انطلق صباح أمس الملتقى الدولي حول المحافظة على التراث المبني بالمعهد الوطني للتراث الذي تشارك في تنظيمه كل من وزارة الثقافة والمعهد الوطني للتراث والاتحاد الأوروبي وذلك في إطار أشغال مشروع المنتدى الأورومتوسطي الذي يهدف لحماية التراث المبني في بلادنا على غرار المدن القديمة وما تشمله من مكونات تعد من عوامل تنمية التشكيلات السكنية التي تعد انعكاسا للهياكل الاجتماعية المركبة كالعمارة والنافورة والزخارف التي تدخل في تكوين المناطق التقليدية في إقليم البحر الأبيض المتوسط لأنها تعد من التراث العالمي المسجل باليونسكو والتي تحولت في العصر الحديث إلى مناطق ذات قيمة ثقافية وتاريخية وذاكرة جماعية. ويشارك في طرح المسائل المتعلقة بالتراث المبني وبحث إمكانيات وسبل حمايته قانونيا وتنظيميا وعمليا عدد من المختصين في القانون والتراث والآثار من تونس على غرار كل من يوسف بن ابراهيم مدير الشؤون القانونية بوزارة الثقافة وسامية عمامي رئيسة قسم بوكالة إحياء التراث إضافة إلى خالد القروي ورضا فريوة وغيرهما من الكفاءات التونسية المختصة في القطاع. كما يشارك في هذا الملتقى الدولي مختصون في علم الآثار والتراث من بلدان متوسطية يعد التراث المبني فيها أحد مقومات التنمية والثقافة والحضارة من بينهم الاسباني قزافيي كازانوفا المختص في تهيئة وإعادة تهيئة التراث بجامعة برشلونة وكل من ألان مولي وقزافيي بنوات من اتحاد المساحين والمهندسين التقنيين ببرشلونة. ويتطرق هذا الملتقى إلى مسألة التشريعات المنظمة لميدان التراث وما تشكوه من نقائص وثغرات قانونية مهدت الأرضية لجعل هذا المكسب الوطني والحضاري عرضة لانتهاكات في السنوات الماضية مما يدعو إلى ضرورة مراجعة مجلة حماية التراث الأثري والتاريخي والفنون التقليدية وذلك بإدخال تنقيحات على بعض الفصول القانونية وإضافة فصول أخرى نظرا لأنها تهدف في مجملها إلى حماية التراث وهي السبيل القانوني لوضع حد أمام كل محاولات انتهاك هذه الثروة. وتجدر الإشارة إلى أن بعض المختصين في القطاع طالبوا بمراجعة فصول قانون التراث خاصة الفصول المتعلقة بالعقاب التي لا تتلاءم مع حجم الجرم حيث طالبوا بالترفيع في العقوبة المسلطة على مرتكب الجريمة وإزالة الغموض بالتدقيق والتوضيح لبعض الفصول الأخرى على نحو يضمن حماية وطنية لتراث بلادنا وجعل بعض القوانين مطابقة للقوانين العالمية المعمول بها والتي جاءت بها الاتفاقيات العالمية. كما أن عديد المعالم الأثرية في عديد الجهات من بلادنا لم يشملها المسح الأثري لتبقى غير مسجلة ضمن التراث العالمي فكان لزاما إحداث وسائل قانونية لحمايتها والاستنارة بالتجارب أو المنوال الأجنبي الذي يقارب بلادنا في الحضارة والتراث في مسار الصيانة والحفظ.
تقاليد حماية التراث
السيد زهير الشهايبي الذي كان من بين الدفعة الأخيرة من محافظي التراث المنتدبين وأحد المساهمين في المشروع المتوسطي "المنتدى" أكد أن التراث المبني في عديد المدن التونسية في حاجة ماسة للصيانة وإعادة التأهيل سواء على مستوى المدن والأقاليم أو على مستوى المبنى بالأساس. واعتبر مسألة التحسيس بأهمية هذا المكسب الحضاري تعد من الأولويات التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار في مسار إعادة تهيئة هذا القطاع لأنه يعتبر مسألة حماية المخزون الأثري والتاريخي والحضاري خاصة ما يتعلق بالتراث المبني تعد مسؤولية جماعية أي العامل في ميدان الآثار والتراث والمواطن القاطن بالمدن التقليدية أو بالجهات التي تتوفر على مكاسب حضارية. من جهة أخرى دعا محدثنا أهل القطاع إلى العمل على تحسيس الرأي العام بأهمية التراث من خلال التعريف بالمجلة التي اعتبرها بوابة معرفية لكل تونسي يروم المحافظة على كل مقومات الثقافة والحضارة والتاريخ الفنية والجمالية لهذا الوطن المتجذر في الحضارة والتاريخ الانسانيين.