إن مصطلح -نسوية- يمثل مجموعة من النظريات الاجتماعية والحركات السياسية والفلسفات الأخلاقية التي تحركها دوافع متعلقة بقضايا المرأة.. دوافع عادة ما تكون نتيجة مبدإ محاولة القضاء على أشكال القهر التي تهدد البشر خاصة منها المتصلة بالنوع الجنسي. ولئن يهدف الفكر النسوي إلى الدفاع عن حقوق المرأة نتيجة للتكلس الأخلاقي والفكري والإرهاب الأسري والإرهاب الموجود في الشارع فإنه لا يحمل ترسيخ فكرة محاربة الرجل ككائن وإنما محاربة مخلفات -المجتمع الأبوي- أي المجتمع الذي لا ينحصر في الرجال فقط بل يضمّ الكثير من النساء اللاتي يفتخرن بطمس المعالم النسائية وكل ما من شأنه أن يحدّ من حرية المرأة ويقمعها على أساس أنها كائن مستضعف لا يحق له المشاركة في المجتمع غير مؤهل إلى أن تفتح له آفاق أرحب لتوسيع نظرياته وإثرائها. مسألة اتخدت أبعادا أخرى عقب ما شهده العالم العربي من ثورات إزاء كل مظاهر التعسف السياسي والفكري والاجتماعي -على الأقل في مراحل متقدمة- وهو ما يدعو إلى التساؤل حول مصير التيار النسوي العربي في ظل التغييرات الراهنة في جميع الميادين. المخرجة التونسية وعضو المجلس الوطني التأسيسي سلمى بكار من الوجوه النسائية التي تتضمن أعمالها السينمائية وأفكارها رسائل نفهم منها انحيازا لقضايا المرأة وإيمانا بضرورة مواصلة النضال من أجل تكريس مبدإ المساواة. سلمى بكار تدافع عن حقوق المرأة وتحاول أن تتجاوز فكرة التقيد بدورها الفطري كأمّ وزوجة. ولأننا إزاء شخصية تعتبر من الوجوه النسائية المعروفة التي طالما أصرت على مواجهة كل ما يمسّ من كرامة المرأة ويحدّ من حريتها الفكرية، سواء من خلال أفلامها المتنوعة على غرار"الخشخاش" أو "رقصة النار" ومن خلال آرائها المتعددة والجريئة وكذلك دورها بالمجلس الوطني التأسيسي فإننا حاولنا أن نستطلع معها ومن خلالها مستقبل الحركات النسوية في بلادنا ومستقبل النضالات من أجل حقوق المرأة في تونس والمنطقة العربية على ضوء التحولات الجذرية التي تشهدها بلادنا ومحيطها العربي والإسلامي. وقد بينت لنا أن المرأة التونسية تعتبر محظوظة مقارنة بما يجري في العديد من البلدان العربية، ذلك أنها ساهمت ولا تزال في تنمية الساحة الثقافية، إذ ليست الثقافة حكرا على الرجال فقط بل نوع من الالتزام يهم الجنسين.
المخرجة/السياسيّة
وعن مسألة الاندماج الفكري في مجتمعنا تضيف سلمى بكار أن المثقف -رجلا كان أو امرأة- هو إنسان صاحب رؤية استقلالية واضحة عن مراكز السلطة الاجتماعية وهو معارض يتساءل دوما ويسعى إلى تحطيم الأفكار المقبولة وكل ما في الأمر أني أرفض أيّ فكر يمثّل إقصاء لهذا التوجه. أما بخصوص نعتها بلقب "سيمون دي بوفوار تونس" أشارت مخرجتنا أنها لا تحبذ مثل هذه الألقاب لأن مواقفها والكلام لها "تصب في مصلحة المجتمع التقدمي ليس إلا وما أعمالي المتنوعة إلا دليل على ذلك حيث عمدت إلى توظيف إشارات قد لا تستدعي انتباه الكثيرين لكنها في غاية الأهمية". من جهة أخرى أبدت سلمى بكار إعجابها بمواقف النساء اليمنيات والليبيات من وراء حجابهن أثناء الأحداث الأخيرة ببلدانهن وهو ما مثل بالنسبة لها احدى المفاجآت السارة التي أتى بها الربيع العربي. مقابل ذلك عبرت محدّثتنا عن تخوّفها من مستقبل المرأة التونسية على وجه الخصوص إذ ثمة تساؤل حقيقي يواجهنا اليوم حسب قولها ألا وهو: هل ستحافظ المرأة على مكانتها الأولى أم لا. كما أشارت المخرجة سلمى بكار من زاوية أخرى الى أن عضويتها في المجلس التأسيسي أمر عادي ذلك أن الفنان التونسي يجب أن يخدم مصلحة البلاد وأن يستعيد ثقة التونسي. أما عن انخراطها في القطب الديمقراطي الحداثي فقد بينت لنا أنه يشكل ائتلافا مع حزب التجديد وهو ما يعكس أفكارها وتوجهاتها لأن حركة التجديد حسب رأيها من الأحزاب التي تعتمد العمل الجماعي في استراتيجيتها، وهو ما يجعلها تشعر بأنه يشبه العمل السينمائي من حيث الأهداف التي ترمي الى حث المواطن التونسي وتوعيته. لتضيف المخرجة -السياسية أن ترشيحها كرئيسة قائمة القطب الديمقراطي الحداثي هو مسؤولية كبرى إذ ستسعى دوما على حد تعبيرها الى الدفاع عن فكرة أن حرية التعبير ركن هام وأساسي في الدستور الجديد الذي سيصوغه المجلس التأسيسي. إن ضرورة حضور الفنانين والمثقفين في الساحة من بين العناصر الهامة التي تؤكد عليها سلمى بكار وهي عملية ليست حكرا على الرجال لأن النساء التونسيات "قادرات على المساهمة في بناء غد أفضل".