عرفت تونس خلال الأيام الأخيرة موجة برد شديد نتج عنها تساقط كميات هامة من الثلوج على معظم المناطق الشمالية للبلاد، وقد أدى هذا الوضع إلى جملة من الصعوبات نتيجة انقطاع عديد الطرقات بفعل تكدس الثلوج التي بلغ ارتفاعها أحيانا 80 صنتمترا في العديد من الجهات التي تحولت إلى جهات معزولة على امتداد أكثر من يومين. هذا الوضع غير المنتظر أفرز نوعا من الارتباك نتيجة صعوبة مواجهته خاصة وأن المناطق الشمالية تتسم بطرقاتها الوعرة وبإشكاليات على مستوى التدخل لعل أبرزها محدودية آليات إزالة الثلوج وعدم قدرتها على فتح الطرقات بالسرعة المنشودة لإيصال مواد التدفئة من قوارير غاز وبترول أزرق، الأمر الذي جعل شاحنات نقل هذه المواد تبقى أحيانا عالقة على بعض الطرقات لأكثر من 24 ساعة.
خلية لمتابعة الأوضاع
ولئن تميز الوضع خلال الأيام الثلاثة الماضية بصعوبات لعل أبرزها إزالة طبقة الثلج لفتح الطرقات وايصال مختلف المواد الغذائية والمحروقات إلى الجهات المعزولة التي اعتبرت منكوبة، فإنه تم عقد مجلس وزاري اتخذت على إثره كافة التدابير لتجاوز الوضعية، وتم وضع خطة تمثلت بالخصوص في بذل أقصى الجهود لإيصال المحروقات والبترول الأزرق وغيرها من مواد التدفئة والمواد الأساسية الغذائية، كما تحرك المسؤولون باتجاه عديد الجهات لمتابعة الأوضاع. وضمن هذا التمشي علمنا أنه تم توفير أعداد من الكاسحات والجرافات لإزالة الثلوج من الطرقات، وقد أفاد السيد صالح القربي المسؤول عن قاعة العمليات التابعة للحماية المدنية أن الوضع في المناطق المتضررة بالشمال الغربي جراء تساقط الثلوج صعب لكن تم تجاوزه تدريجيا بداية من يوم أمس. وأفاد أن الوضع بعدد من مناطق الشمال الغربي يشهد نوعا من الانفراج بعد جملة التدخلات التي حصلت، وبين أن حركة المرور قد استأنفت نسقها العادي بطرقات ولاية سليانة والقصرين وباجة وبعض مناطق ولاية جندوبة ولم تبق سوى منطقة الغرّة وبني مطير في عزلة عن باقى البلاد. وبيّن السيد صالح القربي أن اولويات التدخل حاليا تتمثل في فتح الطرقات الرئيسية للوصول إلى المتساكنين وإيصال المساعدات إليهم، ثم التدخل لمساعدة الحالات الحرجة مشيرا إلى أنه تم في هذا الصدد نقل 5 أشخاص يعانون من القصور الكلوي إلى مستشفى طبرقة. كما أبرز أن منطقة عين دراهم قد شهدت انقطاعا في التزود بالماء الصالح للشراب وقد تكفل فريق فني بإصلاح العطب ونجح في ذلك منذ صبيحة أمس. وبيّن من ناحية أخرى وصول مساعدات إلى مطار طبرقة الدولي منذ يوم أمس قادمة من مخازن الاتحاد التونسي للتضامن الاجتماعي، وهي تتمثل في 5 أطنان من المواد الغذائية وأعداد من الأغطية الصوفية وسيتولى الجيش الوطني إيصالها إلى المناطق المعنية، كما أفاد أنه انطلقت صباح أمس طائرة ثانية من مطار العوينة حاملة المساعدات باتجاه طبرقة.
تدخلات عاجلة لتوفير مواد التدفئة
وفي اتصال بوزارة الصناعة أفادنا السيد الحبيب العجيمي المدير العام لشركة عجيل أنه منذ بداية تغيّر الأحوال الجوية تولت الشركة اتخاذ جملة من الاحتياطات لتزويد الجهات الشمالية بقوارير الغاز والبترول الأزرق، وخاصة منطقة عين دراهم والروحية. وبين في هذا الجانب أنه تم تزويد عين دراهم ب2000 قارورة غاز لكنه أكد أن استرسال التزويد بالغاز قد انقطع في الأيام الماضية نتيجة الصعوبات الحاصلة على الطرقات من جراء تراكم الثلوج. كما بين أن التزويد بالبترول الأزرق مثل إشكالا آخر خاصة وأن "عجيل" لا تمتلك محطة بعين دراهم، وبين في هذا الجانب أنه تم التنسيق مع شركة 'أويل ليبيا' لتوفير هذه المادة في طبرقة والقصرين والكاف والروحية وباجة، وقد تمّ بالفعل توفير ذلك. وبخصوص الاحتياطي من مواد الغاز والبترول الأزرق بين السيد الحبيب العجيمي أن الكميات متوفرة بالقدر الكافي وتغطي الاحتياجات، مبرزا في نفس الوقت أن جميع الاحتياطات قد اتخذت لتفادي النقص المسجل من هذه المواد في كافة الجهات الشمالية للبلاد، خاصة أن هناك مؤشرات على إمكانية عودة التقلبات بداية من يوم الأحد القادم. وبيّن أن نسق التزويد سوف يرتفع من خلال برنامج استثنائي لتوفير كافة الحاجيات من مواد التدفئة في كافة الجهات وذلك من خلال بعث خلية خاصة بوزارة الصناعة لمتابعة الوضع، خاصة وأن هناك مؤشرات تفيد بعودة موجة البرد بداية من يوم الأحد القادم.