس العالم 2026 .. سيكون الأخير في مسيرتي    عاجل : تحرك أمني بعد تلاوة آيات قرآنية عن فرعون بالمتحف الكبير بمصر    QNB تونس يفتتح أول فرع أوائل QNB في صفاقس    سليانة: نشر مابين 2000 و3000 دعسوقة مكسيكية لمكافحة الحشرة القرمزية    تصريحات صادمة لمؤثرة عربية حول زواجها بداعية مصري    عاجل: معهد صالح عزيز يعيد تشغيل جهاز الليزر بعد خمس سنوات    النادي الإفريقي: محسن الطرابلسي وفوزي البنزرتي يواصلان المشوار    غدوة الأربعاء: شوف مباريات الجولة 13 من بطولة النخبة في كورة اليد!    عاجل/ وزارة الصناعة والمناجم والطاقة تنتدب..    مؤلم: وفاة توأم يبلغان 34 سنة في حادث مرور    عاجل/ وزير الداخلية يفجرها ويكشف عن عملية أمنية هامة..    النقابة التونسية لأطباء القطاع الخاص تنظم يومي 13 و14 ديسمبر القادم فعاليات الدورة 19 لأيام الطب الخاص بالمهدية    بعد أكثر من 12 عاما من الإغلاق: أمريكا تعيد فتح السفارة السورية بواشنطن    الدكتور صالح باجية (نفطة) .. باحث ومفكر حمل مشعل الفكر والمعرفة    صدور العدد الجديد لنشرية "فتاوي تونسية" عن ديوان الإفتاء    شنيا الحاجات الي لازمك تعملهم بعد ال 40    رحيل رائد ''الإعجاز العلمي'' في القرآن الشيخ زغلول النجار    أولا وأخيرا .. قصة الهدهد والبقر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الغرب الجديد:إمبراطورية الرعب الجديدة (ج1) : د.الطيب بيتي
نشر في الفجر نيوز يوم 21 - 10 - 2010

عندما ينخفض مستوىمنسوب المياه ويضطرب ،فإن البواخرتتبع التيارالأقوى..،وعندماتزدادالمخاوف...،فإننا نصاب بالهلع...،فتنتابنا،حينها،حالات الهستيريا المستشيطة،مثل الحمى المتصاعدة...،نفتح الصحف فنخال العالم الأوروبي وكأنه تحول إلى حوض ماء ثقيل عكر،تدور وسطه الدول الأوروبية التي تنجرف حثيثا إلى القعر،لتُبتلع قُُدما الواحدة تلو الأخرى":..إنه المشهد الأوروبي المرعب لعام 2010 كما صوره القاص والمحلل الصحفي الإسباني المعروف"بينجمان برادوBenjaman Pradoفي مقالة له بشهرمارس"بجريدة El pais الإسبانية،تحت عنوان:"أوروبا:مملكة الرعب"...
في أواخرالعهد البوشي من عام 2008،...تبخرت الأموال- بسحرساحروبقدرة قادر- من أبناك "وول ستريت"المالكة لناصية شؤون الإقتصاد العالمي،والعرق النابض لمؤسساته المالية، ومآل العباد في الولايات المتحدة، وفي المدارين والخافقين ...
