فتح بحث تحقيقي في شبهات فساد بملفّ الطاقات المتجدّدة    الترجي الرياضي يستعيد خدمات نجمه في مواجهة الإتحاد المنستيري    "سوسيوس كليبيست" يواصل بيع تذاكر الكلاسيكو .. والمستشهر الأمريكي على الخط    نبيهة كراولي تختتم مهرجان الحمامات الدولي: صوت المرأة وفلسطين يصدح في سهرة استثنائية    القيروان : المهرجان المغاربي للكسكسي في دورته الثامنة يحل ضيفا على عاصمة الأغالبة    رئيس الجمهورية يزور معتمدية سجنان بمناسبة الاحتفال بعيد المراة    عاجل/ صفقة شاملة لغزة.. تفاصيل المفاوضات في القاهرة..    الذكاء الاصطناعي قد يُفني البشرية... تحذير مرعب من عرّاب التكنولوجيا    واشنطن تلغي تأشيرات مسؤولين برازيليين    مهرجان قرطاج الدولي 2025: صوفية صادق تغني في عيد المرأة ... بين وفاء الذاكرة وتحديات الحاضر    عاجل: الفنانة الكويتية حياة الفهد تصاب بجلطة وحالتها حرجة    البورصة ومنحة الإدماج: كيفاش تحضّر دوسيك باش يتقبّل من أول مرة    عاجل -نابل : وفاة الشاف محمد خليفي صاحب مطعم Oui Chef    أفروباسكيت أنغولا 2025: المنتخب الوطني ينهزم أمام نظيره الكامروني    باريس سان جيرمان يحرز كأس السوبر الأوروبية بفوزه على توتنهام بركلات الترجيح    جريمة قتل مروعة: ينهي حياة زوجته بمساعدة شقيقته..!    تمويل جديد وفرص توسعة للشركات الأهلية... كيفاش؟    "فايننشال تايمز": توتر متصاعد بين ترامب وزيلينسكي عشية قمة ألاسكا    الخطوط السورية تعود إلى الأجواء الليبية بعد سنوات...التفاصيل    حرائق الغابات تجتاح أوروبا    عاجل : فلكيا...موعد عطلة المولد النبوي الشريف 2025 للقطاعين العام و الخاص    مجدي الكرباعي: وفاة قاصر في سجن الأحداث بايطاليا    اعتصام الدكاترة الباحثين أمام وزارة التعليم العالي...    فظيع في القصرين :يقتل والده ويدفنه في المنزل !!    حريق بمصنع في هذه المنطقة الصناعية..#خبر_عاجل    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    عاجل/ فاجعة تهز حي الزهور..جريمة قتل صادمة وشنيعة..!    صيف أرهق الأولياء: حصص التدارك... تحرم التلاميذ من العطلة!    تجمع بين حفتر والدبيبة: خطّة «بولس» لأمركة ليبيا    بطولة أمم إفريقيا للمحليين: فوز موريتانيا ومدغشقر على بوركينا فاسو وافريقيا الوسطى    سعيد: لابدّ من العمل اليد في اليد للقضاء على الفقر والفساد    مهرجان العنب بقرمبالية.. احتفال بالحصاد والتراث    قرطاج بين إبهار الحفلات وطمس الملامح التاريخية...مسرح أثري ... أم قاعة أفراح؟    رئاسة الجمهورية تكشف فوى زيارة سعيد لمعتمدية سجنان..#خبر_عاجل    حصيلة التشريعات في منتصف عهدة البرلمان: اتفاقيات مالية، إلغاء المناولة وتنظيم المجالس    رئيس الجمهورية في زيارة غير معلنة إلى سجنان: التفاصيل    سرّ غير متوقع لتقوية العلاقة الزوجية    من تجارب الأوّلين: منظومة المكايل: أقدم طريقة لري الزراعات والواحات بمنطقة القطار    تاريخ الخيانات السياسية (45): مقتل صاحب الشامة القرمطي    دواؤك في مطبخك...الثوم يتفوق على المضادات الحيوية...    لأول مرة عالميًا: زراعة أنسجة بشرية مطبوعة بتقنية ثلاثية الأبعاد    وزير الإقتصاد في إفتتاح اليوم الوطني لتونس في التظاهرة الكونية " اوساكا اكسبو 2025"    بلاغ هام للترجي الرياضي التونسي..