تونس تحتفل بعيد الشغل العالمي وسط آمال عمالية بإصلاحات تشريعية جذرية    دوري ابطال اوروبا.. التعادل يحسم مباراة مجنونة بين البرسا وانتر    شهر مارس 2025 يُصنف ثاني الأشد حرارة منذ سنة 1950    يظلُّ «عليًّا» وإن لم ينجُ، فقد كان «حنظلة»...    الاتحاد يتلقى دعوة للمفاوضات    تُوّج بالبطولة عدد 37 في تاريخه: الترجي بطل تونس في كرة اليد    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    قضية مقتل منجية المناعي: إيداع ابن المحامية وطليقها والطرف الثالث السجن    رحل رائد المسرح التجريبي: وداعا أنور الشعافي    القيروان: مهرجان ربيع الفنون الدولي.. ندوة صحفية لتسليط الضوء على برنامج الدورة 27    الحرائق تزحف بسرعة على الكيان المحتل و تقترب من تل أبيب    منير بن صالحة حول جريمة قتل المحامية بمنوبة: الملف كبير ومعقد والمطلوب من عائلة الضحية يرزنو ويتجنبو التصريحات الجزافية    الليلة: سحب مع أمطار متفرقة والحرارة تتراوح بين 15 و28 درجة    عاجل/ الإفراج عن 714 سجينا    عاجل/ جريمة قتل المحامية منجية المناعي: تفاصيل جديدة وصادمة تُكشف لأول مرة    ترامب: نأمل أن نتوصل إلى اتفاق مع الصين    عاجل/ حرائق القدس: الاحتلال يعلن حالة الطوارئ    الدورة 39 من معرض الكتاب: تدعيم النقل في اتجاه قصر المعارض بالكرم    قريبا.. إطلاق البوابة الموحدة للخدمات الإدارية    وزير الإقتصاد يكشف عن عراقيل تُعيق الإستثمار في تونس.. #خبر_عاجل    المنستير: إجماع خلال ورشة تكوينية على أهمية دور الذكاء الاصطناعي في تطوير قطاع الصناعات التقليدية وديمومته    عاجل-الهند : حريق هائل في فندق يودي بحياة 14 شخصا    الكاف... اليوم افتتاح فعاليات الدورة العاشرة لمهرجان سيكا جاز    السبت القادم بقصر المعارض بالكرم: ندوة حوارية حول دور وكالة تونس إفريقيا للأنباء في نشر ثقافة الكتاب    عاجل/ سوريا: اشتباكات داخلية وغارات اسرائيلية وموجة نزوح..    وفاة فنانة سورية رغم انتصارها على مرض السرطان    بمناسبة عيد الإضحى: وصول شحنة أغنام من رومانيا إلى الجزائر    أبرز مباريات اليوم الإربعاء.    عملية تحيّل كبيرة في منوبة: سلب 500 ألف دينار عبر السحر والشعوذة    تفاديا لتسجيل حالات ضياع: وزير الشؤون الدينية يُطمئن الحجيج.. #خبر_عاجل    الجلسة العامة للشركة التونسية للبنك: المسيّرون يقترحون عدم توزيع حقوق المساهمين    قابس: انتعاشة ملحوظة للقطاع السياحي واستثمارات جديدة في القطاع    نقابة الفنانين تكرّم لطيفة العرفاوي تقديرًا لمسيرتها الفنية    زيارات وهمية وتعليمات زائفة: إيقاف شخص انتحل صفة مدير ديوان رئاسة الحكومة    إيكونوميست": زيلينسكي توسل إلى ترامب أن لا ينسحب من عملية التسوية الأوكرانية    رئيس الوزراء الباكستاني يحذر الهند ويحث الأمم المتحدة على التدخل    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    ابراهيم النّفزاوي: 'الإستقرار الحالي في قطاع الدواجن تام لكنّه مبطّن'    القيّمون والقيّمون العامّون يحتجون لهذه الأسباب    بطولة إفريقيا للمصارعة – تونس تحصد 9 ميداليات في اليوم الأول منها ذهبيتان    تامر حسني يكشف الوجه الآخر ل ''التيك توك''    معرض تكريمي للرسام والنحات، جابر المحجوب، بدار الفنون بالبلفيدير    أمطار بكميات ضعيفة اليوم بهذه المناطق..    