وسرعان ما انتقلت عدوى الأزمة إلى أوروبا بفعل التلاحم المادي الإقتصادي والأرتباط العضوي والكياني والحضاري والثقافي،فاختنقت المصارف، وتبخرت المشاريع،وذابت الأموال،وضاعت الآمال والأحلام وزاغت الأبصار،وانزاحت الأحجبة عن هشاشة الأنظمة الأوروبية، فتهددت كياناتها، وارتعبت شعوبها، وتكشفت عورات أسسها التنظيرية والتنظيمية والتأسيسية،التي بني عليها الصرح الأوروبي المعاصر منذ ستين سنة ،وبالضبط منذ9 ماي 1951، بمبادرة من الرئيس الفرنسي،آنذاك،:رربير شومانRobert Shuman ...لخلق تلك "الأوروبا"التي كانت إلى ما قبيل حرب الخليج الأولى شرعة البشرية وقبلة الأنام ومبتغى الأمم،
...فاذابالأوربيين–اليوم- يعودون إلى الإعتكاف على مدارسات فترات تاريخهم لما قبل النهضة والتنويروالثورة...،وما بعد الأنواروالبونابارتية...،عللهم يجدون مخرجا لهفواتهم وسقطاتهم المتتالية منذ نهضتهم،حيث لم ينعموا قط بالإستقرارولولنصف قرن منذ إغريقيتهم-(الحروب الأثينة الكبرى جاءت بعيد إعدام سقراط في أقل من قرن)- إلا وسقطوا في قلاقل وحروب ومجازروثورات أشد فتكا من سابقاتها،وخاصة منذ التنويرالفولتيري والثورة الفرنسية والأنوار(الكانطية-الهيغلية) المنتجة للملحمات الكولنيالية التليدة،ومنقبات قمع حروب تحريرالشعوب وتجريم الإستقلال،ومآسي حروبهم الإمبريالية فيما بينهم (الأولى والثانية) المسميتان تدليسا بالعالميتين،-وما كانتا كذلك-،وهاهم اليوم،وعبر كتاباتهم الصحفية اليومية، يجترون تنظيرات الماضي البعيد والقريب المتمثلة في:
-الميثولوجي الأسطوري(-الإغريقي-اليهودي-الروماني) وما تحمل من رموز ودلالات
-،المسيحانية الصليبية المهاجمة لشارلمان، وملوك فرنسا وريتشارد قلب الأسد، وما تحمله من إشارات وعلامات
-،النهضة والأنوار،وما تحمله من توجيهات وإرشادات
-ومنهم من يعود إلى كباررومانسيي القرن التاسع عشرأمثال : فيكتورهيغو الذي عايش النتائج الدموية المهولة للثورةالفرنسية وشكك في قيمها،ومصداقية رجالاتها،ليتحول بعد كفرها بها من العقلانية والثوارنية الجامحة،إلى الرومانسيةالحزينة،والإستغراق في الإستشراق الحالم وخربشات الشعرالقاتم، تترجمه قولته المشهورة عن تناقضات الثورة:"ربما تعرف الأشياء ما تصنع ولكن الرجال–بيقين- لايعرفون ما يصنعون... فتبا لهم !!
-ومنهم من يتأملون من جديد مقولات دارجة دوًارة لشطحات بعض فلاسفتهم الذين تخلقهم دائما الأزمات الغربية مثل:شلنغ،شوبنهاور،كيركيغارد،كامو، بيكيت،إيونسكو،أرابال،بيكيت،كافكا،والقائمة تطول،يلخصها لنا"ألبيركامو"الذي أحيا ذكراه في شهر مارس 2010 الرئيس لفرنسي الحالي ساركوزي-لأسباب مشبوهة،-وإن كنا نعرف دلالات ذلك(1)- وعاد كامو إلى الساحة الفلسفية اليوم في النوادي المغلقة الباريسية لإحياء مطارحات عبثيات وعدميات الخمسينات ،يسبح بها المفكرون ويدندن المتفلسفون افرنسيون من جديد، بعبارته الشهيرة التي حازبهاعلى جائزة نوبل للفلسفة في الخمسينات (وكم هي مشبوهة جوائزنوبل هذه منذ نشأتها-ولاغرابة أن يرفض"سارتر"نفسه تلك الجائزة) لقوله مثل هذه الترهات ! ب:".... بلاجدوى الوجود،وأن العالم كله عبث، يسير بإرادة عمياء،أو يتحرك بالغريزة لا بالعقل،وأن العالم أصبح خال من المعنى وأنه ليس وجود بل هو عدم،وما عليناإلا أن نتقبل قذاراته وأنوفنا معفرة في الطمي والتراب !! بمعنى أن العالم مكره اليوم لا بطل في تقبل قذارات الأزمات الغربية .. ويخلد إلى اللهو واللعب...أو...الطوفان !!!
..."وعادت النخب الأوروبية اليوم إلى سابق نظراتها الوجودية كأناس يائسين أعجزهم التطاحن والتناقض واللامعنى واللاغاية،وعادوا يؤمنون بمقولة "لوكاتش"الشهيرة: بأن العدم والعبث هما الشيئان الوحيدان اللذان يسحران الفلاسفة الأوروبيين المورًثين-منذ ما بعد الحرب العظمى الأولى- وهي أسطورة المجتمع الرأسمالي المنهارالذي سببته الحروب العبثية الأوربية ....
