الحق في التعليم يجب أن يقترن بالحق في الشغل فسر الأستاذ محمد نجيب عبد المولى المتفقد العام للتربية والخبير بالمعهد العربي لحقوق الانسان سبب تردي مستوى التلاميذ خلال العشريتين الماضيتين مقارنة بما كان عليه قبل ذلك- بحذف النظام التربوي للحواجز الانتقائية.. إذ كانت المدرسة التونسية قبل العشريتين الاخيرتين، انتقائية على حد قوله، بمعنى أن النجاح لا تحظى به إلا النخبة.. فمن بين مائة تلميذ يجتازون الامتحان، كان لا يحصل على الشهادة العلمية إلا ستة فقط.. لكن بالتخلي عن المناظرات الانتقائية تراجع حجم المطرودين من المدرسة.. وأصبحت هذه الأخيرة توفر التعليم للجميع دون انتقاء.. وأضاف الخبير التربوي في لقاء خاطف به على هامش الورشة الوطنية حول واقع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في تونس "الحق في التعليم نموذجا" المنتظمة يوم الجمعة بالعاصمة ببادرة من المعهد العربي لحقوق الانسان وشبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية، أن تردي مستوى التلاميذ يعود أيضا لتراجع مكانة الكتاب في حياتهم.. وبين أن جيل الاستقلال تربى على حب الكتاب والمطالعة وكان الكتاب أفضل وسيلة للترفيه واستفاد هذا الجيل من ذلك كثيرا.. لكن الآن تغير الحال وتبدلت نوعية الحياة وبرزت الوسائط الجديدة للاتصال التي انشغلت بها الناشئة كثيرا، وليس هذا الوضع خاصا بتونس بل ينسحب على جميع بلدان العالم.. وعن سؤال يتعلق بأسباب البون الشاسع في ضمان الحق في التعليم في تونس بين الجهات والفئات، ولماذا لا يتمتع كل التونسيين بنفس الحظوظ في المدرسة، أكد محدثنا أن المنظومة التربوية على مستوى النصوص القانونية المنظمة لها سليمة، لكن الاشكال يكمن في التطبيق..
التعليم يؤدي الى الشغل
كما يرى الأستاذ عبد المولى أن الحق في التعليم الذي تكفله النصوص القانونية في النظم التربوية يجب أن يقترن بالحق في الشغل. وكان الخبير التربوي قد خلص في المحاضرة التي قدمها خلال هذه الورشة واستعرض فيها ملامح السياسات التربوية في تونس ومكانة التعليم والحق فيه الى، أن علاقة المدرسة بالتّشغيل وارد نظريا لأنه من وظائف المدرسة إعداد النّاشئة للحياة النّشيطة والتّشغيل، وهناك معابر بين المدرسة ومؤسّسات التّكوين المهني لكن رغم هذا الانتظام النّظري، تبقى الممارسة الميدانية بحاجة إلى تجسيم حتّى يبرمج هذا التأهيل على أسس واضحة وقابلة للتّحقيق. ولاحظ عبد المولى أن الثورة التي عرفتها تونس يمكن أن تكون في وجه من وجوهها حدثت بدفع من التّربية المدرسية التي طالما أكّدت على حقوق الإنسان.. ثم جاءت الثورة لتعيد للشّباب نكهة الكرامة ومصداقية الحرّية وقيمة المساواة. واستدرك ليؤكد أن الكرامة لا معنى لها إلا بتفعيل الحقّ في العمل.. وأنه لا معنى للسلم دون شغل قار ومحترم يحفظ الكرامة.