علم النفس: خلال المآزق.. 5 ردود فعل أساسية للسيطرة على زمام الأمور    بشراكة بين تونس و جمهورية كوريا: تدشين وحدة متخصصة للأطفال المصابين بالثلاسيميا في صفاقس    اغتال ضابطا بالحرس الثوري.. إيران تعدم جاسوسا كبيرا للموساد الإسرائيلي    نهائي البطولة الوطنية بين النجم و الترجي : التوقيت    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    في جلسة ماراتونية دامت أكثر من 15 ساعة... هذا ما تقرر في ملف التسفير    ديوكوفيتش ينسحب من بطولة إيطاليا المفتوحة للتنس    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    شحنة الدواء العراقي لعلاج السرطان تواصل إثارة الجدل في ليبيا    الميكروبات في ''ديارنا''... أماكن غير متوقعة وخطر غير مرئي    غرة ذي القعدة تُطلق العد التنازلي لعيد الأضحى: 39 يومًا فقط    تونس والدنمارك تبحثان سبل تعزيز التعاون في الصحة والصناعات الدوائية    اليوم يبدأ: تعرف على فضائل شهر ذي القعدة لعام 1446ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



متى يذوب الجليد بين الحكومة والمناطق المعزولة؟
ملف الاسبوعي - أجواء ساخنة ودم بارد

- ما تزال عديد المناطق المنكوبة من الشمال الغربي تعاني من العزلة وتعيش أوضاعا مأساوية رغم جهود الإغاثة التي تواصلت منذ الجمعة الماضي بالتنسيق بين لجنة مجابهة الكوارث والأطراف المتداخلة.
«واد الزان»، «الغرة»، «الحمران»، «دار فاطمة»، «بحيرة الزيتونة»، «الرواعي»، «المعلمية»، «عين سلام»، «العوامرية»، «سيدي يوسف» كلها مناطق بعين دراهم مازالت ترزح تحت الثلوج، ولم تتمكن جهود الإغاثة من الوصول إليها وفك عزلتها بل إنه تمّ إمدادها بالإعانات بواسطة الطائرات المروحية.. مازالت هذه القرى تتذوق المرارة ولا أحد يعلم ما تعانيه من مأساة لتتعمق إزمتها أكثر مع موجة البرد الثانية التي ستزيد متساكنيها عذابا وألما خصوصا في ظل معاناتها من الفقر والتهميش.
وتتزايد المخاوف أكثر مع الموجة الثانية للبرد التي حذر منها المعهد الوطني للرصد الجوي منذ أيام بعد صيحات الفزع التي أطلقها الخبراء والمختصون الذين حذروا من إمكانية حصول فيضانات بعد ارتفاع منسوب المياه بمختلف السدود التي أصبح بعضها عاجزا على استيعاب المزيد من كميات المياه وهو ما يجعل كل السيناريوهات متوقعة إثر ذوبان الثلوج خصوصا أن الجزائر تشهد هي الأخرى موجة برد شديدة وتساقطا للثلوج مما يصعب أكثر مهمة الحلول الكفيلة بتفادي فيضانات بعض الأودية والسدود.
«الأسبوعي» حاولت رصد الأوضاع من جوانبها المختلفة وما يمكن أن يترتب عنها من سيناريوهات من خلال هذا الملف.

في ظل «تفاجئ» الحكومة
ثلوج عزلت مناطق... ووضع إجتماعي متأزم
سبب تساقط الثلوج بكثافة - بكيفية لم تعهدها بلادنا منذ سنين - عزلا للعديد من المناطق التي تعاني بطبعها من التهميش بل وتفتقر لأبسط مقومات الحياة الكريمة. و تضرّر قاطنو هذه المناطق المحرومة لنقص في المواد الأساسية كالحليب والغاز والأدوية والأغطية وغيرها.