وهي هي نفس الأسباب التي تدفع اليوم بالغرب إلى نهايته الحتمية "حيث يقول"وليم باريت"في كتابه"دراسة في الفلسفة والإنسان اللاعقلاني" :"... إن المظهر،أن الانسان الغربي محاط بالقوة، ولكن الجوهر،أن دودة الهدم كامنة فيه بسبب هذه القوة نفسها.....،وأن لدى الانسان الغربي الآن، قوة أكبرمما كانت لدى بروموثيوس وإيكاروس،أوأي من هؤلاء الأبطال الأسطوريين الجسورين الذين كان عليهم أن يستسلموا فيما بعض لخطر الكبرياء ....ولكن....لوحدث والتفت مراقب من كوكب المريخ،واستدار من هذه الإمتيازات الخارجية للقوة، إلى شكل الإنسان الغربي المعاصر،فإنه سيجد مخلوقا مليئا بالثقوب والفتحات بلا وجه: ملغوزا،ومحاطا بالشكوك وأشكال النفي ،ومتناهيا بشكل حاد...."
- ومنهم من يتأملون-وهم أقلية متناهية- كما تأمل الجنرال دغول مقولة أستاذه الروحي"جاك بانفيل"في نظريته في"التناتج التاريخي"البادية في قولته الشهيرة:"عندما ننظرإلى التاريخ في مجموع أحداثه ووقائعه، تظهرلنا الدقة الصارمة التي تتتابع عليها الحوادث وتتناتج...."..ولقد صدق"بانفيل"...فكثيرا ما تتلاحق"عملية التناتج"الدقيقية،-ولكن الرجال لايبصرون- وتتكررردود أفعالها في تتابع وتوافق عجيبين يشدهان الأذهان،وكأن الكرة ترتد للاعب في الميدان،أوالعملة النقدية تديرلنا وجهها الآخر"فإذا تراخى الزمان، لم يتخلف التوافق أوالتطابق"حسب التعبير الدقيق لأبي حيان التوحيدي رحمه الله....
والذي يشهده الغرب اليوم، ليس عجبا ولا بدعة، فما هي إلا عملية التنتاتج الدقيقية ،و الذي يحدث حاليا مثل العملة الرائجة، أو اللغة الدارجة بين الحقب والدورات الزمنية...
ومن هذا المنظور: فإن الأزمة المفاجئة التي أصابت اليونان في شهر مارس من عام 2010-وماكانت مفاجئة لذوي النهى- لم تكن سوى دفع أقساط أخطاء مجموعة الكبار- ليدفع هذا البلد الأضعف-بلد سقراط وأفلاطون وأرسطو- ثمن أكبرعملية نصب مالي مقنن منذ أزمة العشرينات، ابتلي بها العم سام ،وسرعان ما طالت أوروبا بكاملها وأصبح الناس يشتغلون ويكابدون مشقات العيش للعمل من أجل ديمومة وانقاذ الأبناك المتهاوية مثل الأشجارالذواية على طول ربوع اليابسة،فانتشرت الأزمة انتشارالنار في بقاع أوروبا،لترتد هيستيريا -مثل الكرة- من جديد إلى الولايات المتحدة ، فتحمل لنا الرياح صدي الإرتعاب الأمريكي من الرعب الأوروبي، تنقل صداه في نفس الأسبوع الأول من شهر مارس كبريات الجرائدالامريكية مثل: (THE WASHINTON POST على لسان كبراء محلليها Anthon Faioda الذي كتب :إن الباخرة الأوروبية لم تغرق بعد،... ولكن المياه تكتسحها...،ولا يبدو أن اجتماعات القمم الأوروربية-مهما تكاثرت- يمكنها إنقاذ ما يمكن انقاذه،فقد فات الأوان،وكل شئ قاب قوسين أوأذنى من النهاية،وستعاني الولايات المتحدة الكثير،من إيجاد حليف أوسند أوروبي قوي يدعمها في محنها المستقبلية
بينما كانت"النيوورك تايمز" Nex YorkTimesأكثر تشاؤماعلى لسان خبيرها"طوماس فريدمان"Thomas Freddman،الذي كانت نظرته أكثرصرامة وواقعية وسوداوية في ذات الوقت،حيث كتب بعقلية المحلل السياسي المحنك،ذو الخلفيات التاريخية والأنثروبولوجية،مقاله في شهر مارس أيضا قائلا:
"لقد احتضرت تلك الفأرة الصغيرة،ولن تحمل إلينا أبدا قطعة نقدية واحدة لتضعها تحت وسائدنا ونحن نيام...-كما كانت تفعل في الماضي القريب-.....لقد فقد الأوروبيون والأمريكيون أسنان الحليب كلية،...ويضيف فريدمان شامتا –وهم سيتحقون ذلك-،....وكأن لسان حاله يقول: ورب ضارة نافعة، فيعقب مضيفا:"ولرب هذه الأزمات المتتالية والمتسارعة، ستحفزهم على مراجعة أنفسهم،والتفكيرمليا في نقد ذواتهم،والعزم على الكف عن ترداد المهاترات التاريخية باستمرار...
