اصفقات مشبوهة».. وعدل منفذ على الخط... قام صباح أمس جمع من المحامين بوقفة أسموها «وقفة احتجاجية ضد خرق الشرعية»، وذلك على خلفية قرار مجلس الهيئة الوطنية للمحامين، انتخاب الأستاذ شوقي الطبيب عميدا جديدا خلفا للأستاذ عبد الرزاق كيلاني الذي التحق بحكومة حمادي الجبالي، كوزير لدى رئيس الحكومة مكلف بالعلاقات مع المجلس التأسيسي.. هذه الوقفة انطلقت من مدخل قصر العدالة بالعاصمة، ثم توقفت لبعض الدقائق في بهوه، لتواصل السير في اتجاه مكتب العمادة، حيث توقف جميع المحامين أمام مكتب العميد المغلق، رافعين عديد الشعارات التي تنادي كلها باحترام القانون والشرعية، وبرفض الأستاذ شوقي الطبيب عميدا لأصحاب العباءة السوداء، استنادا الى أن القانون المنظم لمهنة المحاماة لا يخوّل له ذلك..
وقفة.. ثم وقفات
ويجدر الذكر أن الأستاذ بشر الشابي ومجموعة من المحامين دعوا الى هذه الوقفة.. وفي هذا السياق يقول الأستاذ بشر: «دعوت ومجموعة من الزملاء الى هذه الوقفة، وهي وقفة أولى ستليها وقفات أخرى، حيث نعتزم أن نقوم بوقفة احتجاجية ثانية يوم الاثنين المقبل.. ولن نتوقف عن الاحتجاج حتى تتم الدعوة الى عقد جلسة عامة تتمخض عنها جلسة انتخابية لجميع الهياكل التابعة للهيئة من قبل كل المحامين، وبذلك تعود الشرعية الى هياكلنا.. وفي انتظار ذلك يكون تسيير الهيئة، وشؤون المحامين مؤقتا، يقوم به رؤساء الفروع الثلاثة، أو كاتب عام الهيئة وأمين مالها.. وأكد الأستاذ بشر الشابي أن حوالي 3 آلاف محام أمضوا على العريضة الداعية الى عقد جلسة عامة، وهذا العدد أكثر من الثلث الواجب توفره، كما أفادنا أن المحامين الرافضين لخرق القانون والواقفين ضد «اغتصاب» عمادتهم، أرسلوا أمس تنبيها عبر عدل منفذ الى الهيئة الوطنية للمحامين، والى الصندوق التابع لها، والى البنك المتعامل معها، محذرين الجميع من مغبة التصرف في أموال أهل المهنة، وإلا سيقع تتبع كل مخالف جزائيا أمام القضاء، وذلك في اشارة الى عدم شرعية الأستاذ شوقي الطبيب كعميد للمحامين..
الشغور مازال مستمرا
ومن ناحيته يقول الأستاذ فتحي العيوني، عضو مجلس الهيئة الوطنية للمحامين، والكاتب العام للفرع الجهوي بتونس: «المحامون كانوا دوما متمسكين بالشرعية ويناضلون من أجلها، كما أن الثورة قامت لترسيخ القانون والعدالة والشرعية.. ولكن، وللأسف فإن البعض من أهل القانون اخترقوا القانون، وبالتالي شعر المحامون بالأمر، خاصة بعد أن علموا أن القرار الاستعجالي المتعلق بوقف تنفيذ قرار انتخاب الأستاذ شوقي الطبيب عميدا، قد رفض لأن مفعوله كان قد توقف بقوة القانون، عملا بأحكام الفصل 75 من المرسوم المنظم لمهنة المحاماة..». وبناء عليه والكلام للأستاذ العيوني فإن حالة الشغور في منصب العمادة ماتزال مستمرة، في انتظار البت في الطعن في جلسة 9 فيفري المقبل.. كما علم المحامون أيضا بأن جميع المساعي الصلحية لتطويق الأزمة باءت بالفشل، بسبب تعنّت الأستاذ شوقي الطبيب ومن يسانده، ورفضهم جميع الحلول التوفيقية، لذلك لا يمكن أن يرضى المحامون بأن تدار شؤونهم بهياكل غير شرعية.. ويوضح الأستاذ العيوني: «الى حد هذه الساعة، مازالت متمسكا بعقد جلسة عامة خارقة للعادة، يقول فيها المحامون كلمتهم في الموضوع، باعتباره يمثل سابقة أولى في تاريخ المهنة، لا يجوز التعاطي معها عن طريق المراكنة والحسابات الضيقة والصفقات، لأن الواقع أثبت الى حد الآن، أن الممارسات التي يقوم بها الشق الذي ينصّب نفسه على رأس الهيئة الوطنية للمحامين، تدل على أن هناك صفقات مشبوهة وراء جميع القرارات المتخذة، سواء على المستوى المالي، أو على المستوي الإداري، من ذلك بعض قرارات الترسيم، وعمليات الصرف والتصرف في موارد الهيئة، في انتظار باقي الصفقات الخاصة بالملفات التأديبية، والتي تورط فيها عدد كبير ممن رأيتهم يتقدمون بإعلامات نيابية عن الهيئة الوطنية للمحامين يوم جلسة 23 جانفي الجاري وما قبلها...».
