شتان بين البارحة واليوم... تلك هي الملاحظة الساطعة، البارقة المرفرفة عاليا كما الأعلام، في مسيرة الأمس بالشارع الرئيسي بالعاصمة.. مسيرة احتفالية ضخمة، نظمها الشعب التونسي، بكل شرائحه العمرية والاجتماعية والسياسية والثقافية، احتفاء بانتصار الثورة التونسية، على الدكتاتورية وأزلامها.. أصهارا وأقرباء ومن لف لفهم... وهلم شرا.. شتان بين البارحة واليوم... ذلك ما «تنادي» به و»تهلل»، مسيرة يوم أمس الموشحة بالتآخي والتضامن والوحدة، بين كل أفراد الشعب التونسي، رغم «تناقض» انتماءاتهم الحزبية والفكرية، ورغم بعض التجاذبات، خاصة بين «السلفيين» و«الشيوعيين»... لقد وشحت، خلال هذه المسيرة الضخمة أعلام الخضراء كل الصدور والجباه التي تنضح عزة وكرامة.. ورفرفت راية الوطن المفدى، تعانق آمال وطموحات وأهداف الثورة... شتان بين البارحة واليوم... تلك هي السمة البارزة والطاغية، في التجمع الاحتفالي، المنظم يوم أمس، والذي رددت فيه الحناجر، عاليا شعارات تنادي كلها بالوحدة الوطنية، وبضرورة تحقيق أهداف الثورة، واقصاء كل الراكبين عليها اعلاميا، هؤلاء الفاسدون، المطبلون البارحة للمخلوع، الراكعون لتعليماته... سياسيا، هؤلاء الموالون في جلباب المعارضة «كومبارس» الديمقراطية المزيفة شتان بين البارحة واليوم البارحة 14 جانفي 2011، وقف الشعب صفا واحدا، ضد الفساد، والدكتاتورية.. ضد الظلم والمحسوبية.. ضد القهر والعبودية، مواجها «القنابل» والرصاص الحي بصدور عارية يقطنها الايمان بالكرامة والحرية.. يعلوها الايمان بحب الوطن، الايمان بالولاء للخضراء فقط.. البارحة 14 جانفي 2011 صدع الشعب التونسي في وجه الطاغية: «خبز وماء.. وبن علي لا».. وهرب بن علي.. وكم أنت عظيم أيها الشعب، هويت على شرايين الطغيان والجبروت بارادتك بشجاعتك، فاقتلعتها من جذورها.. وكم أنت عظيم.. ثم كم أنت عظيم.. واليوم 14 جانفي 2012 تسامق الشعب كتلة واحدة ليعانق الفرحة بانتصاره على الدكتاتورية، مرددا: تونس لجميع التونسيين.. والاختلاف لا يفسد للودّ قضية.. ومصلحة الوطن فوق كل اعتبار.. وكم أنت عظيم أيها الشعب.. وارفع رأسك يا ابن وطني.. انك تونسي.. وشتان بين البارحة واليوم.. والمستقبل أحمد وأمجد..