#خبر_عاجل    تفشي عدوى بكتيرية بفرنسا ...تفاصيل    تونس تشارك في بطولة افريقيا للتايكواندو للأواسط والاصاغر بعشرة عناصر    الكاف: حجز كميات من السجائر المحلية والمجهولة المصدر    مناظرة انتداب 100 ملازم بسلك الديوانة: آخر أجل 22 أوت 2025    المنتخب التونسي لكرة القدام أكابر ب يلاقي المنتخب المصري الأول وديا يومي 6 و9 سبتمبر القادم بمصر    محرز الغنوشي للتوانسة :'' السباحة ممكنة بكافة الشواطئ واللي يحب يبحر يقصد ربي''    عاجل : اليوم التوانسة يدخلوا بلاش للمتاحف و المواقع الأثرية    وزارة الصحة تعمم منصة Njda.tn لتسريع التدخلات الطبية وإنقاذ الأرواح    طقس اليوم: أمطار مُنتظرة ببعض الجهات بعد الظهر والحرارة تصل إلى 39درجة    نابل ..تراجع صابة عنب التحويل بنسبة تتراوح بنسبة 25 و 30%    ثمانية أمراض ناجمة عن قلة النوم    دعوة الى تلازم الذكاء الاصطناعي مع مقاصد الدين    هام/ عطلة بيوم بمناسبة المولد النبوي الشريف..    يهم التسجيل المدرسي عن بعد/ البريد التونسي يعلن..    رّد بالك مالبحر اليوم: الرياح توصل ل60 كلم والسباحة خطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثورة كانت ثقافية كذلك
جملة اعتراضية
نشر في الصباح يوم 14 - 01 - 2012

هناك من يريد أن يقصي من أولويات التونسيين اليوم المسألة الثقافية. فهي من منظور البعض لا ترتقي لمستوى المشاكل المعيشية التي يعاني منها عدد كبير من المواطنين المفتقدين لأسباب الحياة الكريمة وهذا رأي
وعلى الرغم من أنه يبدو من المسلمات لأن الإنسان إذا خيّر بين غذاء البدن وغذاء الروح فإن غريزة البقاء عنده سترجح الكفة لفائدة الأسباب التي تضمن له البقاء فإنه قابل للدحض. وببساطة فإنّ التونسيين لما انتفضوا ضد نظام المخلوع ونحن نحيي اليوم الذكرى الأولى لانتصار الثورة الشعبية كانوا ينادون بالحريّة والكرامة. والحريّة والكرامة لا تتحقّقان فقط بالشّغل والأكل والشّرب. صحيح من حق كل الناس أن يحيوا حياة كريمة بعيدا عن الاحتياج وصحيح من حق المواطن أينما كان في مستوى معين من الرفاهية المادية التي استحقها بجهده وبالأموال التي يدفعها للضرائب ولكن الحرية لا تكتمل والكرامة لا تتأتى فقط بإشباع البطون كما أن صحة البدن لا تكون كاملة إلاّ إذا كانت مرفوقة بالصّحة النفسية. نحتاج في بلادنا إلى بعث مستشفيات جديدة وإلى توسيع شبكة الطرقات وإلى مزيد الاستثمار في المصانع وبعث الشركات ودعم السياحة ومختلف المبادرات التي توفّر مواطن الشغل ولكن نحتاج كذلك وبدون تأجيل إلى استراتيجية جديدة للعمل الثقافي في البلاد. لقد تبيّن منذ انتصار الثورة الشعبية أن بلادنا لم تتحصّن بالشكل الكافي ضد خطر التعصب الديني وديكتاتورية الرأي الواحد. فالحركات السلفية التي ما فتئت توسّع في تحركاتها مستفيدة من مناخ الحرية الذي أتاحته الثورة الشعبية تهدد بأن تمرّ في عملها إلى السرعة القصوى وهو ما يعني أننا قد ندخل في دوامة من العنف من الصعب التكهن بنتائجها. كما أن ما بدا على أغلبية الشعب التونسي من عدم استعداد للحوار ومحاولة تغليب الرأي على الرأي الآخر وعدم الاعتراف أصلا بالرأي المخالف يمكن أن يخلق في المستقبل مزيدا من التوتر في المجتمع.