وضع مأساوي
وما رأي العميد الجديد شوقي الطبيب في هذه الوقفة، وما سبقها، وتبعها؟.. في هذا الصدد يقول العميد في اتصال هاتفي به يوم أمس: «أنا الآن في سيدي بوزيد أقوم بواجباتي، وللاطلاع على مقر المحكمة الذي حُرق مؤخرا، وهو وضع كارثي ومأساوي، وبالتالي فإني أسعى انطلاقا من موقعي ودوري الى إيجاد الحلول الضرورية لوضعية محكمة سيدي بوزيد..». وحول الوقفة الاحتجاجية، قال الأستاذ شوقي: «لست على استعداد للحديث في هذا الموضوع.. والتاريخ وحده كفيل بكشف كل النوايا».. وتجدر الاشارة الى أن المحامين المحتجين أمس أمام مقر العمادة أصدروا بيانا جاء فيه:
بيان
«نحن المحامون المجتمعون ببهو مجلس الهيئة الوطنية للمحامين يوم 26/01/2012 وذلك على إثر خلفية التطورات التي شهدها قطاع المحاماة، على إثر الشغور الحاصل في خطة العمادة، وعلى إثر القرار المتخذ من قبل مجلس الهيئة الوطنية للمحامين يوم 05/01/2012 نعلن التالي: ٭ نستنكر الطريقة غير المسبوقة التي تم بها سد الشغور الحاصل في خطة العميد ونعتبر أن تنصيب الأستاذ شوقي الطبيب من طرف شق من المجلس كان في مخالفة صارخة لاحكام المرسوم عدد 79 لسنة 2011 المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة. ٭ نعتبر أن هذه العملية هي التفاف على القانون والشرعية ومن وراء ذلك على إرادة المحامين جميعا. ٭ نعتبر أن جميع القرارات التي صدرت عن الأستاذ شوقي الطبيب وعن مجلس الهيئة الوطنية للمحامين وعن ادارة الصندوق اثر ذلك باطلة لا يترتب عنها أي أثر. ٭ ندعو الهياكل الشرعية وخاصة الكاتب العام للهيئة وأمين مال الهيئة ومدير الصندوق ورؤساء الفروع وأمناء مال الفروع بتحمل مسؤولياتهم تجاه الأعمال وأموال المحامين المناطة بعهدتهم وندعوهم بالامتناع عن المصادقة عن الأعمال الباطلة المذكورة أعلاه. ٭ ندعو كافة المحامين بالتمسك بالشرعية وعدم المصادقة على عملية الالتفاف على الشرعية وذلك من خلال الدعوة لجلسة عامة خارقة للعادة تليها جلسة انتخابية. ٭ ننبه إلى أن الالتفاف على القانون هو سابقة خطيرة لم يحدث أن وقعت في تاريخ المحاماة، التي كانت دوما درع دفاع عن أحكام القانون، ونؤكد على استعدادنا التام لاتخاذ كل الوسائل الاحتجاجية والقانونية في سبيل المحافظة على الشرعية والتمسك بالمرسوم المنظم لمهنة المحاماة. والسؤال المطروح الآن بإلحاح حول التجاذبات في قطاع المحاماة مؤداه: «إلى أين يسير الوضع المتأزم بين أصحاب العباءة السوداء؟.. هل سيتم تطويق الأزمة عبر الحوار والتشاور أم ستؤول الأمور إلى القضاء؟.. ذلك ما سنكتشفه في الأيام القادمة.. لننتظر.