ثم جاء اجتماع أعضاء الصندوق الدولي بأعضائه ال: 187،فكان كان بمثابة الماء البارد، والقشةالتي قصمت ظهر البعير،الذي انعقداجتماعه السنوي الإعتيادي في التاسع من أكتوبر2010في واشنطن،تحت رئاسة مديرها:اليهودي الفرنسي المتصهين"دومنيك ستروس –خان "-المرشح المقبل للرئاسة الفرنسية- عندما اجتمع كل دهانقة خبراء المال والإقتصاد،لمجرد الحملقة في الملفات المستعصية، وضرب الكف بالكف،ليؤكدوا للبشرية في اختتامات محاضرهم وتقارريهم،استحالة إيجادأي حل جذري للأزمات المالية والإجتماعية التي اختلقها أوساط مالية أمريكية مشبوهة إختلاقا،لتخنق الولايات المتحدة وأوربا الغربية،وتجرالعالم كله إلى البواروالتجويع والتفقير،وأصبحت الدول الكبرى المهيمنة على مصائر البشرية–في السروالعلن-مثل تلك الباخرة الضخمةالمحمَلةالتي تنجربكل ثقلها بمن تحمل إلى القعر-حسب المحلل الأمريكي"انطوني فايودا"..وإذابالخبراء(الإقتصاديين والسياسيين)الجادين في الغرب،يستهينون ويقللون من جدوى اجتماع قمة الكبارالعشرين المقبل،الذي سينعقد هذا العام ب :سيول من 11إلى 12 من نوفمبر2010
فماهي أصول المعضلة؟:
تمهيد:
لعل قاعدة الإمام الشافعي"القائلة ب:أنه لكل شيء في العلوم ًأصلُ والفرعُ فيه فضلٌ..لكن تقديم الفروع على الأصل جهلُ:هي الأقرب إلى فهم ما يجري في الإمبراطورية المخملية والورديةالسابقة:"اوروبا والولايات المتحدة"التي تعاني اليوم من فوضى اقتصادية عارمة وتخبط سياسي وارتعاب اجتماعي،وتشرذم في شأن تقرير مصير"الإمبراطورية"المنهارة،في مواجهة الدول"المارقة"الشرقية الجديدة الصاعدة-بعد تغول شبح إقتصاد التنين الصيني المرعب للغرب الحالي ،مع:كوريا،ايران، تركيا، سوريا،لبنان،أفغانستان،باكستان،السودان(حسب اللائحة للدول المشبوه بها غربيا)،التي تطمح في فرض رؤاها الخصوصية،والإصرارعلى التمرد على"الأبيسية"الغربية التي طال أمدها لقرون–ولكل بداية نهاية-لتعيد الذاكرة الأوروبية إلى العهود الماضية السحيقة،لانطلاقة الحروب الصليبية على الشرق مع شارلمان-المرتعب زمنها من هارون الرشيد خليفةبغداد،الذي كان يأتيه خراج السحابة حيثما وأينما أمطرت-...ومع التحركات المظفرة للحملات الإسبانيةالتي انطلقت في القرن السادس عشر،بعد فشل الحملات الصليبية على الشرق،عبر إعادة رسم الخرائط بحسابات دقيقة لإكتساح العالم،انطلاقا من القارتين الأمريكيتين،بعدممارسة التنصير الوحشي لسكانها الأصليين، لتبدأ-إثرها مباشرة-المأثرة الإستعمارية الجديدة في حللها الأكثرهجومية وتنسيقا وبهرجة-وبالضبط مع بدايةعام 1800ما بين الإمبرياليات الجديدة –زمنها: العسكر،الإرساليات،الشركات،والمرتزقة،التي تكلث جهودها-ولأول مرةLالفاتيكان والإمبرياليات(وه ما يكرره البابا الحالي للغرابة)-لتحقيقق هدف واحدهو:خنق الشرق من كل مصادر مهبات الرياح الأربعة.تمهيدا لزرع تلك"القلعة"الجديدة الراسخة للتقاليد(التوراتية-الرومانية)الجديدة:"إسرائيل"...ضمانالإستمرارالهيمنة الغربية المستديمة على الشرق،والسحق–المادي والمعنوي-لساكناته بكل طوائفهم وأعراقهم وثقافاتهم ومذاهبهم...