إن الأمر يتعلق بالعقليات والعقليات تربى وتتغير حسب المناخ الاجتماعي الذي تتطور فيه. وللأسف فإن الأرضية في تونس اليوم ملائمة لانتشار الحركات المتعصّبة للمعتقد أو للفكرة أو للرأي أو للجهة وفرضية عودة العصبيّات ليست مستبعدة. ولكن هل نحن أمام قضاء وقدر لا مرد لهما؟
لا يمكن أن نسلّم بهذا الأمر لأنّ التونسييّن لو كانوا من بين هؤلاء الذين لا يأخذون بزمام الأمور بأنفسهم لما تسنّى لهم أن يقوموا بتلك الثورة المجيدة ولما تمّ لهم قلع النظام الديكتاتوري من الجذور وهو الذي ظل لسنين طويلة يحصّن نفسه بقوة المال وبالقمع.
ولكننا نحتاج لعمل كبير لملء الفراغ الفكري والرّوحي الذي يعاني منه عدد هام من التونسييّن خاصة من الشباب الذين وجدوا أنفسهم فجأة وبعد أن فتح أمامهم باب الحريّة على مصراعيه يبحثون عن مرجعيّات يحاولون من خلالها تحقيق التوازن النفسي. لقد مضت سنوات طويلة على التونسيين كان فيها النموذج الناجح الوحيد أمام أعينهم هو ذلك الذي يحقق في أقصر وقت ممكن أكثر ما يمكن من المكاسب المادية حتى أنه أصبح لا أحد يهتم إن كنت قرأت كتابا أو زرت متحفا أو دخلت إلى رواق فني أو حضرت عرضا مسرحيا أو سينمائيا أو شاركت في نقاشات حول آخر ما صدر من الكتب أو حضرت لقاء فكريا أو أدبيا إلخ.. والمصيبة أن أغلب التلاميذ يقضون سنويا عاما دراسيا كاملا دون أن ترى الهياكل المشرفة على التربية والتعليم أنه عليها أن تنظم ولو في مرات قليلة زيارات إلى متاحف البلاد أو إلى مسارحها إلخ.. كيف يمكن أن نضمن لأولادنا أن ينشؤوا متوازنين نفسيا إذا كانوا يعانون من فقر ثقافي مدقع.
إنّ الثّقافة المنفتحة على الكنوز الأدبيّة والفنيّة والفكريّة والمعرفيّة هي حصننا ضدّ مختلف أشكال التطرف مهما كان منبعها ولا نخال أن شعبا يقرأ ويبدع يمكن أن يتخلى عن مكاسبه في الحداثة والانفتاح على العصر.
أملنا ونحن نودع عاما أول بعد انتصار الثورة الشعبية أن تعود الكرامة للمواطن كاملة فلا حاجة لنا بخبز مغموس في الذل إذا غابت عنا الحريّة. هذا ما تعلمناه من الشعب الذي نادى بالكرامة والحرية عندما تخلص من الخوف وعندما فك أغلاله بنفسه يوم 14 جانفي 2010.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.