لقد أثار تعامل الحكومة مع موجة البرد الشديد رغم تحذير المعهد الوطني للرصد الجوي بحدوث تساقط كثيف للثلوج في الجهات المنكوبة انتقادات كثيرة لتأخر تحرك الهياكل المعنية ولعدم توفير الإمكانيات و التجهيزات اللازمة لتخفيف معاناة أبناء هذا الوطن حيثما وجدوا.
لقد عرفت تونس خلال 60 سنة الأخيرة نزول الثّلوج على فترات زمنيّة متفاوتة و شهدت العاصمة نزول الثّلج يومي 8 و9 فيفري 1981، وسجّلت حينها 8 درجات تحت الصّفر بمدينة تالة ؛ وشهدت سنتا 1995 و1999 أيضا أيّاما شديدة البرودة في تالة والكاف، وعرفتا نزولا للثلوج فيما تميّزت بعض السنوات الأخرى تساقط الثلوج بشكل محدود ونزول البرد. وفي 2012 كان التساقط على غير العادة كما كان التدخل دون المأمول حسب كثيرين.
تحذير من الرصد الجوي
حذر المعهد الوطني للرصد الجوي كل الجهات المعنية وعلى رأسها الحكومة الحالية من مخاطر تساقط كميات الثلوج والبرد في مناطق عدة من البلاد وذلك من باب الاستعداد الجيد لأي طارئ قد يحدث عبر تسخير كل الإمكانيات المتاحة و الضرورية لكن ذلك لم يتم بل وقع التقليل من التوقعات المرصودة من المعهد الذي يرتكز عمله على جمع وتحليل وتفسير المعطيات المرصودة من قبل مختلف محطات الرصد الجوي وكذلك تحليل الصور الملتقطة عبر وسائل الاستشعار عن بعد (الأقمار الاصطناعية والرادار) ؛ زيادة على ذلك يعتمد هذا الميدان على تحليل نتائج النماذج العددية لتوقعات الطقس.
الاعلام وخارطة الطريق
أما الاعلام فكان ععادته سباقا في التحذير والتواجد في المناطق المنكوبة لينقل المعاناة بالصورة والمصدح وبالحبر ومثلت تدخلاته خارطة طريق في بعض الأحيان للحكومة.
كما اختار رواد المواقع الالكترونية خاصة المواقع الاجتماعية (الفايس بوك و التويتر) نقل الحدث وتبليغه للرأي العام و للجمعيات الخيرية لإعداد العدة والتوجه إلى هذه المناطق خاصة المعزولة منها عبر نقل للحدث بالصوت و الصورة وإظهار معاناة الناس العجز منهم والأطفال الصغار وأصحاب الأمراض المزمنة التي تحتاج إلى دواء عاجل تعذر على الحكومة إيصاله لهم بشتى السبل.
تصريحات ووعود
كانت تصريحات أغلب مسؤولي الحكومة باختلاف رتبهم الإدارية ومناصبهم منذ بداية موجة البرد محتشمة ومع تأزم الوضع على الأرض وقع الاتفاق بين اغلبهم حول محدودية وسائل التدخل والتجهيزات على المستوى الجهوي بالإضافة إلى غياب اتخاذ القرارات الضرورية وهو ما أعاق عمليات التدخل و النجدة. كما أكدوا وصول العديد من التجهيزات قريبا على غرار إقرار توفير 19 آلة كاسحة وجارفة و5 سيارات إسعاف من الولايات المجاورة. لكن لا تزال عمليات المسح وعمل الجرّافات وإيصال المساعدات بطيئة بل إن هناك مناطق معزولة تماما يعسر الوصول إليها في انتظار وصول النجدة.
