رغم الفقر الذي يعيشه الكثير من سكان مدينة داكار، خاصة القاطنين منهم بالأحواز والأحياء المدقعة، فإن الكثافة السكانية العالية تشد انتباه الزائر وتدعوه للتساؤل: هل هناك سياسة تحديد النسل في هذا البلد؟ وهل تتوفر فيه خدمات الصحة الإنجابية؟ يؤكد ممادو مباي المكلف بالاتصال في برنامج الصحة الإنجابية في الوسط الحضري بالسينغال، والمعني بتحسين خدمات الصحة الإنجابية بالبلدان النامية خاصة الأفريقية والآسيوية، أن البرنامج قام بدراسة ديموغرافية، بينت أن نحو 25% من النساء في المدن السينغالية يستعملن وسائل منع الحمل. كما أجرى هذا البرنامج الذي يمتد من 2010 إلى 2014 دراسات أخرى كشفت أن عددا كبيرا من النساء يرغبن في تنظيم الأسرة لكنهن لا يعرفن الطرق المناسبة لتحقيق مبتغاهن نتيجة الجهل والأمية ومحدودية النفاذ إلى المراكز الصحية للحصول على خدمات الصحة الانجابية. ويتمثل الهدف من هذه الدراسات في تحديد الطرق الممكنة لتمكين النساء بالسينغال من الحصول على خدمات الصحة الانجابية. وذكر محدثنا أمس بمقر المنظمة بمدينة داكار، في لقاء مع عدد من الصحفيين العلميين، ضمن ورشة عمل خاصة، ينظمها الاتحاد الدولي للإعلاميين العلميين، أن برنامج الصحة الإنجابية في الوسط الحضري يعمل على تقريب خدمات الصحة الإنجابية من النساء، ويسعى لكي يتحول لهن في إطار فرق صحية اتصالية متنقلة، تطرق أبواب ديارهن بابا بابا لتثقيفهن في مجال الصحة الإنجابية، وتوعيتهن بضرورة المباعدة بين الولادات والحد من الزواج المبكر والابتعاد عن الإنجاب في سن قبل 15 سنة أو في سن بعد 45 سنة. كما يقوم البرنامج بمساعدة المؤسسات الصحية العمومية، وحتى الخاصة على تكثيف الجوانب الاتصالية، لتقريب معلومات الصحة الإنجابية من المرأة السينغالية. وقال: "لاحظنا بالتجربة أن الجانب الاتصالي يعدّ على غاية من الأهمية.. ولهذا الغرض فإننا نعمل على التنسيق مع الإذاعات المحلية، لبث برامج تثقيفية وتوعوية تكون تفاعلية مع المستمعين، وتقدم لهم معطيات مبسطة وسهلة وناجعة حول كيفية تنظيم الإنجاب والحد من الأمراض المرتبطة به". وبالإضافة إلى البرامج الإذاعية، يتولى أيضا تنظيم سلسلة من البرامج الوثائقية والتحقيقات التلفزيونية في نفس الغرض.. وتحدث مامادو مباي عن التنسيق مع الجماعات العمومية المحلية، وبيّن أن هناك عملاً كبيراً مشتركاً بينها وبين برنامج الصحة الإنجابية في الوسط الحضري، يتمثل في إجراء استبيانات لمعرفة حاجيات العائلات الفقيرة. تمييز على صعيد آخر، أشارت السيدة أمول خياري نيانق الأخصائية السينغالية في الأنثروبولوجيا إلى أن المرأة السينغالية في الريف تعاني من التمييز على أساس الجنس. وفسّرت الخبيرة ومنسّقة برنامج تمكين نساء الريف من مياه الري الزراعي التابع للمركز الدولي للبحوث التنموية في لقاء جمعها بعدد من الصحفيين العرب والأفارقة بمقر البرنامج بالعاصمة السينغالية داكر أن الدراسات التي أجريت على عينات من النساء اللائي شملهن البرنامج كشفت أن النساء لا يتمتعن بالنفاذ إلى مياه الري الزراعي بنفس الكيفية التي يحظى بها الرجال. وأضافت أن الثقافة المجتمعية السائدة في هذا البلد الإفريقي، الذي تبلغ نسبة النساء العاملات فيه في القطاع الفلاحي سبعين بالمائة، لا تسمح لهن بحق تملك الأراضي الزراعية. وفي المقابل أكدت أن قوانين البلاد تعتبر رائدة في تمتيع النساء بالحقوق.. وهي حقوق لا تختلف بين النساء والرجال.. إذ لا يوجد في تشريعات البلاد ما يمنع النساء من تملّك الأراضي أو أي شيء آخر، لكن على مستوى الممارسة فإن الوضع غير مريح.. وبينت خياري في لقائها بالصحفيين المتدربين في الاتحاد الدولي للصحفيين العلميين أن البرنامج يندرج في إطار الشبكة الإفريقية للتنمية المندمجة التي تأسست منذ ثلاثة عقود وهي تهتم بتطوير الفلاحة وتمكين النساء من حقوقهن الاجتماعية والاقتصادية والثقافية. وإلى جانب البحوث التي يجريها البرنامج فإنه يهتم بالتكوين ويساعد النساء على كيفية تحسين ظروف عيشهن بتمكينهن من بعض المهارات.. وعن سؤال يتعلق بمدى انخراط النساء في المطالبة بالحصول على مياه الري الزراعي بينت أن حاجتهن الكبيرة لتنمية مواردهن وتحسين ظروف عيشهن تدفعهن للمطالبة بهذا الحق بإلحاح رغم ما يمكن أن تتسببه هذه المياه لهم من أمراض جرثومية خطيرة.