هذه التطورات الدراماتيكية الرهيبة التي يشهدها الوضع الأمني في سوريا هل هي دليل على أن الأوضاع في هذا البلد العربي تنحو نحو "أسوإ السيناريوهات" وأخطرها على وحدة النسيج الاجتماعي للشعب السوري الشقيق وعلى أمن واستقرار سوريا والمنطقة... أم أنها تشير الى أن الأزمة السورية قد دخلت "مرحلة الحسم" وأنه لم يبق في عمر نظام بشار الأسد الدموي سوى "ساعة" ترتيبات وتوافقات سياسية اقليمية ودولية ضرورية هي الآن قيد الدرس والبحث في دوائر القرار الدولي ؟؟ الواقع أن "حادثة" الفيتو الروسي/الصيني في مجلس الأمن الدولي مؤخرا مع تصاعد القمع على الميدان يجعلان المتابع يميل الى ترجيح فرضية أن الأزمة السورية - وبفعل هذا التصعيد الأمني والدبلوماسي "المزدوج" والخطير - قد دخلت بالفعل "مرحلة الحسم" وأن هذا "الحسم" لن يكون الا سياسيا ولا مجال فيه للتدخل العسكري الأجنبي... نقول هذا اعتبارا لطبيعة أحدث "التحركات" والمواقف السياسية التي لا تزال تصدر تباعا عن الأطراف الدولية الفاعلة والمؤثرة في ملف المأساة السورية... فهاهو "الحليف" الروسي - مثلا - الذي أسقط "بضربة فيتو" مشروع قرار مجلس الأمن الدولي الذي يدين جرائم النظام السوري ويطالبه بتطبيق مبادرة الجامعة العربية... ها هو يعود ويلقي بالكرة في شباك الدول الغربية... "ان الدول الغربية وعبر تحريضها المعارضين السوريين على أعمال متعنتة هي شريكة في تأجيج الأزمة" - يقول سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي في تصريح لوكالة "ايتارتاس" الروسية بتاريخ أمس الجمعة -... وذلك قبل أن يضيف "لذلك فالمسؤولية تقع على الذين لديهم تأثير على المعارضة السورية ويعجزون عن كبحها ومطالبتها بأن تقبل اقتراح الحكومة السورية البدء بحوار فعلي" ... أما "الخصم" التركي الذي طالما تزعم "جبهة" الأطراف الدولية المتشددة تجاه نظام بشار الأسد وجرائمه البشعة في حق المدنيين من أبناء الشعب السوري ... ها هو بدوره "يلين" - نسبيا - من خطابه السياسي ويعلن على لسان وزير الخارجية أحمد داوود أوغلو أن تركيا ترغب - وربما ترتب - لاستضافة "مؤتمر دولي يضم أصدقاء سوريا لبحث الأزمة الراهنة فيها" (لاحظوا عبارة "أصدقاء سوريا") ماذا يعني هذا وما هي دلالاته..؟ قد يكون يعني أن "ساعة" حل الأزمة السورية قد أزفت بالفعل وأن هناك توافقا دوليا على ضرورة أن يكون هذا الحل سياسيا وليس عسكريا على اعتبار أن الحل السياسي هو الكفيل وحده بوضع حد لحمام الدم في سوريا وانقاذ الشعب السوري من دموية الآلة القمعية لنظام بشار وتجنيب المنطقة حالة حرب قد لا يمكن التحكم في مآلاتها وتداعياتها اقليميا وأيضا حفظ ماء وجه النظام البعثي و"تشجيع" رموزه على المغادرة والتنحي، ولو على مراحل وبضمانات.