احتفى النادي الثقافي الطاهر الحداد بالعاصمة بواحدة من بين أبرز المخرجات السينمائيات بتونس. يتعلق الأمر بالمخرجة سلمى بكار وقد عرضت بالمناسبة أفلامها «فاطمة» و«رقصة النار» و«خشخاش» أيام 13 و14 و15 من الشهر الجاري. وقد شكلت هذه المناسبة فرصة لمزيد التعريف بعمل المخرجة وباسلوبها السينمائي الخاص ذلك أن كل انتاج جديد لسلمى بكار لا يمر في صمت بل ويكون محور نقاش بين مساند ومعارض. وبقطع النظر عن الضجة التي أثارتها هذه الأفلام سابقا لا سيما «الخشخاش» باعتبارها تمثل محظورات في المجتمعات العربية الاسلامية ورأى فيها البعض مسا بالعادات والاعراف، فإن المتأمل في هذه الأعمال وكيفية طرح المواضيع يلاحظ عمقا في تناول مسائل في غاية الأهمية وجرأة المخرجة التونسية سلمى بكار في الآن نفسه..ذلك أنها لم تتردد في طرح مسألة الشذوذ الجنسي والحرمان العاطفي وهو أمر غالبا ما يكون نتيجة لغياب الحوار بين الزوجين وعدم المصارحة بينهما.. الشيء الذي أبرزته مخرجتنا في فيلم «خشخاش» بطولة ربيعة بن عبدالله في دور زكية التي تزوجت من رجل ثري تحت ضغط من أسرتها ليصل بها الحال الى الإدمان على المخدرات لانها لم تجد سبيلا آخر لتعويض حرمانها العاطفي.. في آخر المطاف تصبح نزيلة في إحدى مستشفيات الأمراض العقلية أين تتعرف على «خميس» وتجد الحب والاهتمام اللذين فقدتهما رافضة الرجوع الى عالم العقلاء.. وبما ان سلمى بكار كانت دوما حريصة على الدفاع عن المرأة وإبراز حقوقها المهضومة في جوانب متعددة فإن فيلم «رقصة النار» يعرض من جانب آخر نموذجا من التونسيات اللاتي حققن وجودهن في فترة تاريخية نادرا ما برزت فيها امرأة وتألقت..فيلم يسرد مسيرة الفنانة حبيبة مسيكة التي كانت حياتها محل فضول كبير ونقطة استفهام رغم جمالها وثرائها ووزنها في الوسط الفني آنذاك.... أما فيلم «فاطمة» فهو صورة مجسدة للدور الذي لعبته النساء في فترة الاستقلال وما بعدها في شتى المجالات..والذاكرة الى اليوم تحتفظ باعمالهن الخالدة.. ومهما اختلفنا حول أعمال سلمى بكار إلا أن ذلك لا ينفي عنها أنها مبدعة لها مشروعها الفني الواضح فليس من الهين أن تفرض المرأة نفسها كمبدعة في مجتمعات عادة ما تكون بعض المهن والإبداعات فيها حكرا على الرجال فكيف يكون الأمر إذا جندت طاقاتها وموهبتها ومعارفها لطرح مسائل هامة جدا من شأنها أن تثري البعد الاجتماعي وتساهم في تطوير المفاهيم السائدة..