تتواصل في نيجيريا حالة عدم استقرار والاستنفار الأمني، الذي تطلب إعلان حالة الطوارئ في عدد من ولايات الشمال مع نهاية عام 2011، وذلك نتيجة تصاعد الهجمات و الانفجارات والاعتداءات على المدارس والمباني المسيحية والكنائس خاصة في مدينة جوس، عاصمة ولاية "بلاتو"، في وسط البلاد والهجمات التي تتبناها جماعة « بوكو حرام» التي تدعي انتماءها رسميا لتنظيم القاعدة خاصة تلك التي تزامنت مع الاحتفالات بعيد الميلاد. كما تشهد نيجيريا مرحلة توتر سياسي وطائفي واقتصادي تثير مخاوف من اندلاع حرب أهلية في البلاد. ويحذر المسؤولون النيجيريون من تفاقم انعدام الثقة في البلاد . إضافة إلى انتشار مخاوف من اتساع العنف الديني في نيجيريا التي تعد أكبر دول إفريقيا من حيث عدد السكان وأكبر مصدر للنفط في القارة، خاصة أنها مقسمة بين أغلبية مسلمة في الشمال وغالبية مسيحية في الجنوب، وتتواصل هذه التهديدات حسب مناصري هذه الجماعة نتيجة السياسة الخاطئة التي تزيد من احتقان عدة فئات من المجتمع النيجيري. *مخاوف من تقسيم البلاد ومع اتساع رقعة عدم الاستقرار الذي وصل في مستويات منه أجزاء من حكومة جوناتان جودلاك، يؤكد العديد من المحللين أن هذه المنطقة من القارة الإفريقية تعيش على وقع اضطرابات مخيفة قد تؤدي إلى تقسيم البلاد من جديد، رغم أنهم تصوروا أن فكرة الانفصال، التي تكررت منذ 20 عاما بعد أن تحولت نيجريا اثرالاستقلال من 3 أقاليم إلى 36 ولاية قد تضاءلت. فإمكانية دعم الحركات الانفصالية في نيجريا يمكن أن تتزايد في ظل التوترات الطائفية والانقسامات التي تسود المجتمع والطبقة السياسية وتبرز أساسا بتبريرات انتشار الفقر. فقد ظهرت أعمال العنف أساسا مع نهاية تسعينات القرن الماضي، إلا أن الأمر اليوم يتسع؛ في حين أن بعض المهتمين بالشأن الإفريقي يرجّحون أنّ الأسباب الحقيقية لاتساع رقعة هذه المواجهات والمصادمات إلى النظام السياسي الموغل في الفساد والذي يتبع أساليب «المافيا»، فالأوساط السياسية تستخدم العنف لأهداف ضيقة ولا تتردّد في دعم الحركات الانفصالية حتى تقوم بتصفية المعارضة، إضافة إلى تغذية المسائل الإثنية والاجتماعية والسياسية. أخطاء متكررة إلا أن بعض المحللين يذهبون إلى حدّ اعتبار أن سياسة الرئيس جودلاك المدعومة من الولاياتالمتحدة والغرب تعيد نفس أخطاء من سبقوه وخاصة في التعامل مع الجماعة المتطرفة «بوكو حرام» حيث إنه كلما عاملها معاملة قاسية كان رد فعلها عنيفا، في حين أن الوضع اليوم في نيجريا يتطلب الحنكة ولا يقتضي الشدة، ففي كل مرة كانت الدولة تلاحق فيها الجماعة تميل أكثر نحو العنف الإرهابي، هذا في ظل تأكيد عديد المهتمين بالملف النيجيري أن هذه الجماعة لم تكن في الأصل حركة عنيفة، إلا أنها دخلت في دوامة العنف مع نهاية عام 2003 عندما دمرت القوات النيجرية أحد معسكراتها. وتؤكد قراءات أخرى للوضع أن القارة الإفريقية كانت في منأى عن الحركات المتطرفة إلا أن تزايد حركات التنصير في مناطق مختلفة من القارة كان يواجه من الأقليات المسلمة بنوع من العنف نظرا لعدم تكافؤ الطرفين، فحركات التنصير مدعومة من طرف المنظمات الخيرية الغربية الناشطة بإغراءات متنوعة مادية ومالية، كانت في مواجهتها الحركات الإسلامية، وقد تنامت هذه المواجهات مع تزايد المصالح الغربية التي تدعم حركات التنصير لهدفين عقائدي غير مباشر ومادي مباشر من أجل حماية مصالحها. إغراء الثروة النفطية إن نيجريا بلد إفريقي غني بالثروات النفطية حيث ينتج كميات كبيرة جدا من الذهب الأسود. وتعتبر الولاياتالمتحدة أول مستورد منه؛ ومن الممكن أن يتم تقسيمه ووضع اليد على المناطق المنتجة للنفط فيه على غرار السودان، أو أن يتم إذكاء الحرب الأهلية فيخرج منها البلد منهكا من جديد وتحافظ هذه الدول على مصالحها بعيدا عن المنافسين الجدد. بين الحركات المتطرفة ستظل القارة الإفريقية بمناجمها الحديقة الخلفية لأوروبا ومحط المغازلة الأمريكية ومرمى الحركات المتطرفة. فاليوم توجد فيها حركة» طالبان نيجيريا»، وليس بعيدا عنها تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي ، الذي يمكن أن يتنامى حتى يلتقيا من موريتانيا إلى التشاد فيكون بذلك الوضع أكثر توترا، إذا ما تواصل تصادمه مع المصالح الغربية.