ومن هذه الزاوية:فلابد من محاولة-قدرالإمكان-إرجاع الأزمةالأوروبية إلى أصولها وجذورها،لاإلى فروعها وجزئياتها،والتخلي عن ممارسات نط الأغنام على القضاياالجادة للبشرية،بالمقاربات التلفيقية،أوالتوفيقيةالمتخابثة،أوبتطبيق مذاهب الإنتقائيات المتحالية.أو بالإسمرارفي التكرارالفج لأساطيرالتفوقية الغربية،وخرافةتعالي مذاهبه العقلية والفكرية والثقافية والإقتصادية...،حيث أن المحللين الغربيين أنفسهم – ما فتأوا يضربون أخماس في أسداس، منذالآونة الأخيرة للأزمة المالية الأمريكية لعام 2008،والأزمة الخانقة التي حاقت باليونان في شهر مارس لعام 2010 ليخلص هؤلاء الباحثون،إلى يقينية هول ضبابية المستقبل الغربي،والإرتعاب من بداهة شح مصادره المعرفية–القديمة والحديثة-في مواجهة أزماته،لخصتها لنا بعض الأعداد من المجلةالأسبوعية الفرنسية CourrierInternational المتخصصة في القضايا الدولية-حول ملف الأزمة الأوروبية المستعصية الحالية في أعدادها الصادرة بدءا من:12مارس إلى أكتوبر من عام 2010 حيث كتب مديرها في افتتاحية الملف الأوروبي المتعفن الذي عنونته المجلة المذكورة هكذا:
"نهاية أوروبا بابا" ليؤكد فيه ما يلي، وبالحرف الواحد:
إن أوروبا اليوم ينقصها تقريبا كل شيء:
-مؤسسات مرئية،شفافة وفعالة،
-قائد تاريخي كاريزماتي يلم شعث الشتات الأوروبي
-إجراءات عملية أكثر ديموقراطية في حق كل الشعوب الأوروبية ،
-رؤية واضحة للمصالح الأوروبية على المدى البعيد..