ج.ف

الجمعيات على الخط
في ظل غياب الدولة منذ انطلاق سقوط الثلج بكثافة وانعزال المناطق تواجدت الجمعيات الخيرية بقوة على الأرض وكانت سباقة إلى تجميع المساعدات العينية و المادية وتحميلها إلى المنكوبين ومن بينها جمعية «مرحمة» التي تأسست في سبتمبر من السنة المنقضية حيث أرسلت 3 قوافل إنسانية إلى تالة منذ تعكر الحالة الجوية . و تواجدت في عين دراهم منذ أسابيع لتقديم المساعدات من أغطية ومأكل وملبس وأدوية وغيرها من المستلزمات الضرورية متأتية من الناس. و في هذا الصدد فقد أكد مصدر بالجمعية ل»الأسبوعي» أن قيمة المساعدات المرسلة منذ تأزم الوضع بهذه الجهات قد بلغت 100 ألف دينار. وأضاف مصدرنا أن القوافل مستمرة إلى الجهات المنكوبة.
ومن بين الجمعيات الأخرى العاملة على الأرض جمعية «كلنا توانسة» حيث تقول رئيستها صباح فارس العجمي :»نركّز في عملنا في جمعية «كلنا توانسة» وهي بالمناسبة جمعية خيرية إسعافية واجتماعية على مناطق الشمال الغربي رغم أننا نظمنا قوافل مساعدات إنسانية إلى الجنوب تحديدا منطقة الذهيبة. لقد عملنا سابقا في مجازالباب إبان الفيضانات لمساعدة المرضى وذوي الاحتياجات الخصوصية. لقد نظمنا أمس قافلة إنسانية إلى عين دراهم محملة بالأغطية والمأكل الملبس.» وعند سؤاله عن كيفية التنسيق مع أشخاص من أهالي تلك الجهات لمعرفة أهم المستلزمات ولتسيير وصول القوافل الإنسانية أجابت محدثتنا بالقول:»نقوم بالتنسيق مع معارفنا من الأساتذة والمعلمين المتواجدين على عين المكان.».
ج.ف

حاضرة في الأزمة
قطر على الخط عبر الجزيرة
في إحدى الندوات الصحفية لوزير حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية والناطق الرسمي باسم الحكومة سمير ديلو وعند أخذه المصدح لسؤال الوزير أبلغ مراسل الجزيرة نداء استغاثة لأهالي عين دراهم مضمونة الوصول إلى الحكومة وقد طمأن الوزير الصحفي أنها وصلت واكتفى بذلك دون توضيح لسبب تأخر الدولة في اتخاذ الإجراءات المناسبة بعد الاستئناس برأي وتحذير المعهد الوطني للرصد الجوي. في المقابل أسهب ديلو في ذكر دوافع الحكومة في اتخاذ قرار طرد السفير السوري أو القائم بالأعمال .
وفي سياق آخر، حضرت مشاهد المعاناة في كل نشرات الجزيرة اليومية على مدار 24 ساعة بل وكانت من أبرز الأحداث يومها. ولم تقف قطر على الاستعانة ب»أداتها الناعمة « للحديث عن تونس بل أعلنت عن إرسال 3 طائرات محملة بالمساعدات إلى المناطق المنكوبة.
ج.ف

حتى لا تتكرر فضيحة فرنسا 2003
لقي نحو 15 ألف شخص مصرعهم نتيجة موجة الحر التي ضربت فرنسا خلال الأسبوعين الأولين من شهر أوت عام 2003. وقد جاء ذلك نتيجة غياب التحضير والتنسيق بين الجهات المعنية. فبالرغم من أنّ مصالح الرصد الجوية توقعت موجة حرّ عارمة، فإنّ السلطات الفرنسية لم تتجهز لكارثة بهذا الحجم.
وقد وصلت درجات الحرارة إلى 40 درجة مئوية مما أودى بحياة الآلاف من الفرنسيين العجّز الذين قضوا في شققهم، خاصة أنّ المباني في فرنسا كانت مصمصة بشكل يحفظ الحرارة.
