ابراهيم البهلول فنان تونسي ظل منذ ظهوره في الساحة الفنية يمثل حالة خاصة جدا في المشهد الموسيقي والفني في تونس وفي الوطن العربي.. أعماله الفنية ترتكز دائما على تقنيات حديثة وايقاعات شكلت الوجه الانساني والحضاري لشعوب شمال القارة الافريقية،، ولكنها كانت دائما تحاكي العصر من غير الذوبان فيه.. علاوة على ذلك فان ابراهيم البهلول متعدد المواهب. من الصورة الفوتوغرافية والفيديو الى التسجيل الصوتي والتدوين،، ومن الفنون التشكيلية الى هوس كبير لا يوصف بالآلات الموسيقية والاهتمام بها الى درجة العشق والوله،، حتى انه قام بمبادرات متنوعة كالعروض الموسيقية.. علاوة على مشاركته في تأسيس بعض التظاهرات لحفظها من التلاشي والاندثار.. ولعل آخر هذه المحاولات تأسيسه لتظاهرة جديدة عنوانها الكبير» الملقى» ستنطلق يوم 20 افريل المقبل بمدينة الكاف وستمتد لثلاثة ايام... حول هذه التظاهرة وقضايا الموروث الغنائي والموسيقي التونسي التقته «الصباح «فكان هذا اللقاء.
كيف جاءت فكرة بعث هذه التظاهرة؟
هذا المشروع هو نتاج لحلم راودني منذ ما يقارب عن الخمسة والعشرين عاما وتحديدا منذ سنة 1988 نظرا لحبي الشديد الى درجة العشق للايقاع. وأنت تلاحظ طوال مسيرتي الفنية أن جل اختياراتي الموسيقية تعتمد الايقاع بالأساس وهذا ليس اختيارا ذوقيا بقدر ما هو دراسة مبنية على منهجية علمية وعن أصول الايقاعات. وأين كنت طوال أكثر من عقدين لتنفيذ حلمك وتجسيمه على أرض الواقع؟ لقد عانيت طويلا من التهميش واللامبالاة خاصة وأننا كنا نعيش في وضع سياسي يعتمد على نوعية متردية من الثقافة حيث كان النظام البائد ينظر الى كل ما هو قيم وراق وجاد ويضيف للناس شيئا نظرة سطحية مبتذلة وفي المقابل يخصص الفضاءات والميزانيات ووسائل الاعلام لأشباه المثقفين ومرتزقة الفنون..
ما هي تفاصيل تظاهرة «الملقى»؟
«الملقى» ليس مهرجانا بالمفهوم المتداول ولا هو بالملتقى انما هو موعد يجمع كل المهتمين بفن الموسيقى الايقاعية لتبادل الأفكار والتجارب والاحتكاك من خلال العروض الموسيقية التي تنقسم الى قسمين أولهما موسيقى المجموعات وثانيهما العزف المنفرد، ومع هذه العروض سيقع تتويج أحسن عمل موسيقي ايقاعي ضمن مسابقة من أهم شروطها أن يكون العمل جديدا غير متداول للحث على عملية الخلق التي نحتضنها في هذه التظاهرة ونتيح أمامها الفرصة للعرض والتتويج.. ومن جهة أخرى سيتضمن»الملقى» عدة ورشات ذات اختصاصات مختلفة من الايقاعات الموسيقية كما سيقع تشريك أساتذة مختصين من تونس وأيضا من عدة بلدان مثل ليبيا وفرنسا وايطاليا.. وكل واحد من هؤلاء مختص بآلة موسيقية معينة.. وستنتظم لقاءات بين المبدعين والأساتذة مع بث بعض الأشرطة الوثائقية حول الموسيقى الايقاعية في تونس وفي العالم. وأستغل الفرصة لأتوجه بالشكر الى المندوبية الجهوية للثقافة بالكاف على دعمها لنا ليتحول حلم الأمس الى واقع ملموس سيتم تجسيمه انطلاقا من يوم 20 أفريل المقبل ليتواصل على مدى ثلاثة ايام.
ولماذا اخترت مدينة الكاف بالذات لاقامة هذه التظاهرة؟
لأن كل المدن الكبرى مثل تونس وسوسة والحمامات وصفاقس وغيرها.. تحتضن تقريبا جل التظاهرات.. واختيارنا لمدينة الكاف هو محاولة لخلق لامركزية ثقافية.. علاوة على ذلك فمدينة الكاف تعتبر أرضية خصبة لمثل هذه النوعية الموسيقية الى جانب استهدافنا تحفيز الذاكرة الشعبية وأهميتها عند الموسيقيين الأكادميين وهي فرصة لتدعيم المشهد الثقافي والسياحي بهذه الجهة وغيرها من المدن التي عانت طويلا من الحرمان والتهميش. كما أننا نطمح وانطلاقا من هذه التظاهرة التي تقام لأول مرة في تونس وحتى على المستوى الدولي الى انتاج عمل فني سنتحول من خلاله الى بقية مدن الجمهورية لاقامة بعض العروض وخاصة في المناطق المحرومة.