ممايوضح بأن أوروبا تمر اليوم بأخطرمعضلة عاشتها مند نهاية الحرب العالمية الثانية على جميع المستويات. ولأول مرة في التاريخ الأوروبي المعاصر منذ أنشائها في ما بعد الحرب التي مرت حثيثا عبر المراحل الرئيسية التالية:
- المرحلة الاولى: في عام 1951 ،التي وضع لبنتها الأولى الرئيس الفرنسي الأسبق Robert Schumanمع رجل دولته -Jean Monnetاللذان يعتبران المؤسسان الفعليان لأوروبا الحديثة،
- المرحلة الثانية: عام1976 التي توثقت فيها عرى المشروع الأوروبي،وصيغت قوانين مؤسساته وأنظمته الجديدة مع الرئيسين الأوروبيين:جيسكارديستان،والألماني:هيلموت شميث التي أريد لأوروبا بأن تكون الإمتداد"للنادي الحصري للمسيحانية التاريخية"-حسب تعبير جيسكار(اليميني -المسيحي-الليبرالي)-لمنع تركيا المسلمة –مع علمانية نظامها وهيمنة جنرالاتها-آنذاك- في الإندماج في أووربا سواء أثناء رئاسته،أوخلال ترأسه لمجموعة بروكسل في أواخرالثمانينات،...ولم يتغيرالموقف مع اليساري ميتيران،ولامع (الديغولي –اليميني) شيراك، أو(اليميني الليبرالي) ساركوزي
- المرحلة الثالثة والأخيرة: في عام 1984 التي تم فيها اختتام قيام المشروع الأوروبي بالخطوة النهائيةمع الرئيسين: فرانسوا ميتيران-الفرنسي، وهيلموت كول-الألماني، وتم نهاء ترسيخ اللبنات الأخيرة لأسس البناء الأوروبي المحكم الجديد لما سمي اصطلاحا ب:أوروبا ماستريخت"تحت دعاوى ضرورات الوحدة والتوحد أمام اجتياح مصالح الأمركة، والحماية من احتمالات الإنفجارات في دول الجنوب الهمجية المسماة باصطلاح الأنثروبولوجبا السياسية ب:"المناطق الرمادية، والأراضي المجهولة،والفضاءات الجغرافية الغيرالمحددة في دول الجنوب الملئية بالعنف والفوضى،التي أصبحت تتزايد، نتيجة للخلل في النظام العالمي، وسيادة إقتصاد السوق الشرسة، ولتراجع سلطة القوانين الدولية وانعدام الضوابط الأخلاقية في المؤسسات الدولية ...." حسب التعبير الدقيق للمفكر والمحلل الفرنسي" "روفان" J –C RUFFIN تلك الدول التي تستميت الدول الأوروبية في تفكيكها و إغراقها في المزيد من الفقر والإستغلال والمجاعات والإقتتالات الداخلية، والتي أسند اليها الغرب "جغرافية :معقل برابرة القرن العشرين"- حسب تعبير "كيسنجر وجيسكار في لقاء لهما عام 1973- كما ورد في كتاب روفان"الإمبراطورية والبرابرة الجدد" "L'empire et les nouveaux barbares....،غير أن مصادر بحثية أمريكية جديدة نشرت أبحاثها المتعددة منذ عام 2000تعزو إيجادما يسمى بأوروبا "ماستريخت" إلى مخطط أمريكي،وبتمويل من مؤسساته الكبرى(العلنية والخفية) الصانعة للقرارالسياسي في الولايات المتحدة –وهذا موضوع أكثر تعقيدا وضبابية، لايتسع له المجال في هذه العجالة-
- (1)- ألبيركامو الفرنسي الأصول، والجزائري المولد والتنشأة والثقافة الجزائرية المحلية إلى بلوغه العشرينات من عمره، والمنظرالفكري في الأربعينات والخمسينات ل:برانية الثقافة العربية –الاسلامية كثقافة دخيلة والعنصر العربي الاثني كمستعمر ودخيل
- و كان العدوالأكبر للثورة الجزائرية والمقاومة المسلحة ضد الاستعمار الفرنسي والمدافع باستماثة عن بقائه في الجزائر وإحلال اللغتين الفرنسية والامازيغية كلية محل اللغة العربية(بالرغم أن معظم أقطاب المقاومة أمازيغيين من القبائل)
- ،والمستميت في الدفاع عن حق اليهود الجزائريين والأمازيغ -ولاضير في ذلك ما دام الأمر لا يتعلق بربط الأمازيغية باليهودية التلمودية ورموزها القبالية ، وربطها بحق الكيان الصهيوني في الوجود–كما كان يدافع عنه أقطاب النخب الفرنسية زمنها امثال سارتر وسيمون دبوفوار-
- وهوالمؤثرفي إيجاد عقول مغاربية فرانكوفونية معروفة ومشبوهة مناهضة للوجود العربي والإسلامي في المغرب العربي،وتعتبرقصته المشهورة: الطاعون رمزا للمقاوم الجزائري المسلم والعربي ضد الاستعمارالفرنسي.... ثم يمنح جائزة نوبل للفلسفة....
- للبحث صلة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.