وقد اتهمت السلطات الفرنسية حينها بتقاعسها إزاء التعامل ما وصف ب»زلزال حراري»، ما أدى إلى استقالة لوسيان أبنهايمن المدير العام للصحة، كما تصاعدت الانتقادات الموجهة للرئيس جاك شيراك آنذاك من جانب اليسار لصمته إزاء الأزمة، إذ لم يتوجه شيراك إلى الشعب بخطاب إلا بعد أسبوعين من انتهاء الأزمة، بعد عودته من عطلته. و قد أعلن الرئيس الفرنسي على خلفية ذلك مراجعة خدمات الوقاية والإنذار إلى جانب خدمات الإنقاذ والطوارئ.
أروى الكعلي

تعامل الحكومة مع الأزمة
نقائص... وضع مزر... شراء آلات كاسحة للثلج أكثر نجاعة وسيناريوهات لإجلاء المواطنين
لاشك أن تعامل الحكومة مع الأزمة قد عرف نوعا من التأخر من حيث التدخل حتى باغتت الكميات الكبيرة من الثلوج الجميع سواء كان سكان المناطق المتضررة أو جهود التدخل وقد لاقت هذه الجهود انتقادات نتيجة عدم تلقي الدعم من الادارات المركزية منذ البداية.
ولمعرفة حقيقة ما حدث بيّن وزير التجهيز محمد سلمان ل«الأسبوعي» أن التدخلات لم تتأخر حيث انطلقت الأشغال منذ يوم السبت قبل الماضي الموافق للمولد النبوي الشريف ولولا تدارك الأمور على المناطق الحدودية بعين دراهم لكان الوضع أسوأ كما قال «موجة البرد تزامنت مع وجود عدد من السياح الذين جاؤوا لزيارة المنطقة وخلقت كثافة على الطريق مما صعب عمليات التدخل لازاحة الثلوج وبدأت العملية تزداد صعوبة لأن سواق المعدات اضطروا للتراجع والدخول من مسالك أخرى في الاثناء كانت كميات الثلوج التي نزلت غير متوقعة وكثيفة وقد رابط المسؤولون والعملة على امتداد الأيام الاخيرة للتنسيق لكن هذا لا يعفيني من القول أنه خلال عطلة نهاية الأسبوع المنقضي لم نتمكن من التنسيق مع باقي الأطراف المتدخلة مثل وزراتي الفلاحة والدفاع الوطني ومنذ الاثنين المنقضي تم تحديد المسؤوليات في اجتماع وزاري..».
الأسطول...الحماية المدنية والمعدات
ورغم أن وزارة التجهيز قد كونت ثلاث خلايا للمراقبة والتنسيق والتزويد فإن كميات الثلوج المتهاطلة كانت كبيرة ولم يمهل نزولها المتواصل والمترابط المعدات التي تعمل على تنظيف الطرقات، على أن كل ذلك لم يمنع من توجيه انتقادات لهذه الوزارة من حيث ضعف أسطول المعدات وكذلك عدم تمكين مصالح الحماية المدنية بالمكان من المعدات اللازمة من الإدارة المركزية بالسرعة المطلوبة لكن للوزير رأي مخالف عندما يقول:« لدينا الآلات الماسحة بما فيه الكفاية لكن لا يمكن وضع عدد كبير منها على ذمة الولايات وفي الآن ذاته كانت تدخلاتنا فورية فقد خصصنا معدات الولايات التي لم يشملها تساقط الثلوج للمناطق التي اجتاحتها موجة البرد ونعني بذلك سليانة وجندوبة والقصرين وبعثنا بمعدات من الادارة المركزية للكاف.. والآليات متوفرة بالادارة المركزية لمجابهة الحرائق صيفا والثلوج شتاء ونحن دائما متهيئون ..وحتى الحماية المدنية تواجد معها منذ الأحد قبل الماضي مدير المعدات وحدث التنسيق وعندما لاحظنا الحاجة للمزيد من المعدات عولنا على مجهود القطاع الخاص واستعنّا بمعدات المقاولين الذين استجابوا للطلب..
لولا... لكن..!
بقي التساؤل الذي يطرح نفسه هل كانت هذه المناطق ستمر بجانب الحدث لو لم يتواجد السياح الذين حاصرتهم الثلوج ومثلوا أداة ضغط وكانوا وراء نداءات الاستغاثة الصادرة من عين دراهم.. وألا يفرض ما حدث على الحكومة مراجعة خارطة الطرقات وحالتها الرديئة في مثل هذه المناطق بالاضافة الى المسالك الفلاحية خاصة أن التجمعات السكنية الصغيرة المحيطة عزلت تماما عن المدن؟
إجابة وزير التجهيز كانت نافية عندما قال:«نحن مهتمون بهذه المناطق وكنت سابقا كاهية مدير الطرقات وكلما كانت هناك حاجة للتدخل الا وقمنا بذلك لكن طبيعة التضاريس في المناطق الجبلية مثل عين دراهم لا تسمح باعداد طريق سريعة ومثل الطريق الوطنية عدد17 موجودة حتى في أوروبا بالمناطق الوعرة ما عدا ذلك فإن تعصير هذه الطريق قائم الذات وعلى هذا الأساس بقي شغلنا الشاغل في مثل هذا الوقت هو جعل هذه الطريق مفتوحة باستمرار خاصة خلال موجة البرد وتساط الثلوج باعتبارها المدخل الوحيد لمدينة عين دراهم الرابط بينها وبين جندوبة لتأمين الحركة والتزويد خلافا لمناطق أخرى لها مداخل متعددة لكن بخصوص التجمعات السكنية المتاخمة والمنتشرة في المنطقة فإنه يصعب على وزارتنا دخولها .
ومثل هذه المسالك مستعصية علينا حتى في الحالات العادية فما بالنا عندما تتساقط الثلوج لذلك يتكفل الجيش الوطني بدخولها..
كشف المستور
ولاشك أن موجة البرد كشفت العديد من النقائص ووضعت الحكومة في موقف محرج تجاه سكان المناطق المتضررة مما يملي عليها التفكير في المستقبل وهنا يقول وزير التجهيز:«على مستوى المستقبل سنواصل متابعة الأحوال الجوية ونبقى على نفس درجة اليقظة مع تكثيف المعدات والحذر حتى نؤمّن فسح المجال في الطرقات لضمان التزويد وكخطّة عملية سنسعى الى شراء معدات أخرى أكثر نجاعة مثل كاسحات الثلوج المعتمدة في أوروبا بما يحسّن مردودية التدخلات مع تعميم تجربة استعمال الملح لاذابة الثلوج في الطرقات...»
مناطق مهمشة تاريخيا
موجة برد شديدة كشفت مدى التهميش الذي تعيشه جل مناطق الشمال الغربي وخاصة منها التي اجتاحتها الثلوج بكميات كبيرة على غرار عين دراهم ومكثر وكسرى وزاد في شدة اللوم على أداء الحكومة التي لم تصل بعد الى أعماق هذه المناطق المحرومة وهنا يقول خليل زاوية وزير الشؤون الاجتماعية :«كان من المفروض علينا أن تصل الاعانات للمناطق المذكورة في وقتها لكن عدة ظروف حالت دون ذلك فانقطاع التيار الكهربائي مثلا زاد في تعقيد الأمر حيث حرم الناس من التنوير ومن التزود بالماء الصالح للشراب في عين دراهم كما أن المسالك الفلاحية يصعب الوصول إليها وبالتالي هناك وضعيات موضوعية لا تتطلب وقاية مسبقة..».
سيناريوهات
ويواصل الوزير حديثه عن حجم الانتقادات التي تضاهي حجم الثلوج التي نزلت وأكثر أحيانا قائلا: «عين دراهم ومناطق أخرى بالشمال الغربي تاريخيا مهمشة والمشكل أن الفقر تفاقم مع موجة البرد لكن يجب أن نعلم بأن كميات الثلوج التي تساقطت غير معتادة فضلا عن عامل المباغتة الذي عكر الوضع»..
ويبقى الحديث عن المستقبل في مثل هذا الظرف الأجدى بعد أن حصل ما في الصدور حيث تعترف الحكومة وخاصة وزارة الشؤون الاجتماعية أن موجة البرد التي تجتاح البلاد كشفت عديد الحقائق والوضعيات المزرية حيث يقول خليل زاوية:« لابد من تركيز شبكة كهربائية لا يمكن أن تؤثر فيها موجة البرد وبعث أماكن ايواء مؤقت تحسبا لأي طارئ...وعلينا التفكير في سيناريوهات اجلاء مؤقت لأن المشكل الذي اعترضنا هو عدم القدرة على ايصال الاعانات للتجمعات السكنية المعزولة إذ من المفترض تحديد استراتيجية واضحة يتم من خلالها اجلاء المواطنين والعائلات في مؤسسات عمومية تتوفر فيها كل المرافق لتجنب كل أخطار محتملة..».
ع.ح.ع

حماية مدنية... ستاغ وصوناد
بشهادة الأغلبية كانت الحماية في الصفوف الأمامية منذ ظهور بوادر موجة البرد الشديد وقامت بما في وسعها رغم ضعف الامكانيات أحيانا.. ولولا تدخلاتها العاجلة والناجعة لإنقاذ بعض المتساكنين الذين تعكرت حالتهم الصحية أو أولئك الذين «طمروا» بين ركام المنازل التي سقطت مع تساقط الثلوج لكانت الكارثة أكبر.
من جهة أخرى ، إذا كان جديرا بنا التنويه بسائقي الكاسحات والماسحات الذين كانوا جنود الخفاء المرابطين ليلا نهارا على الطرقات فإنه يجدر التنويه أيضا بمصالح «الستاغ» التي تحدت بدورها العوامل المناخية الصعبة وأعادت ربط المناطق المتضررة من موجة الثلوج بالكهرباء بعد تضرر الشبكة وتسجيل خسائر فادحة.
تماما مثل مصالح «الصوناد» التي كانت مرتبطة «عضويا» «بالستاغ» لاعادة تشغيل مضخات الماء الصالح للشراب حتى لا يكتوي المواطن ببرد الثلوج ويضطر الى شرب مائه خاصة وأن السواد الأعظم من أهالي المناطق المتضررة خلال الأيام الأولى للأزمة اضطروا لتذويب الثلوج وشرب مائها بعد انقطاع الماء الصالح للشراب.

«التضامن» سباق ولكن...!
توجّهت خلال الفترة المتراوحة بين 31 جانفي و8 فيفري الجاري مجموعة من الشاحنات والطائرات المحملة بمساعدات الاتحاد الى المناطق المعزولة تتمثل في 65 طنا من المواد الغذائية وأكثر من 20 ألف قطعة من الألبسة الصوفية للأطفال وكبار السن و700 ألف لتر زيت نباتي و11 ألف غطاء صوفي.
وينسق الاتحاد مع وحدات الجيش الوطني والحماية المدنية لتوفير كل ما يحتاجه المواطنون بين 5500 خبزة ومواد غذائية من الحليب ومشتقاته وحفاظات للاطفال الى جانب قوارير من المياه المعدنية الى معتمدية عين دراهم..
ويعتبر الاتحاد التونسي للتضامن سباقا إذ عمل قبل صدور بلاغات التحذير عن مصالح الرصد الجوي على إرسال المساعدات فمنذ 31 جانفي كانت الشاحنات تنقل هذه المساعدات الى ولايات جندوبة والكاف وزغوان وسليانة والقصرين وباجة وعندما تعطلت الطرقات نسق الاتحاد مع الجيش الوطني لإرسال هذه المساعدات عبر الطائرات أما بخصوص المناطق التي لم تتلق هذه المساعدات بصفة منتظمة فيعود ذلك الى استحالة دخول المسالك المؤدية اليها وبالتالي فإن الثغرات التي قلصت من نجاعة المد التضامني وايصال المعونات تعود الى ظروف مناخية قاهرة وارتباك بين الاطراف المتدخلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.